القاهرة – (رياليست عربي): خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي التي تميزت بالأحداث الساخنة، قدم الرئيس الفرنسي ماكرون إلى العراق لحضور مؤتمر “بغداد للتعاون والشراكة”، واحتل رئيس الدولة الفرنسية الساحة الدبلوماسية والإعلامية ليشرح استراتيجياته حول العديد من القضايا الملتهبة مثل عودة طالبان إلى كابول، والإبقاء على القوات الفرنسية في العراق، ومحاربة الإرهاب بالساحل الأفريقي.
ومن خلال الحديث مع كريستيان ليكيسن، الأستاذ في ساينس بو باريس، والمتخصص في السياسة الخارجية الفرنسية، والذي سيقوم بفك شفرة السياسة الخارجية الفرنسية في تلك القضايا، حيث قال: عب الرئيس الفرنسي بورقة السياسة الخارجية في نهاية هذا الأسبوع ، مما أسفر عن رحلة إلى العراق ، ومقابلات أجريت في جورنال دو ديمانش و تي في 1، حول أفغانستان والساحل، بينما تتعرض الاستراتيجية الأمريكية لانتقادات من النقاد بسبب الأحداث في أفغانستان حيث عادت حركة طالبان إلى السلطة، استغل إيمانويل ماكرون العودة السياسية للكشف عن استراتيجيته في المناطق المعذبة من العالم، مثل منطقة الساحل والشرق الأوسط، وتحديد خلافاتها مع الولايات المتحدة، كان الرئيس إيمانويل ماكرون نشطاً للغاية على الصعيد الدبلوماسي في الأيام الأخيرة، في إشارة إلى أفغانستان والعراق ومنطقة الساحل الأفريقي. كيف تحليلها؟ بعضها مثل بقاء القوات الفرنسية في العراق أو الانسحاب.
مبدأ بناء الدولة
عملية دعم بناء دولة، لها خلافات ملحوظة مع استراتيجية الولايات المتحدة
يوضح كريستيان ليكيسن: عندما يذهب إلى العراق ، يسعى إيمانويل ماكرون إلى إعادة التأكيد على مبادئ عمله الدولي، للاحتفال بوجود فرنسا، والتذكير بأن لها دوراً تلعبه في الشرق الأوسط. دور يختلف بشكل واضح عن دور الولايات المتحدة. إنه يأتي من فكرة الرئيس الذي ميز الجمهورية الخامسة والذي كان يُدعى شارل ديغول، وهذا يعني فكرة أنه داخل المعسكر الغربي ، يجب على فرنسا أن تحتفظ ببعض المساحة للمناورة وأن تضع علامة على الاستقلال الذاتي عن الولايات المتحدة. يتمثل الحلم الفرنسي في جذب الدول الأوروبية الأخرى إلى هذا المفهوم للحكم الذاتي، والذي سيصبح، ما يسمى في باريس، استقلالاً ذاتياً استراتيجياً. لكن الأمر أكثر تعقيداً، لأنه مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، يفترض العديد من الأوروبيين أنهم شركاء صغار للأمريكيين مرة أخرى، وهو ما تستبعده وترفضه فرنسا بشكل واضح، تصرح به في العلن أو على استحياء من حين إلى آخر.
