موسكو – (رياليست عربي): إن المحادثات التي أجراها فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع ضيفه رئيس وزراء الهند (ناريندرا مودي) والتي ركزت على هدف البلدين لزيادة حجم التبادل التجاري بين نيودلهي وموسكو ليصل إلى 100 مليار دولار بحلول العام 2030 حيث يطمح الجانبان إلى زيادة إمدادات البضائع على طول الممر الدولي بين الشمال والجنوب عن طريق بحر الشمال وطريق (تشيناي – فلاديفوستوك) فضلاً عن محاولات الكرملين الروسي إقناع الهند بالإبتعاد عن الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بإعادة النظر في خطط نيودلهي لشراء معدات عسكرية روسية كما كان مخططاً قبل تدخل واشنطن وإيقافها الصفقة بين نيودلهي وموسكو
بعد أن أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات رسمية في الكرملين مع ضيفه رئيس الوزراء الهندي (ناريندا مودي)، وناقشا خلالها بالتفصيل مجموعة كاملة من القضايا المتصلة بالعلاقات بين روسيا والهند:
- أكد الزعيمان معاً أن هدفهما سيكون زيادة حجم التجارة بين البلدين ليصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، ولهذا أكدا معاً على أهمية تطوير التعاون الإقتصادي من خلال زيادة إمدادات البضائع على طول الممر الدولي بين الشمال والجنوب، وطريق بحر الشمال وطريق (تشيناي – فلاديفوستوك).
- بالإضافة إلى ذلك، اتفق الطرفان على تحسين الإجراءات الجمركية من خلال استخدام الأنظمة الرقمية الذكية لحركة البضائع الخالية من العوائق، وأكد الطرفان أنهما سيواصلان بذل الجهود معاً لتكثيف استخدام مركز التجارة الدولية من أجل تقليل الوقت وتكلفة نقل البضائع، وكذلك لتعزيز الإتصالات في الفضاء الأوراسي، حيث أشار قادة ووزراء الجانبين الروسي والهندي إلى أن التعاون في مجال النقل والخدمات اللوجستية سيقوم على مبادئ الشفافية والمشاركة الواسعة ومراعاة الأولويات المحلية والإستدامة المالية، فضلاً عن إحترام سيادة جميع الدول ووحدة أراضيها.
- وشجع الطرفان التعاون في تطوير النقل البحري بين روسيا والهند على طول طريق بحر الشمال، ولهذه الأغراض، أعربا عن استعدادهما لإنشاء هيئة عمل مشتركة في إطار اللجنة الحكومية (الروسية – الهندية) للتعاون التجاري والإقتصادي والعلمي والتقني والتفاعل الثقافي باستخدام طريق بحر الشمال.
- وفيما يتعلق بالإتصالات السياسية بين نيودلهي وموسكو: أشاد القادة بالطبيعة الخاصة لهذه العلاقة التي صمدت أمام اختبارات الزمن، لكونها تقوم على الثقة والتفاهم المتبادل والتقارب الإستراتيجي، حيث ساهمت الإتصالات المنتظمة على جميع المستويات، بما في ذلك خلال رئاسة الهند لمنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة العشرين في عام 2023 ورئاسة روسيا لمجموعة بريكس عام 2024، في زيادة تعميق الشراكة الثنائية المتنامية.
- ولهذا السبب قيَّم القادة بشكل إيجابي العلاقات (الروسية – الهندية) المتعددة الأوجه ذات المنفعة المتبادلة، والتي تغطي مجالات مختلفة من التعاون، بما في ذلك السياسة والتخطيط الإستراتيجي والعسكري والأمني والتجارة والإستثمار والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والتعاون في مجال الطاقة الذرية السلمية، ومجالات الفضاء والثقافة والتعليم والتفاعل الإنساني، حيث لوحظ أنه إلى جانب الإستمرار في تعزيز مجالات التعاون التقليدية، فإن الأطراف تستكشف مجالات جديدة بنشاط.
