يبدأ هذا الأسبوع سريان أقسى العقوبات الأمريكية على سوريا بما يزيد الضغوط عليها في وقت تعاني من أزمة اقتصادية متصاعدة بعد حرب في عامها العاشر، وتقول واشنطن إن العقوبات ستساعد في محاسبة الضالعين في جرائم حرب في صراع سقط فيه مئات ألوف القتلى حسب تعبيرها. أما دمشق فتقول إن العقوبات تصعيد للحرب الاقتصادية على مواطنيها. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وقال مساعدون في الكونغرس الأمريكي إنهم يتوقعون صدور إعلان قريباً قد لا يتجاوز يوم الأربعاء القادم.
لم يكن سريان قانون سيزر مفاجئاً لسوريا كحكومة وشعب، إذ أنها منذ بداية الأحداث التي أكملت عامها العاشر، وهي تعاني من العقوبات القسرية أحادية الجانب من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي على سوريا، الأمر الذي أدخل الاقتصاد السوري في حالة تراجع ألحقت أضراراً جمّة في مختلف القطاعات السورية وبالخصوص القطاعين الصناعي والصحي، نتيجة عدم قدرة الدولة السورية على إستيراد ما يلزم لهذه الصناعات.
من ناحية أخرى، بنت سوريا تحالفات متينة على مر السنوات الماضية، سواء مع روسيا الإتحادية او الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والصين وأمريكا اللاتينية، فيما حافظت على قنوات تواصل مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الجزائر في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقه، واليمن قبيل الحرب عليها، لكن هذا لم يكن كافياً إذ حاولت الولايات المتحدة قطع هذا التحالف من خلال التشديد الاقتصادي على هذه الدول، ودخلت في حرب تجارية مع الصين، فضلاً عن العقوبات المستمرة على إيران منذ الثورة الإسلامية في العام 1979 إلى اليوم، إلا أنه وبسريان قانون سيزر، هذه الدول ستدخل ضمن البنود التي تقول أن العقوبات ستشمل للمرة الأولى من يتعاملون مع كيانات روسية وإيرانية في سوريا، لتكون واشنطن بذلك ضمنت الحد من القدرات الاقتصادية للبلدين الذين يشكلان عقبة لها خاصة روسيا وبعد الصين في المجال الاقتصادي.
إذاً، من الناحية العملية لن يؤثر على ما هو مؤثر أساساً في سوريا، فالوضع الاقتصادي ليس جيداً، إذ أنه من ناحية تأمين المحروقات، لطالما تم إحتجاز قافلات نفط إيرانية وفنزويلية وتأخيرها عن وصولها للمصب إن كان في مرفأ بانياس أو طرطوس في الساحل السوري، فكانت البدائل إستكمال التحرير للسيطرة على حقول الغاز والنفط، فعلى الرغم من سيطرة واشنطن على أكبر الحقول النفطية في الجزيرة السورية، إلا أن هناك حقول أخرى وسط البلاد تمد حاجة البلد بكاملها، وحولها تم تركيز إستهداف تنظيم داعش عليها، في ذات إطار الإدارة الأمريكية الرامية لشل البلاد إقتصادياً.
وفي سياقٍ متصل، هناك مسعىً أردني حول تشكيل صندوق تعاون مشرقي مهمته الوقوف إلى جانب الدول المأزومة، استنبط من خلال وقوف شرائح كبيرة من الشعب الأردني مع سوريا في مواجهة ما أسموه “الإرهاب الاقتصادي” الأمريكي.
من هنا، إن سوريا، تعاني حرباً ومن الطبيعي أن تكون إرتدادات أي حرب هي خسائر جمة، إنما سيطرة سوريا على جغرافية واسعة من البلاد، وتمتاز بالأراضي الزراعية الخصبة ولديها مئات آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة، وقد بدأ الشعب السوري الإعتماد على هذا القطاع بشكل علمي وموسع ومدروس، حيث بدأت سوريا إختبار زراعة الأرز الهوائي، وإن نجح ذلك تصبح دولة منتجة لا مستوردة، وتغني السوق المحلية، فضلاً عن أن سوريا تشتهر بالبرتقال والزيتون والخضار الموسمية والفاكهة متعددة الأنواع، فالجميع يعلم أن السوق السورية مطلوبة في دول الخليج وغيرهم.
لكن الأمر الذي تريد واشنطن تدميره غير سوريا، هو تدمير ونسف الكيانات التي ترغب في إعادة إعمار سوريا والمشاريع الإستثمارية الواعدة، خاصة وأن أمريكا إن بقيت أم خرجت من سوريا فهي خارج هذا الملف، وكل محورها من الإتحاد الأوروبي، بالتالي الفائدة والمنفعة روسية وصينة، وبصورة أدق سيكون للشرق حصة الأسد منها، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به واشنطن، فجاء هذا القانون للتعطيل وكسب الوقت، لكن بالمحصلة وكما هناك في القانون وبنوده ثغرات، لكل دولة أدواتها وقدراتها في تأمين لوازم بلادها ومن صمد عشر سنوات بلا محروقات أو كهرباء إلا القليل منها، لن يرى في قانون سيزر إلا سبباً زائداً لإستمرار إعتبار الولايات المتحدة عدواً لا يمكن الغفران له.
فريق عمل “رياليست”.