قال روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “إن من المرجح أن تحذو المزيد من الدول العربية والإسلامية حذو الإمارات العربية المتحدة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل”، التقى أوبراين وصهر ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس عشية محادثات في أبو ظبي لوضع اللمسات الأخيرة على العلاقات الرسمية بين إسرائيل والإمارات العربية، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
ما سبب إهتمام واشنطن بإتفاقيات السلام مع إسرائيل؟
إن الولايات المتحدة الأمريكية “عرّابة السلام”، منذ قيام إسرائيل وإعلانها دولة، ففي عهد الرئيس جيمي كارتر كان إتفاق السلام ما بين مصر وإسرائيل في عهد الرئيس الراحل أنور السادات في ثمانينات القرن الماضي، لكن ذلك بحسب وجهة نظر واشنطن ليس كافياً، إلى أن حدث الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990، وحدثت عملية عاصفة الصحراء ودخل القوات الأمريكية وقوات التحالف إلى الخليج العربي، ومن حينها تم زرع قواعد أمريكية هدفها الظاهري حماية دول الخليج من أي إعتداء خارجي، بينما الواقع هو تثبيت موطئ قدم أمريكا في أغنى دول منطقة الشرق الأوسط.
وحدث تقارب أمريكي – خليجي منذ تحرير الكويت العام 1991 إلى يومنا هذا، لكن ليس حمايةً من غزو عراقي آخر، بل تقديم الحماية من إيران بحسب السيناريو الأمريكي، ليبدأ مسلسل التطبيع، والذي هو إتفاق سلام إقتصادي بالمقام الأول، من خلال الإتفاقيات بخصوص الإستثمارات، وأما الشق الثاني فهو لأجل الإتفاقيات الأمنية والعسكرية.
ويأتي إهتمام الإدارة الأمريكية بهذا الجانب، بما يتعلق فقط بإسرائيل، وتقوية نفوذها في المنطقة، خصوصاً وأن الوجود الأمريكي أصبح أمراً واقعاً في العراق وفي سوريا وفي دول الخليج وفي المغرب العربي من خلال وجود مقر قوات “أفريكوم” وحتى في تركيا من خلال وجود قواعد لحلف شمال الأطلسي فيها.
ماذا ستحصد كل من واشنطن وتل أبيب؟
لا يُخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على موعد إستحقاقات إنتخابية مقبلة، وأما مسألة التطبيع على الصعيد الداخلي الأمريكي والإسرائيلي، ليس مهماً بالقدر الذي يتحدث عنه الإعلام العربي، وبالكاد تفرد له المحطات الأجنبية بعضاً من هوائها، إنما الشعب الأمريكي والإسرائيلي يهمه ماذا سيجلب هذا التطبيع من أموال إلى خزائنهم، فشعوب تلك الدول لا يعنيها من أمر التطبيع أو العرب شيئاً ولا يعنيها ماذا يعدها المرشح الرئاسي أو الوزاري إلا أن قدّم لها مسائل إقتصادية، فالتطبيع لن يكون صفقة مربحة تتعلق بالإنتخابات كما يروج البعض، إذا لم تكن مقرونة بتحصيل إقتصادي واضح يستفيد منه الشعبين، في ظل وجود أزمات إقتصادية وسوء إدارة فيما يتعلق بأزمة “كورونا” سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة، وبالتالي كلما ارتبط الأمر بهذا الإتجاه، كلما حصد الطرفان فرصاً أقوى في الانتخابات المقبلة، وغير ذلك، ليس إلا من حملات فارغة لا معنى لها.
من هنا، إن الإمارات العربية وإسرائيل بحثا مؤخراً الأمن الغذائي والمائي، وهذا يعني إستثمارات في هذا المجال، فيما حصدت قمة عمان الأخيرة بين الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وضع الخطوط الأولى لمشروع “الشام الجديد”، المقسم على النحو الآتي: “خزان بشري مصري، ونفط عراقي، ونقطة إتصال أردنية”، لكن في الخطوط العريضة لهذا المشروع إن سمحت به إسرائيل وواشنطن، فائدة كبيرة جداً لتل أبيب، وبالتالي، إن الصراع المقبل في المنطقة يتمحور حول الغذاء والماء، إما بوضع اليد عليهما أو بعودة الفائدة لأمريكا وإسرائيل، وما التطبيع وسرعة الأمريكيين في تحصيل أكبر قدر ممكن من الدول لإستكمال المشاريع المستقبلية منها المعلن ومنها لم يتم الإعلان عنه بعد.
فريق عمل “رياليست”.