- وفيما يتعلق بالتعاون بين وزراتي الخارجية في كلا البلدين:
رحب القادة بالتفاعل الوثيق بين وزارتي الخارجية في كلا البلدين، وبالإجتماعات المتكررة وتبادل وجهات النظر على مستوى وزراء الخارجية، باعتبارها تساهم بشكل فعال في بناء وتطوير الشراكة الثنائية ضمن بيئة جيوسياسية صعبة، فضلاً عن تكيفها مع الظروف المتغيرة، حيث ساهم ذلك التنسيق الوثيق المنتظم في فهم أعمق واحترام المصالح والمواقف الرئيسية بشأن القضايا الدولية في مختلف المنظمات الدولية والمتعددة الأطراف، سواءً لوزارة الخارجية الروسية أو لنظيرتها الهندية، خاصةً في منظمة الأمم المتحدة.
- كما رحب القادة بالتوقيع خلال شهر ديسمبر 2023 على بروتوكول المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية الروسية ووزارة خارجية جمهورية الهند للفترة بين عامي 2024-2028، وهو البروتكول الذي سيضع الأساس لتبادل وجهات النظر والحوار بشأن القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية الأكثر إلحاحاً، حيث سيتم عقد مشاورات منتظمة بين وزارتي الخارجية بشأن جدول الأعمال الثنائي وقضايا الأمم المتحدة ومكافحة الإرهاب والتفاعل القنصلي والقضايا الدبلوماسية، وكذلك حول القضايا العالمية والإقليمية ذات الإهتمام المشترك.
- أما فيما يتعلق بآليات التفاعل البرلماني بين برلمانات نيودلهي وموسكو:
أشار الطرفان الروسي والهندي إلى التفاعل الوثيق بين البرلمانين وشددا معاً على أهمية الإجتماعات المنتظمة التي تعقدها اللجنة البرلمانية (الروسية – الهندية) المشتركة ومجموعات الصداقة البرلمانية في كلا المجلسين، باعتبارها عنصراً هاماً في العلاقات (الروسية – الهندية) حيث رحبوا بزيارة رئيسة مجلس الجمعية الفيدرالية الروسية السيدة (فالنتينا ماتفيينكو) إلى نيودلهي في أكتوبر 2023 للمشاركة في القمة التاسعة لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين.
- التعاون بين المجالس الأمنية لدى المؤسسات الأمنية في البلدين:
- أكد الزعيمان الروسي والهندي على الأهمية الكبرى للحوار حول القضايا الثنائية والإقليمية على مستوى أمين مجلس الأمن في روسيا ومستشار رئيس وزراء جمهورية الهند لشؤون الأمن القومي ومجلس الأمن، كما رحبوا باتصالاتهم المنتظمة والتي من شأنها أن تساعد في تحسين عملية التفاهم والتنسيق الإستراتيجيين بشأن جدول الأعمال الثنائي والقضايا العالمية والإقليمية ذات الأهمية الكبيرة لكلا البلدين.
- التعاون التجاري والإقتصادي بين حكومتي البلدين:
- أشار قادة نيودلهي وموسكو إلى النمو الكبير في التجارة الثنائية خلال عام 2023، وهو ما يضاعف تقريباً هدف القادة المتمثل بإيصال هذه التجارة إلى مستوى 30 مليار دولار بحلول عام 2025 من أجل تحقيق تجارة ثنائية متوازنة ومستدامة على المدى الطويل.
- ولهذا الغرض أكد الزعيمان الحاجة إلى زيادة الصادرات الهندية إلى روسيا، بما في ذلك عن طريق تعزيز التعاون الصناعي، وإقامة شراكات تكنولوجية واستثمارية جديدة، وخاصة في المجالات المتقدمة، والبحث عن اتجاهات وفرص جديدة لأشكال التعاون، وهو الأمر الذي دفع الجانبان للتركيز على سبل زيادة حجم التجارة إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2032 من أجل تسريع معدل نمو التجارة الثنائية والحفاظ عليه.
