مصدر الصورة: النهضة نيوز
إنطلقت شرارة الثورة في العراق فجأة، وهو الذي لم يهدئ يوما منذ غزو الولايات المتحدة الأمريكية، ثم إنفجر الشعب اللبناني بعد فرض ضريبة على تطبيق “واتساب”، كي لا يكون شيء متبقي بعد ذلك للمواطن اللبناني دون ضرائب سوى “الأوكسجين”، فكان هذا الغضب الشعبي متوقعا.
حسابات إقليمية
الدول الإقليمية التي تتدخل في الملف اللبناني بالأوقات الهادئة وبالتأكيد لن تتركه في الأوقات العاصفة، خاصة وأن هناك من يريد الانتقام من لبنان منذ حرب تموز2006، ولذلك تحاول الدول المناهضة لإيران وفي مقدمتها إسرائيل، تحويل حقيقة المشهد اللبناني وتصويره في الإعلام على أنه ثورة ضد حزب الله. بينما تسعى السعودية لحرق الكل معا، بمعنى حرق العدو الدائم ألا وهو حزب الله، وحليف الأمس ومن صار عبئ عليها ألا وهو سعد الحريري، الذي بات مفلسا سياسيا أمام السعودية فإنتهى أمر شركته “سعودي أوجيه” ومن ثم قناة وجريدة المستقبل بالإفلاس المادي، بعد أن استبدلت الرياض كارت سعد الحريري المحروق (قبل أن تحتجزه بأراضيها) برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كي يكون هو الورقة الجديدة لدى الرياض في الملعب اللبناني، وبعد أن دخلت باريس وقت إحتجاز الحريري في الرياض للملعب اللبناني وعلى خط الفريق السني بها، وهو الفريق الذي كانت رعايته حصرية للرياض بعد “إتفاق الطائف” الطائفي.
خطوة إستباقية
ولذلك وبعد الساعات الأولى من المظاهرات خرج سمير جعجع بتصريحات نارية تطالب بإستقالة الحكومة (وكأنه ليس منها)، قبل أن يحمّل المسؤولية لحزب الله، بالتزامن مع استقالة وزرائه من الحكومة، دون تقديم أي حلول أو مقترحات، فجعجع لم يتفاجئ بالتظاهرات كغيره، وجائت كل خطواته كفعل وليس ردة فعل، فخطواته جائت إستباقية لترفع من سقف مطالب الجماهير والحرج لدى الحكومة.
الشعب يطالب الحكومة الفاشلة الفاسدة بالرحيل، وهذا حقه وهي بالفعل فاشلة وفاسدة، ولكن قد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى حرب أهلية، فالقيادات السياسية اللبنانية بذلك البلد الطائفي هم رجال سياسة ودين في نظر أتباعهم، فتخيلوا تأثير رحيل أي من القيادات اللبنانية السياسية سواء كانت شيعية أو سنية أو مارونية على الداخل نفسه وعلى أتباعهم وردة فعلهم.
خلاصة القول، إن الشعب اللبناني وحده دون كل الطبقة السياسية والأحزاب التي تتاجر به يدفع فواتير بالجملة بداية من الطائفية والمذهبية، مرورا بفساد الحكام والمسؤولين، وصولا لتدخل أغلب دول الإقليم في شؤونه الداخلية، ولا ينتظره أي نهاية سعيدة في ظل إستمرار شلل مؤسسات الدولة بالتزامن مع عمل الأيادي الخارجية على إحداث فتنة بين أبناء الشعب نفسه، فحينها ستكون أفضل الفرضيات أسوأ مما يحدث في اليمن.
فادي عيد وهيب- باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاص لوكالة أنباء “رياليست”