وأن الرئيس ماكرون محق في عدم قيامه ببناء دولة من الخارج. جميع الباحثين الذين يعملون في الدولة، وخاصة في القارة الأفريقية، يعرفون جيداً أن هناك العديد من المعايير والظروف الاجتماعية التي تجعل الدولة مستقرة أم لا؟
“ففرض نموذجنا للديمقراطية الغربية حيث النجاح في تغيير كل شيء لا ينجح أبداً”، علاوة على ذلك، كان هذا أحد أوهام المحافظين الجدد الأمريكيين. عندما تدخلت الولايات المتحدة في العراق ضد صدام حسين عام 2003 على وجه الخصوص، قالوا إنهم سوف يروجون لنموذج الديمقراطية الليبرالية في ذلك البلد من أجل ولادة ديمقراطية جميلة. لا يزال من الممكن رؤية عواقب فشلهم اليوم، مع العلم أن الرئيس الفرنسي ينتظر بفارغ الصبر في قضية الساحل، ما هي الدروس الدبلوماسية التي يجب أن تستخلصها فرنسا من فشل الأمريكيين في أفغانستان، بينما هناك جدل حول فعالية مكافحة الإرهاب في دولة ثالثة؟
من المؤكد أن الأحداث في أفغانستان تتم مراقبتها عن كثب في “أورساي بيير”، إذا كان هناك درس واحد يمكن تعلمه من هذا الملف، وليس فقط لإيمانويل ماكرون والدبلوماسيين الفرنسيين وحدهم، فهو الاستعداد بشكل أفضل لسحب القوات الموجودة في الخارج أكثر مما فعل الأمريكيون. المشكلة الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة لا تتعلق بالخروج من أفغانستان الذي يبقى خياراً سياسياً، بل هو الإعداد للانسحاب وعدم ترقب عودة طالبان إلى البلاد بأسرع ما يمكن، بالإضافة إلى ذلك، هناك بالتأكيد نقاش حول فعالية مكافحة الإرهاب في الخارج، لكننا نعلم جيداً أيضاً أنه إذا غادرنا، فإن القوات المعادية لديها كل الفرص للاستيلاء على السلطة في البلد المعني. هذا بالضبط ما يحدث في أفغانستان. من الواضح أن مغادرة مالي تعني المخاطرة بإعطاء تفويض مطلق للجماعات المعارضة تماماً لمصالح فرنسا ورؤية النظام السياسي في مالي يتطور نحو مزيد من الشفافية واحترام الأفراد. ونجد أنفسنا عالقين قليلاً في هذه الحالة، ونبقى لضمان توازن القوى. هذه هي معضلة كل هذه الأنواع من التدخلات. هذه ملفات معقدة للغاية، ومن الصعب جداً على أي شخص الحصول على نتائج ملموسة. باستثناء الحفاظ على الوجود العسكري، مما يعني أننا منخرطون في عمليات طويلة ومكلفة للغاية، مالياً وسياسياً، كما هو الحال بالنسبة للأمريكيين في أفغانستان. لكن دعونا لا ننسى أنه عندما يقول رئيس دولة إن قواته ستبقى باسم محاربة الإرهاب في دولة ثالثة، كما ادعى إيمانويل ماكرون في العراق، فإن خطابه ليس فقط وجهة الدولة المعنية، بل مخصص أيضاً للرأي العام الخاص به، في منتصف الصيف أمام الفرنسيين لمناقشة استراتيجيته في أفغانستان، ركز إيمانويل ماكرون مرة أخرى على السياسة الخارجية بمناسبة العودة السياسية. كيف يجب أن نفهم هذه الاستراتيجية؟
ويضيف كريستيان، أنه في هذا التسلسل الدبلوماسي استمرارية كبيرة جداً في الممارسات السياسية لرؤساء الجمهورية الخامسة، أي أن هناك لحظة تأخذ فيها الدبلوماسية مكاناً مهماً في عملهم. ستنتهي فترة ولاية إيمانويل ماكرون قريباً، وبالتالي سندخل مرحلة أخرى ستكون متزامنة مع الحملة الانتخابية، من المحتمل أن تكون هذه نقطة اختلاف وانقسام هامة للغاية، وسيكون لدينا قدر كبير من الجدل حول السياسة الخارجية وقضايا الإرهاب، حتى أن إيمانويل ماكرون يصر دائماً بالإشارة إلى أن فرنسا قادرة علي مكافحة الإرهاب من خلال شكل من أشكال السياسة الخارجية والتواجد على الأرض، فهي أيضاً طريقة للقول إنه الضامن لأمن الفرنسيين، ومن أكبر الأخطاء التحليلية التي لا يزال بإمكاننا رؤيتها من وقت لآخر هو القول إن السياسة الخارجية لا تُحتسب في المواعيد والمنافسة النهائية للانتخابات. هذا ليس صحيحاً. هناك مثل هذا الترابط بين الداخلي والخارجي بحيث تلعب السياسة الخارجية بالضرورة دوراً في تصور الناخبين لأفعال مرشح معين، وهذا من ناحية.
