موسكو – (رياليست عربي): بعد أن أفادت وسائل الإعلام الألمانية نهاية الأسبوع الماضي بأن مكتب المدعي العام الألماني أصدر مذكرة اعتقال بحق المواطن الأوكراني (فلاديمير غ. ز)، حيث نشرت إحدى المؤسسات الإعلامية صورته، مما جعل هناك وجود إمكانية كبيرة للإثبات، أن الحديث يدور عن الغواص البحري الأوكراني (فلاديمير غورافليف) القادم إلى ألمانيا من العاصمة الأوكرانية كييف:
- كشف مدير القسم الأوروبي الثالث لدى وزارة الخارجية الروسية (أوليغ تيابكين)، أن روسيا الإتحادية رفعت مطالبات بشكل رسمي ضد ألمانيا بشأن التحقيق في انفجارات خطوط أنابيب الغاز البحرية المعروفة بإسم “التيار الشمالي”، وأنها تسعى إلى إجراء محادثات مع المسؤولين الألمان بشأن مدى وفاء وجدية ألمانيا بالتزاماتها الدولية في مجال مكافحة الإرهاب.
- وقد أكدت التقارير التي تلقتها وزارة الخارجية الروسية أن السلطات الألمانية اعتقلت أحد المشتبه بهم في الهجمات الإرهابية في بحر البلطيق، حيث تبين أن المشتبه به هو مواطن أوكراني من الذين وضعوا على قائمة المطلوبين. واستناداً إلى وسائل الإعلام الألمانية، فإن هذا التطور الأمني سيدحض ادعاءات نظام كييف الذي روَّج منذ فترة طويلة وبشكل منهجي للرواية القائلة إن هؤلاء الأفراد لم يكونوا مرتبطين بأي دولة، علماً بأن التحقيق الألماني قد يغلق التحقيق أيضاً دون تحديد هوية الجهات الحقيقية التي أصدرت الأوامر بتفجيرات التيار الشمالي، وهو ما يعني في الواقع أن ألمانيا ستترك الأمر يمر مرور الكرام بدون إجراء أي تحقيق جدي، فيما يتعلق بوضع الموقوف ودوره في الجريمة الإرهابية التي وقعت بتاريخ 26 سبتمبر 2022، حيث لم تستبعد وقتها ألمانيا والدنمارك والسويد وقوع أعمال تخريبية مقصودة.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتطوراتها اللوجيستية أمنياً وعسكرياً، مثل بعض العمليات الإرهابية التي ضربت المصالح الروسية خارج البلاد، وأهمها تفجير خط أنابيب الغاز الروسي (السيل الشمالي) نهاية سبتمبر من عام 2022، أن ورقة التحقيق في قضية السيل الشمالي باتت ورقة أوروبية تشهرها دول الجوار الأوكراني للضغط على (فولوديمير زيلنسكي) من أجل الجلوس على طاولةالمفاوضات.
- وحول هذا الأمر يؤكد المحلل السياسي والصحفي الروسي (فاسيلي ستوياكين)، المتخصص بتحليل تقارير المنشورات الغربية، أن موضوع تورط أوكرانيا في تفجير أنابيب الغاز (السيل الشمالي) بات أمراً مفضوحاً للغاية، لأن الصحافة الألمانية نشرت أسماء المشاركين المفترضين في التفجير الإرهابي الذي ضرب خطوط نقل الغاز الروسي، حيث أثبتت المنشورات بـأن هناك غواصون أوكرانيون قد قاموا بهذا الأمر، أو أنهم متورطون بهذا الأمر على أقل تقدير، وأن السلطات الألمانية يجب أن تجري معهم تحقيقات مكثفة، من أجل معرفة الكثير فيما يتعلق بتفجير خطوط الغاز الروسية الأكثر أهمية بالنسبة لقادة الكرملين الروسي وكذلك بالنسبة لقادة ألمانيا.
- وقد استشهد المحلل الروسي (فاسيلي ستوياكين) بما نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) بأن الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) وافق على خطة التخريب، أي خطة تفجير خطوط السيل الشمالي، كما نشرت الصحيفة أن (فاليري زالوجني) والذي كان قائداً للقوات العسكرية الأوكرانية، هو نفسه الذي قام بعملية التنسيق بتفجير تلك الخطوط، لكن المشكلة أن الجانب الغربي لا يريد تحقيقاً عادلاً وشفافاً في هذه القضية، والتي نشرتها أهم وسائل الإعلام الألمانية والأمريكية، وهو ما يثير سؤالاً جدياً حول أسباب نشر هذه المواد الأمنية والإستخباراتية بهذا الشكل في مثل هذه الوسائل الإعلامية ؟
- ويفيد الخبير ستوياكين أن هناك عدة أغراض من نشر هاتين المادتين الإعلاميتين حيث يمكن أن يكون الهدف الأول، هو صرف الشكوك عن تورط الولايات المتحدة الأمريكية في عملية التخريب، من خلال جعل أوكرانيا (كبش فداء) ضدَّ روسيا الإتحادية، أما الهدف الثاني فهو بداية استنزاف زعيم نظام كييف (فولوديمير زيلينسكي)، لأن الأخير، وبعد غزوه لمقاطعة (كورسك) الروسية، قد أغضب الجميع فعلاً، لأنه قضى على كافة الجهود التي تم تحقيقها سابقاً من أجل بدء المفاوضات مع روسيا الإتحادية، والتي ستعاقبه حالياً أشد العقاب على فعلته هذه، لأن هذا التوغل أغضب الكرملين الروسي كثيراً.
- ويؤكد الخبير الروسي في مقال كبير له نشرته مؤخراً صحيفة (موسكوفسكي كومسوموليتس) الروسية واسعة الإنتشار، أن الخيار الأكثر ترجيحاً في الوقت الحالي، هو أن نشر الصحف الأمريكية لهذه المعلومات، ما هو إلا محاولة غربية، لإبعاد الشبهة عن أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية، التي من المرجح أنها شاركت هي نفسها في التخطيط لذلك الهجوم الإرهابي ضدَّ (السيل الشمالي).
- ويختم المحلل السياسي والصحفي الروسي (فاسيلي ستوياكين) المتخصص بتحليل تقارير المنشورات الغربية، تحليليه هذا بأن كل ما يحدث حالياً هو إشارة إلى الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي)، ليدرك بأن الدول الغربية باتت مصرة على المفاوضات مع روسيا الإتحادية، خاصة في الوقت الحالي، بعد أن بدأت أوكرانيا تعتقد نفسها بأنها في وضع مربح أكثر على الصعيد العسكري والميداني، بسبب غزوها أراضي مقاطعة (كورسك)، علماً بأن الحقيقة العسكرية واللوجيستية على الأرض هي ليست كذلك، والجميع يعلم ذلك بما فيهم الأوكرانيون أنفسهم، لأن هذا الوضع العسكري على الأرض لن يدوم طويلاً، حيث ستقوم القوات العسكرية الروسية في نهاية شهر أغسطس 2024، بعملية هجوم ساحقة قد تتواصل حتى تصل إلى العاصمة الأوكرانية كييف، وعندها ستُستعمل المعلومات التي نشرتها الصحف الألمانية والأمريكية ضدَّ قادة نظام كييف الحالي، وعلى رأسهم زعيم النظام الحالي (فولوديمير زيلنسكي) وقائد جيشه السابق (فاليري زالوجني)، وذلك بتهمة التورط في تفجير خطوط أنابيب (السيل الشمالي) لنقل الغاز الروسي.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.