- ولهذا أشاد القادة بعقد الإجتماع الــــــــ24 لأعمال اللجنة الحكومية (الروسية – الهندية) للتعاون التجاري والإقتصادي والعلمي والفني والثقافي ومنتدى الأعمال الروسي الهندي في نيودلهي خلال شهر أبريل 2023، بالإضافة إلى الجلسات الإفتتاحية لمجموعات العمل والمجموعات الفرعية للتصنيف الدولي للبراءات المعنية بالنقل والتنمية الحضرية والسكك الحديدية، حيث قام الطرفان بتقييم عمل اللجنة الحكومية الدولية بشكل إيجابي من أجل مواصلة توسيع وتنويع العلاقات التجارية والإقتصادية الثنائية، وتمَّ الإتفاق بينهما على عقد الإجتماع القادم للجنة الحكومية الروسية الهندية للتعاون التجاري والإقتصادي والعلمي والفني والثقافي خلال النصف الثاني من العام الجاري 2024 في روسيا.
- وإتفق الجانبان الروسي والهندي أيضاً على مواصلة التطوير المشترك لأنظمة التسوية الثنائية من خلال استخدام العملات الوطنية، واتفقا على مواصلة المشاورات بشأن ربط أنظمة المراسلة المالية الخاصة بهما، حيث أشارا إلى أهمية إيجاد حلول مقبولة للطرفين لقضايا التأمين وإعادة التأمين لصالح زيادة التجارة الثنائية.
- ومن أجل إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام التجارة، بما في ذلك التدابير الحمائية والحواجز الإدارية، أعرب الجانبان عن تقديرهما البالغ للمشاورات الأولية التي عقدت خلال شهر مارس 2024، وذلك لمناقشة المفاوضات الكاملة حول إبرام اتفاقية تجارة حرة بين الإتحاد الاقتصادي الأوراسي وجمهورية الهند، حيث أصدر القادة تعليماتهم إلى الإدارات المعنية لاستكشاف إمكانية إجراء مفاوضات حول توقيع اتفاقية ثنائية حول التجارة الحرة تتعلق بمجالي الخدمات والإستثمارات.
- ونظراً للأهمية الكبيرة للتعاون الصناعي في تطوير العلاقات بين البلدين، أكد الجانبان رغبتهما المتبادلة في تعزيز التعاون الصناعي في مجال هندسة النقل والمعادن والصناعة الكيميائية والقطاعات الأخرى ذات الإهتمام المشترك، حيث أعرب الجانبان عزمهما لتهيئة الظروف المواتية لتنفيذ المشاريع المشتركة الواعدة في المجالات ذات الأولوية، وشددا على أهمية زيادة التدفقات التجارية المضادة للمنتجات الصناعية، فضلاً عن زيادة حصة البلدين في حجم التجارة الثنائية والدولية. ولهذا أكد الطرفان أن الإتفاقية الموقعة في مايو 2024 بين دائرة الجمارك الفيدرالية والمجلس المركزي للضرائب والجمارك غير المباشرة في الهند بشأن الإعتراف المتبادل بالمؤسسات ذات الصلة للمشغل الإقتصادي المعتمد ستعطي زخماً إضافياً لتوسيع نطاق نطاق وزيادة حجم التجارة الروسية الهندية، وسيضمن أيضاً أمن سلاسل التوريد.
- كما اتفق الجانبان على مواصلة العمل بشأن مشروع إتفاقية بين حكومة روسيا وحكومة جمهورية الهند بشأن أنشطة العمل المؤقتة للمواطنين، واتفقا على مواصلة التعاون في مجال الإمدادات المستدامة للأسمدة إلى الهند على أساس عقود طويلة الأجل بين الشركات في إطار لجنة الأسمدة الروسية الهندية المشتركة.
- ورحب القادة بنتائج (منتدى الإستثمار الروسي الهندي) الأول الذي عقد في موسكو خلال شهر أبريل 2024 والإجتماع السابع لفريق عمل اللجنة الحكومية الدولية المعني بمشاريع الإستثمار ذات الأولوية، والذي اتفقت خلاله الأطراف على تسهيل مشاركة الشركات الروسية في برامج (صنع في الهند)، و (الهند المكتفية ذاتياً)، فضلاً عن الشركات الهندية في المشاريع الإستثمارية في روسيا، حيث يشجع الجانب الهندي الشركات الروسية على إطلاق الإنتاج في المناطق الصناعية الجديدة في الهند كجزء من برنامج حكومته لإنشاء ممرات صناعية. وأكد الجانبان اهتمامهما بتوسيع التعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات السلكية واللاسلكية عبر الأقمار الصناعية، ورقمنة الإدارة العامة والبيئة الحضرية، والإتصالات المتنقلة، وأمن المعلومات.