من ناحية أخرى، سبق وأن صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن على بلاده حماية الأفغان الذين قدموا لها المساعدة، وأن للشعب الأفغاني الحق بالعيش باستقرار وأمان، وشدد ماكرون في كلمة متلفزة الاثنين على “وجوب ألا تصبح أفغانستان مجدداً معقلاً للإرهاب”، مؤكداً أن تحرك فرنسا “يهدف أولاً إلى مواصلة مكافحة الإرهاب الإسلامي بكل أشكاله”، ونبه الرئيس الفرنسي إلى أن “مجموعات إرهابية موجودة في أفغانستان وستسعى إلى استغلال انعدام الاستقرار”، داعياً إلى “رد (دولي) مسؤول وموحد” ومضيفاً “أنه رهان من أجل السلام والاستقرار الدوليين ضد عدو مشترك، الإرهاب ومن يدعمونه”، وقال “سنقوم بكل ما هو ممكن لتتمكن روسيا والولايات المتحدة وأوروبا من التعاون بفاعلية لأن مصالحنا واحدة”، وتحدث عن “مبادرة” مع الأوروبيين للحيلولة دون “موجات هجرة واسعة” من أفغانستان.
وأطلقت باريس عملية إجلاء عسكرية عبر طائرتين لنقل فرنسيين وأفغان، والسفير الفرنسي بأفغانستان، والذي وسيباشر أعماله من باريس كما صرحت الخارجية الفرنسية، وأوضح ماكرون أن فرنسا تحمي أيضاً “في هذا الوقت مندوب الاتحاد الأوروبي” وتقدم “حماية إلى الموظفين الأفغان في الممثلية الأوروبية”.
الموقف البريطاني
دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين إلى عقد اجتماع عبر الفيديو لقادة مجموعة الدول السبع “في الأيام المقبلة” من أجل تبني “مقاربة موحدة” بشأن التطورات في أفغانستان بعدما سيطرت عليها طالبان، وتشاور جونسون الاثنين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و”شدد على ضرورة ان يلتئم المجتمع الدولي ويتبنى مقاربة موحدة في شأن أفغانستان، سواء على صعيد الاعتراف بأي حكومة مقبلة أو على صعيد منع أزمة إنسانية”، وفق ما أفادت رئاسة الوزراء لافتة الى أن جونسون “أعرب عن نيته تنظيم اجتماع عبر الفيديو لقادة مجموعة السبع في الأيام المقبلة لهذه الغاية.
بريطانيا: “فشل المجتمع الدولي”
وصف وزير الدفاع البريطاني بين والايس الاثنين الماضي، عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان بأنها “فشل للمجتمع الدولي” معتبراً أنه “ليس الوقت” المناسب للاعتراف رسمياً بطالبان كحكومة، واعتبر الوزير الذي سبق أن انتقد علناً الأسبوع الماضي القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان، عبر شبكة “بي بي سي” أن ما حصل “فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها” ، لكنّه أكد أن الالتزام البريطاني في أفغانستان الذي كلّف 457 جندياً بريطانياً حياتهم خلال 20 عاماً من التدخل، “لم يذهب سدى” ، واعتبر والايس في حديث عبر قناة “سكاي نيوز” أنه “الآن ليس الوقت” المناسب للاعتراف بطالبان كحكومة أفغانية رسمية.
وأشار إلى أن “هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها قبل اتخاذ هذه القرارات” معتبراً أن أفعال متمردي طالبان “لا تتوافق مع وعودهم”، وأكد والايس أن حالة الذعر تسود في “الجانب المدني” من المطار. الجانب العسكري مؤمّن وتحت السيطرة. الرحلات العسكرية تدخل وتخرج”، حتي تتم عملية الإجلاء، وخروج آخر جندي أمريكي.
