موسكو – (رياليست عربي): على ضوء التحقيقات التي بدأتها القيادة السياسية الروسية بالتنسيق مع جهاز المخابرات العسكرية الروسية وكذلك مع جهاز المخابرات الخارجية الروسية، وذلك لمعرفة أسباب التوغل الأوكراني الأخير ومعالجة أسباب تأخر ردة فعل القوات الروسية المرابطة عند المناطق الحدودية (الروسية الأوكرانية) باتجاه مقاطعة (كورسك)، وكذلك لوضع تقييم دوري للوضع الأمني والعسكري المتغير يومياً على مختلف جبهات خطوط القتال، خاصةً في مناطق العملية العسكرية الروسية (لمكافحة الإرهاب)، والتي أطلقها الكرملين الروسي مؤخراً لطرد القوات الأوكرانية التي توغلت داخل الأراضي الروسية:
- أعلنت الإستخبارات الخارجية الروسية أن الهجوم الأوكراني الأخير على مقاطعة (كورسك) الحدودية جنوب غربي روسيا الإتحادية، قد تمَّ بمشاركة وكالات الإستخبارات الأمريكية والبريطانية والبولندية، وبالتخطيط والتنسيق معهم.
- وجاء في البيان الرسمي الصادر عن الإستخبارات الروسية أن القوات الأوكرانية التي اعتدت على (كورسك) قد خضعت للتدريب في بريطانيا و ألمانيا، وأن دول حلف شمال الأطلسي تنقل لقوات كييف بيانات الإستطلاع عبر الأقمار الصناعية حول مواقع القوات الروسية في منطقة العمليات.
- وأكد بيان الإستخبارات الروسية أنه ونظراً لتدهور وضع القوات الأوكرانية على مختلف جبهات القتال باعتراف الأوكرانيين أنفسهم، الذين اعترفوا بتراجع قواتهم نتيجة فشل الهجوم الأوكراني المضاد خلال صيف العام الماضي 2023، ونقص العتاد والسلاح لديهم، فقد قام المنسقون الغربيون في الأشهر الأخيرة بالبحث مع كييف عن طريقة ما لنقل العمليات العسكرية إلى داخل الأراضي الروسية، وذلك لإثارة المشاعر المناهضة للحكومة الروسية، ولزعزعة الوضع السياسي الداخلي في المدن الروسية.
- وأكد البيان (الإحصائي) الصادر عن جهاز المخابرات العسكرية الروسية صباح اليوم الأربعاء أيضاً، أنه ومع تواصل المروحيات العسكرية الروسية لعمليات تمشيطها في المناطق الحدودية في (كورسك) ومتابعة الطائرات الهجومية والمقاتلات الروسية توجيه ضربات منتظمة لقوات كييف في العمق المحاذي لمنطقة الإعتداء الأوكراني، فقد بدأت القوات الأوكرانية تشكي من حصيلة خسائرها، حيث بلغت خسائر قوات كييف التي تحاول أن تتحصن في المناطق المحيطة لمقاطعة (كورسك) حتى مساء يوم الثلاثاء الموافق لتاريخ 20 أغسطس 2024، ما مقداره أكثر من 4130 عسكرياً، إضافةً إلى مئات الأسرى والجرحى، كما خسرت كييف أكثر من 58 دبابة ومئات المدرعات، و5 منصات للدفاع الجوي، و6 راجمات للصواريخ، من بينها 3 منظومات (هيمارس) أمريكية الصنع.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، مثل الخبير العسكري والأمني الروسي (يوري أوشاكوف) الذي يشغل حالياً منصب مساعد الرئيس الروسي في الكرملين، أن التوغل الأوكراني الأخير في (كورسك) قد بين بما لا يدعو للشك بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان محقاً عندما قال أن الغرب يحارب روسيا الإتحادية بأيدي النازيين من الأوكرانيين، خاصةً بعد أن أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن العملية الأوكرانية الجارية في منطقة (كورسك)، لا تشكل أي انتهاك للقيود الأمريكية على قدرة أوكرانيا لضرب أهداف عسكرية داخل المناطق الحدودية الروسية.
- وقد صرحت السكرتيرة الصحفية للبنتاغون (سابرينا سينغ) خلال مؤتمر صحفي في 8 أغسطس 2024، أن عملية أوكرانيا في منطقة كورسك تتفق مع السياسة الأمريكية، وأن واشنطن تدعم حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات عبر الحدود الدولية، فيما أشارت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض (كارين جان بيير) ومعها المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية (ماثيو ميلر) إلى دعم إدارة الرئيس الأمريكي (جون بايدن) لما أطلق عليه الأمريكيون (الفطرة السليمة) والإجراءات الدفاعية التي تقوم بها أوكرانيا منذ تاريخ 8 أغسطس 2024 لتعطيل وإحباط القوات الروسية وتحويل نشاط القوات الروسية جزئياً عن مناطق الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا.
- ولهذا السبب، كرر الخبير العسكري والأمني الروسي (يوري أوشاكوف) الذي يشغل حالياً منصب مساعد الرئيس الروسي في الكرملين، أن القيادة الروسية الحالية لن تتحاور بأي شكل من الأشكال مع نظام كييف الحالي، لطالما يوجد أي قوات عسكرية أوكرانية في داخل الحدود والأراضي الروسية، لأنه وخلال هذه المرحلة الراهنة من الحرب، وبالنظر إلى هذه المغامرة الأوكرانية الذي يقوم بها نظام كييف حالياً، سيكون من غير المناسب على الإطلاق الدخول في عملية تفاوضية مع الأوكرانيين، مشيراً إلى أن كل شيء فيما يتعلق بالمحادثات المحتملة بين الجانبين (الروسي و الأوكراني)، سيعتمد على الوضع في ساحة المعركة، بما في ذلك معارك مقاطعة (كورسك) المستمرة حالياً.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.