وفقاً لأحدث تقرير صادر عن بنك فرنسا، إن الشركات الفرنسية اقترضت 217 مليار يورو إضافية في عام 2020، وهي من بين أكثر الشركات مديونية في منطقة اليورو، حيث يوضح ذلك أن العبء المالي على الشركات الفرنسية في ازدياد مستمر، كما جاء بآخر تقرير صادر عن بنك فرنسا، حيث أدت الأزمة الصحية إلى ارتفاع إجمالي ديون الشركات غير المالية بمقدار217 مليار يورو عن عام 2020، بزيادة قياسية تجاوزت 12%، ومن هذا المجموع ، بلغت القروض المضمونة من الحكومة الفرنسية (PGES) وحدها 130مليار يورو.
عززت جائحة covid -19 من الوضع غير المعتاد للشركات الفرنسية في أوروبا في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول 2020 ومثلت ديونها 85.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 67.6%في المتوسط في منطقة اليورو، و61.7% في المملكة المتحدة، و45% في ألمانيا.
كيف نفسر تلك المؤشرات والدلالات المالية الهامة؟
أولاً، (في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2009): أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة الأمريكية والتي انتقلت بالتبعية إلى أوروبا وحتى عام2019 ، قللت وخفضت معظم الشركات الأوروبية في الواقع من لجوئها إلى الديون، مقيدة في بعض الأحيان ترشيد الائتمان كما كان الحال في بلدان الجنوب، بالمقابل، تدهورت نسبة الشركات الفرنسية في نفس الوقت بمقدار ثلاثة عشر نقطة أقل ربحية ورأس مال من بعض جيرانهم، كان عليهم الاقتراض للحفاظ على استثماراتهم.
سعت الشركات الكبيرة والمتوسطة أيضاً إلى الاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة بشكل استثنائي من أجل تحسين هيكلها التمويلي وتكوين احتياطيات يمكن استخدامها على وجه الخصوص في عمليات الاستحواذ.
ثانياً، يطمئن الخبراء الاقتصاديين جزئياً من وطأة وسلبيات تلك المؤشرات، من خلال النظر إلى نسب حقوق الملكية لشركاتنا وإلى مؤشر “صافي الديون” أكثر تحكماً والتي تظل قابلة للمقارنة مع تلك الموجودة في البلدان المجاورة لنا، حيث يتبنى هؤلاء وجهة النظر هذه، بأن أزمةcovid-19 لا تغير من الوضع بشكل جذري، حيث استفاد عدد من الشركات مرة أخرى من معدلات أقل لتجميع النقد ولم يتم إنفاق جزء كبير من خطط الإدارة البيئية، مما أدى إلى تغذية الاحتياطيات الاحترازية فجأة، حيث ارتفع التدفق النقدي للشركات أيضاً بشكل حاد في عام 2020، إلى ما يقرب من 200 مليار يورو، مما حد من ارتفاع ما يسمى “بالديون الصافية” فقط إلى حوالي 17 مليار يورو فقط، ومع ذلك، فإن هذا الدين لا يخلو من الخطر والمخاطرة، حيث أنه يعرض الشركات الفرنسية لارتفاع حاد في أسعار الفائدة.
ثالثاً، الأرقام المأخوذة من البيانات والتقارير على مستوى الاقتصاد الكلي، تخفي كثيراً من التباين الكبير جداً في البيانات المالية للشركات، والذي يختلف بشكل خاص وفقاً لتأثير القيود الصحية على قطاع نشاطها، تتعرض العديد من الشركات، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، لخطر مواجهة جدار الديون، والذي قد يكون من الصعب التغلب عليه في القريب والأشهر القادمة.
في ضوء ما جاء آنفاً، يتضح أن وضع الشركات الفرنسية المالي يعاني صعوبات كثيرة حالياً وسوف يعاني مستقبلاً:
1-كثير من الشركات استغنت عن عدد كثير من العاملين والموظفين.
٢–قيام كثير من الشركات بتجميد وإغلاق بعض من خطوط إنتاجها وفروعها في السوق الفرنسي، خاصة العاملين في قطاع السياحة.
٣–كثير من الشركات قللت من ساعات العمل ما ترك أثر سلبي في نفوس ومعنويات العاملين وتنامي شعور عدم المساواة، خاصة من جانب النساء، حيث يعتقد ٣٣٪ من العاملين أن الوباء له سلبية على آفاق حياتهم المهنية، وأن ٦٠٪ من النساء يثقن بمستقبلهم المهني.
٤–الأثر السلبي لوباء “كورونا” على حياتهم المهنية انعكس سلبياً على حياتهم الشخصية والعائلية والأسرية، حيث ٧٠٪ من العاملين يشعرون بالقلق وعدم الأمان، و٥٠٪ منهم يخططون لتقليل استثماراتهم في عملهم، والتوقف عن العمل أو التقليل من ساعات العمل لفترة من الوقت، وبالتالي يجب:
1-على الدول التي تمر بتلك الظروف ضرورة الاستفادة من إنتاج اللقاحات ضد الفيروس.
2–العمل على التوسع في أعداد المواطنين للحصول على اللقاح، والتسريع بذلك على أقصى نطاق.
3–التقليل قدر الإمكان والمستطاع بما لا يخل بالإجراءات الاحترازية، لاستعادة الحياة الطبيعية، وخاصة السياحة والسفر وحرية التنقل لاستعادة عجلة الاقتصاد مرة أخرى سريعاً.
4–قيام المؤسسات المالية الكبرى (خاصة بنك فرنسا) بإلغاء كل أو جزء من مديونيات الشركات الفرنسية، خاصة المتوسطة والصغيرة والفردية من ديونها المالية.
أخيراً، إن بث الشعور بالاستقرار والأمان والطمأنينة هو طوق النجاة وهو اللقاح الاقتصادي الأمثل والنموذجي للأزمات الاقتصادية والمالية التي تعصف بمعظم دول العالم، فهذا اللقاح الاقتصادي لا يقل أهمية بل يزيد عن كافة اللقاحات الطبية التي تم إنتاجها من شركات الأدوية ضد فيروس covid-19 من أجل الصحة النفسية والاقتصادية للشعوب حالياً ومستقبلاً.
خاص وكالة “رياليست” – د. خالد عمر.