هذا وقد نشرت المملكة المتحدة 600 جندي لتأمين إجلاء رعاياها وطاقم سفارتها. ووصلت أول رحلة أول الأسبوع الماضي إلى قاعدة “بريز نورتون” في وسط انكلترا، وأوضح الوزير “لقد أجلينا 370 موظفاً ومواطناً بريطانياً أمس وأول أمس” مضيفاً أن “مجموعة من 782 أفغانياً سيتمّ إجلاؤهم من البلاد “، وأكد أن “هدفنا هو إجلاء 1200 إلى 1500 شخص في اليوم”.
وإزاء الوضع الملحّ، أعلن والايس أنه ستتم “في أسرع ما يمكن معالجة” طلبات التأشيرات التي تقدم بها الأفغان الذين ساعدوا القوات البريطانية، موضحاً أنه سيتمّ “تغيير القواعد” حيثما أمكن لتسريع العملية.
موقف الصين
أبدت الصين التي تتشارك حدوداً مع أفغانستان تمتدّ على 76 كلم، استعدادها الاثنين لإقامة “علاقات ودية” مع حركة طالبان، غداة سيطرة المتمردين على كابول، وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ أمام الصحافة أن بكين “تحترم حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره ومستقبله”، وأضافت أن متمردي طالبان “عبروا مرات عدة عن أملهم في تطوير علاقات طيبة مع الصين”، وأشارت المتحدثة إلى أن السفارة الصينية لدى كابول “تواصل العمل بشكل طبيعي”، ودعت الصين التي أجلت مطلع تموز/يوليو 210 من رعاياها من أفغانستان، السلطات الجديدة إلى ضمان أمن من ظلوا في البلاد، وفي الأسابيع الأخيرة، وصفت السلطات الصينية الانسحاب الأميركي من أفغانستان بأنه خطوة “غير مسؤولة”، في مواجهة خطر حصول فوضى في أفغانستان، بدأت بكين اعتباراً من أيلول/سبتمبر 2019 محادثات مع طالبان التي زار وفد منها الصين آنذاك.
موقف الاتحاد الأوروبي
يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء اجتماعاً عبر الفيديو لمناقشة الوضع في أفغانستان، حيث تسرّع الدول الغربية عمليات الإجلاء، وفق ما أفاد دبلوماسيون لوكالة فرانس برس، وتحاول دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي على وجه السرعة إجلاء دبلوماسييها ورعاياها من كابول، حيث سيطرت حركة طالبان الأحد على السلطة بعد هجوم خاطف لم تصمد أمامه القوات المسلحة الأفغانية.
الموقف الإيراني
اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان هو “هزيمة” يجب أن تشكل فرصة لتحقيق “سلام مستدام” لدى الجارة الشرقية للجمهورية الإسلامية، وفق بيان نشره الموقع الالكتروني للرئاسة، وقال رئيسي إن “الهزيمة العسكرية وخروج الولايات المتحدة من أفغانستان يجب أن تتحول الى مناسبة لإعادة الحياة والأمن والسلام المستدام في هذا البلد”، وذلك غداة سيطرة حركة طالبان على البلاد في ظل انهيار القوات الحكومية وفرار الرئيس أشرف غني، مع انجاز انسحاب القوات الأميركية بعد تواجد استمر 20 عاماً.
وشدد الرئيس الإيراني على أن بلاده “تعتقد أن السلطة الناتجة عن إرادة الشعب الأفغاني المظلوم هي مصدر للأمن والاستقرار” في أفغانستان التي وصفها بأنها دولة “جارة وشقيقة”، ولم يذكر البيان الرئاسي بشكل مباشر حركة طالبان أو سيطرتها على مختلف أنحاء البلاد خلال الفترة الماضية، وصولاً إلى دخولها كابول الأحد، لكنه نقل عن رئيسي تأكيده أن بلاده “ترصد بانتباه التطورات في أفغانستان”، وتولي أهمية لعلاقات “حسن الجوار” مع جارتها التي تتشارك وإياها حدودا بطول أكثر من 900 كلم ، وأشار البيان الى أن رئيسي، رجل الدين المحافظ المتشدد الذي تولى منصبه مطلع أغسطس/ آب الحالي، طلب من وزير الخارجية محمد جواد ظريف وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، رفع تقارير دورية إليه عن تطورات الأوضاع في أفغانستان.
