أعلن الرئيس الامريكي المنتخب “جو بايدن” عن ضم أعضاء إضافيين في فريقه بمجلس الأمن القومي، من ضمنهم “بريت ماكغورك” كمبعوث للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وجاء في بيان صادر عن مكتب الرئيس المنتخب بايدن، أن الدور الاساسي لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يتمثل بتقديم المشورة ومساعدة الرئيس بشأن الأمن القومي والسياسات الخارجية، وتنسيق تلك السياسات عبر الوكالات الحكومية. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
عودة محتملة للتدخل الأمريكي في الشرق الأوسط
إن خطوة الرئيس بايدن بتعيين “بريت ماكغورك” كمبعوث للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لهي تعبير عن سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة مستقبلاً، فبريت ماكغورك هو دبلوماسي ومحامي أمريكي، تنقل بين المناصب في عدد من الإدارات الأمريكية التي تعاقبت على البيت الأبيض خلال السنوات السابقة، كان آخرها وأبرزها منصب المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، واستمر ماكغورك فى هذا المنصب من عام 2015 حتى ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، حيث أعلن عن إستقالته من منصبه إحتجاجاً على قرار الرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، لذا فإن قناعات ماكغورك كمبعوث شرق أوسطي للإدارة الجديدة ستركز تدخلها بالإستناد لعاملين أساسيين وهما:
أولاً، كيفية تقليص حجم الهيمنة الروسية في سوريا
الجدير بالذكر، أن إستقالة ماكغورك من منصبه السابق كمبعوث خاص للتحالف الدولي ضد داعش إبان حقبة الرئيس ترامب، كانت نتاجاً لقرار ترامب بسحب تدريجي للقوات الأمريكية من سوريا، وهو ما اعتبره ماكغورك حينها كتخلي واضح لواشنطن عن حلفائها فى سوريا وعلى رأسهم قوات سوريا الديمقراطية – قسد، ورأى أن هذا القرار قد ترك سوريا تحت قبضة موسكو، لذا فإن تعيين الرئيس المنتخب جو بايدن لماكغورك في هذا المنصب، يدل على إرادة الإدارة الأمريكية الجديدة في العودة من جديد للتدخل في الساحة السورية، للضغط على روسيا وحليفها الرئيس بشار الأسد.
ثانياً، السعي لوقف التوغل التركي في المنطقة
ماكغورك يتوافق في هذه النقطة بالتحديد مع رؤية الرئيس بايدن، فماكغورك تربطه صلة وثيقة بقيادات سوريا الديمقراطية التى كانت في مرمى نيران القوات التركية وحلفاؤها منذ إعلان ترامب سحب القوات من سوريا، فلقد أوضح سابقاً أن سيطرة تركيا وحلفاؤها على مناطق في شمال شرق سوريا، سيؤدي إلى تهجير الآلاف من المدنيين وخصوصاً الأكراد وهو ما يعني تعرض المنطقة لحملة تطهير عرقي، كما أعرب أيضاً عن استيائه من عدم تأمين تركيا لحدودها الجنوبية الشرقية والتي سمحت بتدفق الإرهابيين لسوريا، كما اعتبر أن تركيا لايمكن أن تكون شريكاً يمكن الوثوق به في سوريا، يأتي ذلك مع خطاب بايدن الحاد تجاه السياسات التركية في المنطقة ولعل أبرزها التوغل في سوريا، وأزمة شرق المتوسط، بالإضافة لإعادة فتح بايدن لملف مذابح الأرمن وتعهده بمحاسبة تركيا وهو ما لم يجرؤ أحد الرؤساء الأمريكيين السابقين على فتحه، لذا فمن المتوقع أن يتخذ الخطاب السياسي الأمريكي لهجة حادة تجاه تركيا في الفترة القادمة.
الإطار التفاوضي حل ماكغورك الأبرز لأزمات المنطقة
يمتلك ماكغورك خبرة سابقة في المنطقة مرتبطة إرتباطاً خاصاً بسياسة المفاوضات وبالتحديد مع إيران خصم واشنطن الأبرز في المنطقة، فإبان فترة الرئيس أوباما طلب وزير الخارجية السابق جون كيري من ماكغورك قيادة مفاوضات سرية مع إيران، لتأمين الإفراج عن مراسل صحيفة واشنطن بوست، “جيسون رضائيان” وزوجته، بالإضافة إلى 4 أميركيين آخرين.
وتم إطلاق سراح رضائيان بالفعل عام 2016، بعد مفاوضات سرية بين ماكغورك وقادة إيرانيين، وهو ما أظهر قدرات ماكغورك التفاوضية البارزة، ومدى فاعليته في حل مشكلات تعتبرها واشنطن بمثابة أمن قومي، واستحق ماكغورك على ذلك أن يكون رجل الإدارة الديمقراطية الأول فى منطقة لا نهاية فيها للنزاعات والأزمات كالشرق الاوسط، حيث كانت هذه المهمة التى قام بها ماكغورك، أول عملية من نوعها بين الطرفين الأمريكي والإيراني.
أخيراً، يطرح تعيين الرئيس بايدن لبريت ماكغورك كمبعوث للشرق الأوسط وشمال إفريقيا عدداً من الدلالات الهامة على رأسها، الرغبة الواضحة للرئيس بايدن في تحجيم النفوذ التركي في شمال شرق سوريا وذلك من خلال العودة من جديد لدعم قسد في سوريا حتى لا تترك واشنطن الساحة السورية لموسكو، كما يبين هذا القرار نية جو بايدن في العودة من جديد للإطار التفاوضي مع إيران بشأن الإتفاق النووي ولكن بشروط جديدة هذه المرة.
فريق عمل “رياليست”.