- التعاون في مجال الذرة و الفضاء السلمي بين روسيا و الهند:
- أشار الجانبان الروسي والهندي إلى أهمية التعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية باعتباره عنصراً أساسياً في الشراكة الإستراتيجية، ورحبوا بالتقدم المحرز في بناء وحدات الطاقة المتبقية في محطة (كودانكولام) للطاقة النووية، واتفقوا على الإلتزام بالجدول الزمني الحالي، بما في ذلك مواعيد تسليم المعدات.
- وأكد الجانبان على ضرورة إجراء مزيد من المناقشات حول تخصيص موقع ثانٍ في الهند وفقاً للإتفاقيات المبرمة سابقاً بينهما، حيث اتفقا أيضاً خلال المحادثات على مواصلة المشاورات الفنية بشأن تنفيذ مشروع بناء محطة جديدة للطاقة النووية بطراز روسي مع محطة مفاعل نووية بسعة (“VVER-1200”) وتأمين المعدات والإنتاج المشترك لمكونات محطة الطاقة النووية، وكذلك بشأن قضايا تنسيق الأنشطة في بلدان ثالثة، وأكدا عزمهما على توسيع التعاون في مجال دورة الوقود النووي، وضمان دورة حياة محطة (كودانكولام) للطاقة النووية والتطبيقات غير المتعلقة بالطاقة للتكنولوجيات النووية.
- ونظراً لأهمية التعاون في مجال استكشاف الفضاء، رحبت الأطراف بتوسيع الشراكة بين المؤسسة الحكومية للأنشطة الفضائية (روس كوسموس) ومنظمة أبحاث الفضاء الهندية لاستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، بما في ذلك برامج الفضاء المأهولة والملاحة عبر الأقمار الصناعية واستكشاف الكواكب، حيث هنأ الجانب الروسي الهند على الهبوط الناجح للمركبة القمرية (تشاندرايان-3)، والذي كان خطوة مهمة في استكشاف الفضاء وتأكيداً للتقدم الكبير الذي حققته الهند في مجال العلوم والتكنولوجيا، والذي سيكون مفيداً للتعاون الثنائي، واتفقا على دراسة آفاق تعزيز التعاون في مجال تطوير وإنتاج واستخدام محركات الصواريخ.
- التعاون العسكري والتقني بين روسيا و الهند:
أكد الجانبان الروسي والهندي على أهمية التعاون العسكري والتقني لكونه ما زال تقليدياً يمثل حجر الزاوية الرئيسي في الشراكة الإستراتيجية الروسية الهندية المتميزة بشكلٍ خاص.
- كما أكد قادة نيودلهي وموسكو على ضرورة تعزيزها تدريجياً كما هو حاصل حالياً بينهما على مرِّ العقود بفضل الجهود المشتركة والتعاون المثمر في إطار اللجنة الحكومية الدولية (الروسية – الهندية) المعنية بالشؤون العسكرية والتعاون العسكري الفني.
- وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للإتصالات العسكرية المنتظمة، بما في ذلك اجتماع وزراء الدفاع في أبريل 2023 في نيودلهي في إطار اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في منظمة (شنغهاي) للتعاون والتدريبات المشتركة للقوات المسلحة للبلدين، حيث اتفق القادة على عقد الإجتماع الــــــــ21 لأعمال اللجنة الحكومية الدولية بشأن التعاون العسكري والعسكري في موسكو في النصف الثاني من عام 2024.
- ونظراً لرغبة الهند في الإكتفاء الذاتي، تعيد الشراكة الآن التركيز على البحث والتطوير المشترك والتطوير والإنتاج المشترك لتقنيات وأنظمة الدفاع المتقدمة، حيث أكد الجانبان التزامهما بزيادة عدد فعاليات التعاون العسكري المشترك وتوسيع تبادل الوفود العسكرية.
