قال البيت الأبيض إن كامالا هاريس نائب الرئيس الأمريكي أكدت، خلال مكالمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معارضة الولايات المتحدة لأي تحقيق للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وجاءت المكالمة، وهي الأولى بين الاثنين منذ تولي هاريس والرئيس جو بايدن منصبيهما في يناير كانون الثاني، بعد يوم من قول المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أنها ستبدأ التحقيق مما أدى إلى رفض سريع من البلدين.
خلافات قابلة للحل
من المعلوم أن كل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط هو بطبيعة الحال يصب في مصلحة إسرائيل ويتعلق بالحفاظ على أمنها القومي في منطقة المشرق تحديداً، فلم تكن يوماً العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية إلا مزدهرة ومستمرة في الازدهار على كافة الأصعدة، وفي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عرّاب صفقة التطبيع، والذي حقق لتل أبيب ما عجز عنه أسلافه، من خلال اتفاقيات السلام مع دول عربية حيوية، ومسألة نقل سفارات عدة إلى القدس وغير ذلك مما كان في صالح إسرائيل.
لكن الخطوة الأكثر أهمية كانت بالنسبة لحكومة تل أبيب هي انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي وضع هذه العلاقات في أوجها، وهكذا حتى وصل جو بايدن إلى سدة الحكم، حيث أشارت وسائل إعلام عن لغطٍ ما يتعلق بتأخر استقبال بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتأجيل الزيارة وما شابه ذلك، لكن في الحقيقة، الواقع غير ذلك بكل تأكيد، لا يستطيع بايدن المغامرة باللوبي اليهودي الأمريكي، وفي الأساس هذا خارج صلاحياته ولا دور له فيه وغير مسموح أصلاً، ومع حديثه عن عودة بلاده للاتفاق النووي، الأمر المرفوض إسرائيلياً، تبين أنه قد يكون هناك خلافاً عميقاً بين الجانبين.
الحقيقة، أنه لا يمكن لأي خلاف في حال وجد إلا وأن يكون الحل مقدماً عليه، وبالتالي إن العودة للاتفاق لن يكون إلا بشروط تناسب إسرائيل وأهمها إيجاد حل لمسألة “تطوير الصواريخ الباليستية”، إلى جانب الكثير من الأمور الأخرى التي هي عبارة عن ضوء أخضر أمريكي لتل أبيب مثل قصف سوريا المستمر، وترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وغير ذلك.
على الصعيد الفلسطيني
من المعروف أن كل المنظمات الدولية في قبضة واشنطن، وأن مسألة تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية لن تخرج عن الرضى الأمريكي، لقد قال البيت الأبيض في بيان (إن هاريس ونتنياهو أشارا إلى معارضة حكومتيهما “لمحاولات المحكمة الجنائية الدولية ممارسة الولاية القضائية على جنود إسرائيليين، وأضاف البيان أن هاريس أكدت “التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل)، وهذا البيان يشرح نفسه بنفسه، أن هذا التحقيق لن يبصر النور، وإن أبصر لن يحقق شيء ولن يكون لصالح الفلسطينيين، وبالتالي لا يمكن أن تتزعزع العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية لأي سبب خاصة فيما يتعلق بمسألة فلسطين، فالجميع متفق على مسألة حل الدولتين، وبالتالي إن إثبات جرائم حرب على إسرائيل لن تكون محصورة في استخدام أسلحة فتاكة في عامين فقط فهي قائمة منذ عام 1948، لأن الانتهاكات قديمة لا جديدة، ولا يمكن حصرها بتاريخ معين.
اليوم سيعيد جو بايدن إنعاش الفتور في العلاقات، فلقد فاجئ العالم بين تصريحات كان قد أدلى بها، وبين تصرفات حدثت بعد تنصيبه، تبين أن الأمور تسير كلها وفقاً للمخطط الإسرائيلي، والضغط على السعودية على سبيل المثال هو احدها، ويتعلق بهذا الجانب أي (الإسراع بإعلان التطبيع).
أخيراً، إن العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية كما أشرنا أعلاه هي في أوجها، لكن لم تتم ملاحظتها مع بداية أيام بايدن الأولى نظراً لأنه بدأ يعمل مباشرةً على تقويم الأوضاع في ضوء الأضرار الجانبية إن جاز التعبير، التي خلفها ترامب، إذ أن السياسة الأمريكية الجديدة تعتمد سياسة العمل المتأني لكن المثمر، ولن تخسر أياً من ملفاتها لصالح أي طرف من خصومها مهما كان السبب، وبالتالي إسرائيل مطمأنة في هذا الجانب، وهذا ما أكده بيان البيت الأبيض وكلام كامالا هاريس نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، (التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل).
فريق عمل “رياليست”.