أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على تركيا تحت قانون “مكافحة أعداء أمريكا”، ونشرت الخارجية الأمريكية في بيان لها تفاصيل هذا القرار.
وجاء في بيان الخارجية: “تفرض الولايات المتحدة اليوم عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية في الجمهورية التركية وفقا للمادة 231 من قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (قانون كاتسا)، لمشاركتها عن علم في صفقة مهمة مع شركة روزوبورن إكسبورت، وهي الكيان الرئيسي لتصدير الأسلحة في روسيا، من خلال شراء نظام صواريخ أرض-جو (إس-400)”.
وأضاف بيان الخارجية الأمريكية: “تشمل العقوبات حظرًا على جميع تراخيص وتصاريح التصدير الأمريكية لصالح إدارة الصناعات الدفاعية وتجميد الأصول الخاصّة بالدكتور إسماعيل دمير، رئيس إدارة الصناعات الدفاعية، ومسؤولين آخرين فيها، وفرض قيود التأشيرة عليهم”
كيف يمكن أن تؤثر العقوبات الأمريكية علي تركيا؟
لا شك أن العقوبات الأمريكية علي إدارة الصناعات الدفاعية التركية تأتي في توقيت حساس للغاية بالنسبة لأنقرة، خاصة مع التصعيد الأوروبي الأخير ضدها والذي ترتب عليه فرض عقوبات إقتصادية معتدلة نوعا ما، من المنتظر أن تزداد حدتها في شهر مارس/آذار المقبل حيث من المقرر أن ينعقد فيه إجتماع للإتحاد الأوروبي لمناقشة طبيعة التعامل في المرحلة القادمة مع أنقرة.
إضافة لإستمرار أزمة كورونا التي أنهكت بشكل كبير الإقتصاد التركي، في ظل استمرار الإنهيار الملحوظ للليرة التركية والتي فقدت جزءا كبيرا من قيمتها، ومن المتوقع ايضا في الفترة المقبلة أن تتقلص المعاملات والمبادلات التجارية مع شركاء أنقرة الغربيين سواء الولايات المتحدة أو الإتحاد الأوروبي، وهما أكبر شركاء تركيا علي الصعيد الإقتصادي.
أما علي الصعيد العسكري: فمن المحتمل أن تؤثر العقوبات الأمريكية بشكل كبير علي مدي قدرة الصناعات الدفاعية التركية على الانتشار، لاسيما أن العقوبات تتضمن ايضا الجهات التي ترغب في شراء الأسلحة التركية، إذا فسيكون هناك محددات وقيود على عمليات البيع والشراء، وبالتحديد ستكون القيود أكبر على عمليات التوريد للصناعات التركية والمواد اللازمة لها والتي تأتي في المجمل من الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين.
ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات الأمريكية إلى خنق الصناعات الدفاعية في تركيا وتصغير دائرة انتشارها، وتحويلها إلى عبء على أي جهة تنوي شرائها، وبالتالي سيؤدي ذلك لإضعاف حظوظها في القدرة على المنافسة.
ما هي بدائل أنقرة للرد علي العقوبات الأمريكية؟
الخيار الأول: يتمثل في اللجوء لموسكو كرد فعل علي العقوبات المطروحة، فرغم التقارب والتفاهمات المبنية علي المصالح بين الطرفين في الفترة الأخيرة، إلا أن علاقات الجانبين لازالت محاطة بمؤشرات كبيرة من عدم الثقة، فالخلافات بينهما لاتزال أعمق من نقاط التوافق حاليا، فموسكو تنظر بحذر شديد وتعارض ما تقوم به أنقرة أولا من توغل في عمق موسكو الإقليمي في جنوب القوقاز، من خلال دعم تركيا للجماعات الإسلامية المتطرفة والقوميات التركية بها، وهو ما عانت منها موسكو كثيرا في العقود الماضية خلال حربها علي الإرهاب في الشيشان وداغستان، إضافة للتعارض التام بين الجانبين فيما يخص موقفهما من الأزمة في سوريا أو ليبيا.
الخيار الثاني: أن تتجه أنقرة لتعديل سياساتها بما يتوافق مع مطالب حلفاؤها في الناتو، وهو الخيار الأرجح في الفترة المقبلة، فأردوغان بدأ يدرك أن تركيا لن تقدر علي الصمود طويلا في وجه العقوبات الغربية المتواصلة، فناهيك عن التدهور الملحوظ في الفترة الأخيرة للإقتصاد التركي، يمكن أن تزداد الأمور سوءا خاصة مع إمكانية التنسيق بين الأوروبيين وإدارة الرئيس بايدن القادمة، حول كيفية التعامل مع أنقرة، وإمكانية فرض عقوبات أكثر حدة علي تركيا في قادم الأيام وبالتحديد بعد ما يمكن أن يسفر عنه الإجتماع الأوروبي المنتظر في مارس المقبل.
فريق عمل “رياليست”السياسة الخارجية الأمريكية