طهران – (ريايست عربي): أصبحت إيران تعاني من وضع أمني هش للغاية، وذلك بسبب العديد من التحولات الداخلية والخارجية التي مرت بها الجمهورية الإسلامية في الفترة الماضية، والتي وفرت من جهة أخرى حالة من الغضب الشعبي على النظام السياسي وسلوكياته.
الأمر الذي استغلته إسرائيل جيداً، في بناء جيش من الجواسيس في الداخل الإيراني، بالشكل الذي وفّر على إسرائيل إرسال المزيد من العملاء للداخل الإيراني، من أجل تنفيذ المهام المطلوبة، سواءً تلك التي تتعلق باستهداف المواقع النووية، أو الشخصيات الإيرانية المهمة، خصوصاً العلماء النوويين أو جنرالات الحرس الثوري، إذ تشير مجمل العمليات التي نفذتها إسرائيل في الداخل الإيراني مؤخراً، أنها جاءت عبر عملاء محليين مرتبطين بالموساد الإسرائيلي، ولم يكن أي منهم إسرائيلي الجنسية، وفق المتخصص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية، فراس إلياس.
لمواجهة هذه الخروقات الاستخبارية، والتي يعود بعضها إلى عام 2000، أنشأت إيران جهاز استخباراتي جديد تحت مسمى (عقاب)، والذي عمل في إطار مكافحة التجسس المضاد، ضمن هيكلية الإطلاعات، وكانت المهمة الأساسية له، الكشف عن عمليات استخباراتية التي تستهدف الداخل الإيراني.
إلا أنه مع ذلك لا يزال الجهاز غير قادر على منع عمليات التخريب أو التجسس أو الاغتيالات التي تطال الشخصيات والعلماء الإيرانيين المهمين، ومن الأمثلة المهمة على هذا الفشل في أداء مهماته الاستخبارية، هو عدم قدرته على منع العديد من العمليات التي نفذها جهاز الموساد منذ عام 2020.
ويضاف إلى ما تقدم؛ إنه إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تقف خلف حالة الخرق الاستخباري الذي تعاني منه إيران اليوم، إلا أن هناك أسباب فنية أخرى تتعلق بطبيعة العمل الاستخباري في إيران، وتحديداً على مستوى المؤسسات الأمنية.
كما توجد هناك مؤسسات استخباراتية أخرى أبرزها؛ على سبيل المثال جهاز استخبارات قوة القدس، وجهاز الاستخبارات العسكرية J2، التابع لوزارة الدفاع الإيرانية، وجهاز استخبارات الباسيج، ووزارة الداخلية، والأمن السيبراني وغيرها.
ولم يتوقف الأمر على تعدد الأجهزة والمؤسسات الاستخبارية فحسب، بل دخلت هذه المؤسسات في حالة صراع وعدم تنسيق في كثير من الملفات، وتحديداً بين الاطلاعات واستخبارات الحرس الثوري، خلال فترة المفاوضات النووية، من خلال تنازع كلا المؤسستين تقييم مستوى الأخطار القادمة من الخارج.
خلال الشهر الماضي تعرضت إيران لخرق استخباراتي كبير تعلق بعملية اغتيال العميد بفيلق القدس حسن خدائي في طهران، الذي كان يخدم في الوحدة 840 التي تمثل غرفة العمليات الخارجية في فيلق القدس، إذ حرصت إسرائيل على اغتياله داخل سوريا، إلا إن طهران تمكنت من نقله إلى داخل الدولة.
نجح جهاز الموساد الإسرائيلي في تتبع خدائي داخل إيران عبر عملاء محليين، وتمت تصفيته أمام منزله، هذا الإصرار الإسرائيلي جاء بعد الدور الذي لعبه في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، والتي تم إرسالها لحزب الله اللبناني.
مؤخراً تمت تصفية الجنرال إسماعيل زادة وهو أيضاً عضواً في الوحدة 840، إلا إن إسرائيل لم تتبنى العملية، خصوصاً إنه وجد مقتولاً بعد سقوطه من سطح منزله، إذ ظهرت بعض المعلومات وجود من ساعد الموساد على الوصول لخدائي، وتم كشفه من قبل استخبارات الحرس الثوري.
وما يرجح هذه الفرضية، إن إسماعيل زادة اختفى بصورة مباشرة بعد اغتيال خدائي، وتشير المعلومات إلى إن استخبارات الحرس الثوري هي من أخفته، ثم إعادته إلى منزله، لتتم عملية اغتياله لتكون أشبه بعملية انتحار، وهذا ما يدل لحجم الخرق الذي تعاني منه إيران.