عندما بدأت ملامح النصر في الحرب على الإرهاب في سورية تظهر إلى العلن وخاصة بعد تحرير معظم الأراضي التي استولت عليها العصابات الإرهابية المدعومة من مختلف القوى الإقليمية والعربية والدولية وبدعم لم تسبق للبشرية أن شهدت مثله في تاريخها المعاصر والقديم المكتوب منه والمنقول.
ولعل القائمين على افتعال وخوض وسير هذه الحرب أدركوا تماماً بأن سورية عصية عليهم وعلى مخططاتهم وأن الانقضاض على فريستهم سورية لن يتحقق وبخاصة بعد أن اقتنعوا تماماً بأن إلى جانب سورية والشعب السوري تقف قوى حقيقية وذات مبادىء راسخة وثابتة ومستعدة للتضحية إلى النهاية ومنع سقوط سورية في مخالب الإرهاب والحقد والفساد.
لذلك تحاول كل دولة تعويض بعضاً من خسائرها في المستنقع السوري وكأن لسان حالهم يقول “ما لم نستطيع تحقيقه بالحرب ربما نعوضه في السياسة أو الدبلوماسية وخاصة فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار إضافة إلى المشاركة والمساهمة في التنقيب عن النفط والغاز في سورية، فمن وضع نزع العقوبات الاقتصادية غير الشرعية والتي تم فرضها على الشعب السوري لتركيعه وإخضاعه لسياسات تلك الدول التي شنت ودعمت وحضرت للحرب على سورية وعلى مدى الأعوام التسع الماضية وصولاً إلى النيل من رموز الدولة السورية واتهامهم بالفساد وسرقة الشعب السوري مروراً بالمقالات المفبركة والمنسوبة إلى “وكالات فيدرالية روسية” تتحدث عن الخلافات السورية الروسية وعن توبيخ القيادة الروسية للقيادة السورية بشأن الفساد المستشري والمنتشر بين المسؤولين السورين والمحسوبين على قمة الهرم السوري ….. كل هذه الأكاذيب وغيرها ماهي إلا وسيلة ضغط على القيادة السورية أملاً من تلك الدول الوصول إلى مبتغاهم في الكعكة السورية بعد فشلهم بتحقيق أهدافهم عبر سنوات الحرب التي قاربت على الانتهاء.
ومع انتشار جائحة كورونا التي غزت العالم وقاراته كلها وبدون استثناء كان ظهور هذا الوباء في سورية وبالرغم من ظهوره المحدود إلى هذه اللحظة والمسيطر عليه من قبل الدولة السورية، بادرة أمل جديدة لقوى العدوان والمتربصين بسورية للنيل منها وإخضاعها وكأنهم يقولون في سرهم “حان الوقت لنفرض أنفسنا وشروطنا على سورية” لذلك نرى استنفاراً إعلامياً من قبل تلك الدول وعبر أقلامها المأجورة وصحفها الصفراء التي تناولت فيها مواضيع مختلفة حول ما أسموه الفساد في سورية وتوبيخ القيادة الروسية للقيادة السورية على مستوى الفساد المستشري في الطبقة الحاكمة في سورية …. إلخ من الأكاذيب والأقاويل التي تهدف إلى زعزعة الثقة بين الحكومتين السورية والروسية من جهة وإلى فتح جبهة داخلية ضد القيادة السورية من جهة أخرى ولكن هذه المرة ضمن المؤيدين للدولة السورية بالتحديد ومن بين تلك المقالات التي تناولت ذلك:
هذه المقالة بالتحديد من بين مقالات كثيرة تناولت الموضوع ذاته ولكن بتبديل في العناوين وأسماء الكتاب ومصادرها.”طباخ بوتين” يشن حملة على نظام الأسد “الضعيف والفاسد”
إن هذه المقالة تعتمد على مايسمى بـ “الوكالة الفيدرالية” والتي يعود لها نشر وحسب مصادرها تارة وتارة أخرى تستند إلى عدة كتاب ومحللين سياسيين روس بالطبع ومن بينهم إيفان أركاتوف وميخائيل تسيبلاييف وغيرهم.
وبنظرة سريعة إلى تلك الأسماء نجد بأنهم ممن يطلقون على أنفسهم الليبراليون وهم تابعون لمراكز أبحاث تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية وأن “وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية ” ماهي إلا عبارة عن البديل الحقيقي لما يسمى “صوت أمريكا” والتي تم إغلاقها من قبل الحكومة الروسية وقامت بتغيير اسمها إلى “غولاس إس إن غي” أي صوت الدول المستقلة وهي تتناول مواضيع خاصة بالدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، وعلى الرغم من ترخيصها من قبل الحكومة الروسية إلا أن تسميتها بالوكالة الفيدرالية الروسية ليس يعني بأنها بالفعل وكالة رسمية وإنما فقط الاسم يشير إلى ذلك، وبالمناسبة هي تعمل برأسمال قيمته عشرة آلاف روبل روسي أي ما يقارب الـ “أقل من 150 دولار أمريكي”.
