أنقرة – (رياليست عربي): مع كل أزمة تمر بها روسيا داخلياً أو خارجياً، تثبت مواقف النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، أنه صديق غير موثوق لموسكو، اعتاد مصافحة الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت تكون تشخص فيه عينه على أمريكا وعضوية بلاده التي يحلم بها في الاتحاد الأوروبي.
ومع اندلاع الأزمة مع أوكرانيا التي باتت تهدد المجال الحيوي لروسيا، بفتح أراضيها لأجهزة الاستخبارات الدولية، وجلب الأسلحة والصواريخ من كل حدب وصوب على حدود الجمهورية السوفيتية، وبدلاً من مشاركة موسكو هواجسها الأمنية تجاه أمنها القومي، كانت الخارجية التركية من أوائل الدول التي أعلنت رفضها اعتراف الكرملين بجمهوريات دونيتسك ولوغانسك الشعبية.
أحداث كثيرة مرت في سجل العلاقات بين روسيا وتركيا، أثبت فيها أردوغان الغدر بالأصدقاء، وأثبت دقة وصف الرئيس الروسي بوتين لتركيا عندما شبه أنقرة بالصديق الغادر الذي يطعن في الظهر، سواء إسقاط الطائرة الروسية في أجواء سوريا، أو اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف بالرصاص في 19 ديسمبر/ كانون الثاني 2016 في أنقرة، إضافة إلى تشابكات الملف السوري الذي يعمد نظام أنقرة لعرقلة حلوله من خلال المرتزقة والجماعات الإرهابية التي يوفر لها الدعم السياسي والمادي.
بدا واضحاً في الأزمة مع الجارة المشاكسة أوكرانيا، استغلال الأتراك أي ثغرة تظهر في جسد الأمة الروسية، على أمل سقوطها في ظل أحلام تتملك حكامها بعودة امبراطوريتهم التائهة، مقابل الإمبراطورية السوفيتية التي بدأ الدم يدب في عروقها مجدداً.
وخلال الأيام الماضية تحولت وسائل الإعلام التركي، لمنصات قصف صواريخ عناوين مسمومة تجاه روسيا، محاولة تصدير صورة أردوغان كوسيط إقليمي قادر على إنهاء خلاف وقفت الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن حلها في ظل تمسك روسيا بأمنها القومي، وإصرار كييف عن لعب دور حسناء أوروبا التي تغازل الجميع لحمايتها.
وعلق الكاتب التركي المعارض، تورغوت أوغلو، على موقف أردوغان المنحاز للجانب الأوكراني، والمتبني وجهة نظر بايدن، بقوله: لم تكن كييف الاختبار الأول لقوة العلاقات، فقد سبقها موقف مشابه في كازاخستان بعدما استغل الأتراك الأزمة، ووصفوها حينها بأنها “دولة تحررت من القمع السوفيتي، والآن تهدد بعض القوى مرة أخرى بوضعها تحت النيران بشكل ليس له معنى”.
مؤكداً استغرابه للمرة الثانية، من إصرار النظام الروسي على توثيق التعاون مع الأتراك بالرغم من الحوادث المتتالية التي أثبتت بما لا يدعُ مجالاً للشك، استحالة اعتبار أردوغان أو التعويل عليه في التنسيق السياسي، فقد غدر بالروس في واقعة مقتل السفير وتكرر غدره وقت إسقاط الطائرة الروسية، واليوم قدم دليلاً جديداً على أن حرصه على مصالح الكرملين درباً من الخيال، و يتحين الفرصة أو الوقت المناسب لممارسة أفعاله مع قادة العرب السوري بشار الأسد، والليبي معمر القذافي، والتونسي زين العابدين بن علي، والمصري حسني مبارك، تجاه النظام الروسي ولن يتراجع عن ذلك حال وجد الفرصة.