قالت وزارة الدفاع التركية إن طائراتها الحربية قصفت أهدافا للمسلحين الأكراد في منطقة هفتانين بشمال العراق، في ثاني عملية من نوعها ضد حزب العمال الكردستاني في الأيام القليلة الماضية، وقالت الوزارة على تويتر: “إن عناصر وحدات الكوماندوز الأبطال موجودة حاليا في منطقة هفتانين” ووصفت العملية الجديدة باسم “المخلب النمر”. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وجاءت العملية العسكرية التركية بحسب ما صرحت به وزارة الدفاع التركية، بعد أيام فقط من كشف تركيا النقاب عن عملية أطلقت عليها “اسم المخلب النسر” قصفت خلالها أهدافاً لحزب العمال الكردستاني في مناطق مختلفة بشمال العراق.
لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية وهي الدولة العظمى والأولى عالمياً من حيث قوتها وقواعدها العسكرية المنتشرة حول العالم، بشن هذا الكم من العمليات العسكرية، على الرغم من قدرتها على ذلك، على عكس تركيا التي أثبتت حضورها في سوريا وليبيا والعراق، حتى أنها دخلت على خط الأزمة الخليجية – الخليجية وأنشأت قاعدة عسكرية لها في دولة قطر، العمليات العسكرية التركية تحمل معانٍ كثيرة مبدأها حق يُراد به باطل، من درع الفرات إلى غصن الزيتون ونبع السلام إلى المخلب النمر والمخلب النسر، تحت عناوين الأمن القومي وحماية الحدود من الهجمات الإرهابية.
وقبل أيام شهد البرلمان التركي عراكاً بالأيدي بين المعارضة التركية وحزب الحركة القومية المناصر لحزب العدالة والتنمية “الحزب الحاكم”، على خلفية تشريع قانون “حراس الأحياء”، التابعين لوزارة الداخلية التركية، هدفه الظاهري حراسة الأحياء التركية، فيما رأى مراقبون أنه خنق للحريات وإطباق على كل من يحاول الإطاحة أو الإنقلاب، في بلد هو الأول من حيث عدد الإنقلابات فيه، فمن ماذا تخاف تركيا وهي التي باتت تسيطر خارج حدود دولتها ضاربة بعرض الحائط كل القوانين الدولية والمعاهدات والمواثيق.
فمن المعروف العداء التاريخي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، وليس جديداً إن كان هناك هجمات متبادلة بين الطرفين، لكن انقرة تذرعت بأن هجمات الأكراد تزايدت على الجيش التركي وأصبح لزاماً عليها إطلاق عمليتها العسكرية، وهذا أمر منطقي إن كان صحيحاً وبالطبع داخل أراضيها، لكن تقوم تركيا الآن بإطلاق عمليات عسكرية على دول ذات سيادة، دون إستئذان، مستقوية بالقطبية الأحادية التي تتمتع بها حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، عن التغاضي عنها في سوريا وليبيا، وحتى أثناء تنقيب أنقرة عن الغاز في المتوسط دون إكتراث باليونان وقبرص، فالأمر أصبح أكبر من الإستحواذ على مصادر الطاقة من خلال العمليات العسكرية، بل أصبح إحتلالا ًموصوفاً وعن سابق تصميم.
الآن لا مجتمع دولي نزيه يحاسب الدول التي تعتدي على سيادات الدول الأخرى، ولا دول عظمى تكترث خارج إطار مصالحها، بل هم يؤيدون هذه الأعمال، خاصة في الدول التي تعاني أوضاعاً كسوريا والعراق، ما يعني أن تركيا تمتلك زمام مبادرة حول كل ما تريد القيام به، فلقد وضعت جنود أتراك لها منذ بداية الربيع العربي، في منطقة بعشيقة في العراق، الأمر الذي عدّه مراقبين بأنه أحتلال ويجب التعامل مع التواجد التركي على هذا الأساس.
من هذا المنطلق، ولأن منظومة الدول العربية في غالبيتها دول ضعيفة بفعل الواقع الإرهابي الذي إجتاحها، لكن تركيا إستطاعت إستثمار هذا الضعف لصالها، فأطلق عملياتها المخلبية كما مخالب النسر الذي يطبق على فريسته، لكن مع هذا التطور، تعمل القيادة في تركيا، عبر عودة الطورانية في دول جوارها، وتطبيق سياسة التتريك في سوريا، وتثبيت قاعدة عسكرية في ليبيا، ما يعني أن إعادة أمجاد الدولة العثمانية قاب قوسين أو أدنى، إن لم يتحرك العرب بشكل فوري، وتعيد مصر ثقلها الإقليمي، ويقوم الخليج بفتح الأبواب لمساعدة العرب في مواجهة تركيا.
وبدل أن تكون العملية العسكرية التركية ضد الأكراد خارج حدود دولتها، حريّ بها التعامل مع الأعداء الذين شكلتهم قديماً وحديثاً، فمجابهة تركيا حاضرة، وها هي المفخخات من السيارات في الشرق السوري، تطيخ بها ومرتزقتها.
فريق عمل “رياليست”.