الموقف الروسي
أعلن موفد الكرملين إلى أفغانستان زامير كابولوف، أن السفير الروسي لدى كابول سيلتقي قادة من حركة طالبان قريباً، مشيراً إلى أن موسكو ستقرر ما إذا كانت ستعترف بالسلطات الأفغانية الجديدة بناء على “سلوكياتها”، وقال كابولوف لإذاعة “صدى موسكو” إن “السفير الروسي (ديمتري جيرنوف) يتواصل مع طالبان، وغداً سيلتقي منسقهم للشؤون الأمنية”، لمناقشة خصوصاً المسائل المرتبطة بأمن السفارة الروسية في كابول، وأوضح أن المتمردين “يؤمّنون أصلاً أمن المحيط الخارجي للسفارة الروسية. وقريباً ستتمّ مناقشة التفاصيل على المدى الطويل”، وأضاف “الاعتراف أم لا (بحكم طالبان) يعتمد على سلوكيات النظام الجديد”، وتابع “سنراقب عن كثب إلى أي مدى سيكون نهجهم لإدارة البلد مسؤولاً (…) وستستخلص السلطات الروسية من ذلك الاستنتاجات اللازمة”.
وسبق أن أعلنت روسيا الأحد أنها لا تعتزم إخلاء سفارتها في كابول، مؤكدةً أنها حصلت على “ضمانات” من جانب طالبان بشأن أمن بعثتها الدبلوماسية. وأكد كابولوف “ما يثير الدهشة أن الوضع هادئ حالياً” في كابول، وسيطرت حركة طالبان على أفغانستان بعد انهيار القوات الحكومية وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد، وأقرّ كابولوف بأن السرعة التي سيطرت بها طالبان فيها على البلاد تشكل “مفاجئة” بالنسبة لروسيا. وصرّح “لقد بالغنا في تقدير القوات المسلحة في أفغانستان” مضيفاً “إنها تخلت عن كل شيء منذ الطلقة الأولى”.
الموقف في باكستان
كان لسقوط كابول في أيدي طالبان، أصداء احتفالية في باكستان، إذ عادت أفغانستان إلى سيطرة طالبان التي تعد قوة مألوفة لباكستان بل يراها كثيرون بأنها تمثل امتداداً باكستانياً، فقد ارتبطت حركة طالبان المعزولة- التي يكن لها الكثيرون العداء فيما يراها أخرون صديقة- بروابط ودية على مر التاريخ مع إسلام أباد. وأعرب الكثير من الباكستانيين عن سعادتهم بنشوة انبعاث طائر الفينيق الطالباني مجدداً في أفغانستان.
وقد بدا هذا الأمر جلياً من تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الحماسية التي أشاد فيها بحركة طالبان التي قامت بانتهاك حقوق المرأة علناً بالإضافة إلى الاستهزاء بمعايير العالم المتحضر خلال فترة سيطرتها على أفغانستان في السابق ما بين عامي 1996 – 2001.
وقال خان الذي غالباً ما يلجأ إلى الخطاب المعادي للغرب، الاثنين الماضي في كلمة خلال حفل تعريف بالمناهج الدراسية الجديدة بالعاصمة إسلام أباد، إن الأفغان كسروا “سلاسل العبودية”، على حد قوله، واعتبرت تصريحات خان بمثابة تأييد واضح لحكام أفغانستان الجدد وفي الوقت نفسه كانت بمثابة انتقاد ضمني للذين شاركوا في غزو أفغانستان في الجوار الباكستاني عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول في الولايات المتحدة.