وطبعاً المقالة تم نشرها في مايسمى “صفحة تلفزيون روسيا للكاتب المدعو سامر إلياس” وهنا علينا ألا نقف كثيراً عند خلفيات ما يسمى تلفزيون سوريا ومصادر تمويله فالجميع يعلم ذلك بأن إمارة “قطر” هي من تقف خلف هذا التلفزيون.
وبمتابعتنا لهذه المقالة التي بدأت تتناولها الكثير من المواقع ليصل بنا الأمر إلى ما يسمى بـ “موقع المدينة” ومصدره لبنان ورئيس تحريره ساطع نور الدين وهو نفسه رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية قبيل إغلاقها وتحول إلى هذا الموقع الذي يروج بنفسه بأنه بعيداً عن التكتلات اللبنانية سواء كانت من 8 أو 14 آذار، ولكن المضحك هنا بأن تمويل هذا الموقع يأتي من قبل ما يسمى بـ “عدد من مراكز الدراسات العربية وتحديداً المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أو ما يسمى بـ “معهد الدوحة” والذي يديره ما يسمى بالمفكر العربي “عضو الكنيست الإسرائيلي السابق عزمي بشارة”.
إذاً هنا يبدو الأمر واضحاً للغاية من حيث من يقف خلف تلك المنشورات وغاياتهم الغير معلنة بشكل صريح “الغاية تبرر الوسيلة”.
وربما سنكون في الأيام أو الأسابيع القادمة على موعد مع نشر المزيد من الأقاويل والأخبار على نفس النمط أو ربما ستذهب أفكارهم وإعجازهم العلمي وإبداعهم في الكذب والتلفيق إلى أبعد من ذلك بكثير.
أما لماذا هم يعتمدون في مقالاتهم على روسيا وعلى ما يسمى بالخبراء الروس والمصادر التي يسمونها مطلعة …. إلخ فالسبب الوحيد هو تلاقي الأهداف وتطابق الحب للمال القطري والأهم من ذلك كله هو رأس الهرم المشغل لكل هؤلاء “الولايات المتحدة الأمريكية”، إضافة إلى غياب ثقافة إقامة الدعوات القضائية بتهمة الكذب ونقل أخبار زائفة وترويج شائعات “استناداً إلى حرية الرأي والتعبير” فنشر مثل تلك المقالات الغير موثقة بأي دليل يذكر في الدول الغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية ستكون نتائجها كارثية عليهم ومكلفة ليست مادياً فقط وإنما ربما عقوبة السجن لسنوات طويلة.
وهنا أيضاً لابد من الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية وهو أن سورية عندما بدأت بالإعلان عن إعادة الإعمار عبر مختلف المعارض والمنصات والمؤتمرات سال لعاب الكثيرين ومن مختلف دول العالم للمشاركة بإعادة الإعمار لتحقيق الأرباح الخيالية المتوقعة من وراء ذلك ولكن إعلان الرئيس الأسد عن عدم الموافقة على أية شركة أو دولة شاركت في الحرب على سورية من المشاركة في إعادة الإعمار على الأراضي السورية، وهنا سارعت الكثير من الشركات المشبوهة على أقل تقدير إلى افتتاح شركات لها على الأراضي الروسية “تكلفتها الدنيا لا تتجاوز 200$” وتقديم نفسها على أنها شركة روسية ومحبذة لدى الشعب السوري للمشاركة بإعادة الإعمار، ولكن يبدو أن الدولة السورية لهم بالمرصاد ويمنعونهم من هذه المشاركة ومن هنا يأتي السبب الاّخر لشن الحملات من قبل ما يطلقون على أنفسهم خبراء روس أو محللين سياسيين أو مراكز أبحاث وووو إلخ لارتباطهم المادي الوثيق بتلك الشركات المشبوهة.
أخيراً علينا أن نتحرر مما يسمى بـ “عقدة الخواجة” وهي أن نصدق كل ما يقال ويتم تناقله بقصد أو دون قصد وخاصة عندما يحاول بعض الكتاب أن يلقوا بعض الضوء على تلك المقالات المغرضة وأن نطلب منهم أن يكونوا أصحاب موقف صريح وواضح لا أن يدسوا السم بالعسل فالبعض يكتب وبعناوين طنانة ورنانة من هذا القبيل فيخصص جزء من مقالته لنقل الخبر ثم يتشعب في مقالته لدس السم وصب الزيت على النار وتمرير بعض الرسائل والإشارات التي تبدو في غير مكانها فمهما حاولت الأرانب مقارعة الأسد لن تصل إلى حدود غابة الملك!
خاص وكالة “رياليست” الروسية – د. فائز حوالة – موسكو