الرؤية التحليلية والتعليق
في ما جاء سلفاً، وبعد استعراض أهم المواقف الدولية العالمية حول مستجدات الوضع والمشكلة الأفغانية المعقدة، ومع حلول يوم ٣١ أغسطس/ آب وهو الموعد المحدد لخروج آخر جندي أمريكي من مطار “حامد كرزاي ” بالعاصمة كابول، وتصريحات كافة المسئولين السياسيين يميناً ويساراً، يمكن القول:
أولاً، تلعب ألمانيا وقطر دور سياسي هام بين طالبان وباقي دول العالم، وهم اللذان لهما علاقات مع طالبان خلال السنوات الماضية.
ثانياً، عدم وضوح الموقف العربي من استيلاء طالبان على مقاليد الأمور في أفغانستان، عكس ما حدث في الماضي عقب استيلاء طالبان على حكم أفغانستان عام 1989، عقب انسحاب الاتحاد السوفيتي، حيث كانت الإمارات والمملكة السعودية بجانب باكستان من أوائل الدول اعترافاً بحكم طالبان.
ثالثاً، طالبان أصبحت حقيقة وأمر واقع، ولكن أمامها مشاكل جمّة، سياسية واقتصادية واجتماعية، وكيف ستتعامل مع الأوضاع الداخلية الصعبة في ظل قلة الموارد المالية، وما هو موقف المجتمع الدولي مستقبلاً؟
التعليق
من الواضح أن الموقف الفرنسي لن يتعامل بسهولة مع طالبان، وخاصة إذا استمرت في احتضان الجماعات الإرهابية المسلحة، والإسلام السياسي، مثل الإخوان المسلمين والجهاد والجماعات الإسلامية، ناهيك عن القاعدة وداعش، وأن اختلاف وانتقاد حلفاء أمريكا لقرار الإدارة الأمريكية بالانسحاب، بل أيضاً على أسلوبه وطريقته والتوقيت وسرعة التنفيذ، وخاصة من بريطانيا وفرنسا، الذي يتضح منه أنه يمكن القول بإحلال الجانب الفرنسي للدور الفرنسي، علي غرار الدور الفرنسي في مالي والصحراء، ولكن:
أولاً، هل الأوضاع الاقتصادية الصعبة تمكّن فرنسا من القيام بذلك، أم ستعتمد على ألمانيا في هذا الجانب؟
ثانياً، مع قرب الانتخابات الرئاسية الفرنسية نهاية هذا العام وبداية العام المقبل، من المؤكد سوف تكون هذه السياسة محل انتقاد ومجادلة سياسية ضد الرئيس ماكرون من قبل منافسيه الآخرين.
ثالثاً، الرئيس ماكرون ومعاونيه، يتضح أن لديهم قناعة، بأنهم لديهم فرصة جيدة للإحلال محل الولايات المتحدة دبلوماسياً في الملفات التي لم تحقق نجاحاً فيها، ونرى ذلك في لبنان، وليبيا وسوريا، مالي، وتشاد، وبوروندي، وأخيراً في العراق.
أخيراً، المجتمع الدولي والمحللين والمهتمين والمتخصصين بالشؤون والأوضاع الدولية والعالمية في حاجة إلى مزيد من الوقت حتي تتضح الأمور والمواقف والأوضاع، في ظل أوضاع عالمية متشابكة ومعقدة، وعلى الرغم من الجدل الدائر حالياً بخصوص الوضع الأفغاني الداخلي والعالمي، بين مؤيد ومعارض، وبين متضرر ومستفيد، وبين الخوف والحذر، نأمل أن يستطيع المجتمع الدولي مداواة الجرح الأفغاني المتقيح منذ زمن طويل، وتنحية المكاسب والمغانم العسكرية والسياسية والدبلوماسية، من أجل أطفال ونساء ومرضى وفقراء، يزدادون يوماً بعد يوم، ضحايا لقضايا لا ذنب لهم فيها، سوى أنهم ولدوا في زمن تتغلب فئة مفاهيم المصالح على الاعتبارات الإنسانية.خاص وكالة “رياليست” – د. خالد عمر.