- واتفق الجانبان على اتخاذ المزيد من الخطوات لتحفيز الإنتاج المشترك في الهند لقطع الغيار والمكونات والتجميعات، وغيرها من المنتجات من أجل خدمة المعدات والأسلحة الروسية الصنع وفقاً لبرنامج (صنع في الهند) من خلال نقل التكنولوجيا والتعاون المشترك وإنشاء مشاريع جديدة لتلبية احتياجات القوات المسلحة الهندية، وكذلك تنفيذ إتفاق الطرفين على التصدير اللاحق إلى دول ثالثة صديقة لكلتا الدولتين. ولهذا اتفق الجانبان على إنشاء فريق عمل جديد معني بالتعاون التكنولوجي ومناقشة اللوائح الخاصة في الإجتماع المقبل لأعمال اللجنة الحكومية الدولية المعنية بشأن النقل العسكري.
- التعاون في مجال التعليم والعلوم والتكنولوجيا:
أشار الجانبان الروسي والهندي إلى أهمية التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا والإبتكار، وأكدا اهتمامهما المتبادل بتطوير الشراكات بين المنظمات التعليمية والعلمية، لتنفيذ مختلف أشكال الحراك الأكاديمي والبرامج التعليمية والمشاريع البحثية، وذلك من خلال إنفتاح وتفاعل الهند مع فروع المنظمات التعليمية والعلمية الروسية المهتمة بالتعاون مع الهند.
- ولهذا السبب، أشاد الجانبان بأهمية التنفيذ الناجح لخارطة الطريق التي وضعت لتحقيق التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا والإبتكار منذ عام 2021 بين وزارة العلوم والتعليم العالي في روسيا وإدارة العلوم والتكنولوجيا في الهند، بما في ذلك تنفيذ المشاريع بالحثية (الروسية – الهندية) بتمويل من الوزارات وصناديق علمية من البلدين.
- وتأكيداً على أهمية البحث المشترك في مجال العلوم والتكنولوجيا والإبتكار، اتفق الجانبان الروسي والهندي على العمل معاً في إطار خارطة الطريق المذكورة لتعزيز التفاعل في مجال الإبتكار بين البلدين، فضلاً عن التركيز على التسويق التجاري للتكنولوجيات وتقديم الدعم في جميع أنحاء تنفيذ المشاريع المشتركة ذات الأهمية الإقتصادية والإجتماعية، كما اتفقا على استكشاف إمكانية إنشاء مراكز دولية لريادة الأعمال المبتكرة والتفاعل بين المجموعات لتحسين الشراكات التكنولوجية.
- وحدد الجانبان الروسي والهندي خلال محادثتهما، ملفات التعاون المحتملة في مجالات الزراعة والغذاء والعلوم والتكنولوجيا وبناء السفن وإصلاح السفن والإقتصاد الأزرق والصناعة البحرية وموارد المحيطات والكيمياء والإختراعات فيها والطاقة والموارد المائية والمناخ والموارد الطبيعية والرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية وعلم الأحياء والتكنولوجيا الحيوية والرياضيات التطبيقية وتحليلات البيانات والتقنيات ذات الصلة، وعلوم المواد والفيزياء وعلم الفلك والعلوم القطبية وتكنولوجيا النانو.
- كما أشار الجانبان إلى التنفيذ الناجح للطلبات المشتركة للمشاريع البحثية المشتركة لإدارة العلوم والتكنولوجيا بحكومة جمهورية الهند ووزارة العلوم والتعليم العالي في روسيا، فضلاً عن مؤسسة العلوم الروسية في المجالات ذات الإهتمام المشترك. وأكدا عزمهما على إنشاء فريق عمل معني بالتعليم العالي في إطار أعمال اللجنة الحكومية الدولية بمشاركة ممثلين عن الإدارات والمنظمات المهتمة في البلدين لحل قضايا التفاعل الملحة في هذا المجال، واتفقا على مواصلة المشاورات بشأن الإعتراف المتبادل بالتعليم والدرجات الأكاديمية، والشهادات العلمية الممنوحة من قبل المؤسسات العلمية في جامعات البلدين.
- وأعرب الجانبان عن دعمهما لعقد موائد مستديرة روسية هندية وندوات ومؤتمرات وغيرها من الأحداث التي تهدف إلى تعزيز وتوسيع العلاقات الثنائية في مجال التعليم والعلوم، اعترافاً بالتعاون التقليدي القوي بين روسيا والهند في مجال التعليم، واتفقا على مواصلة الجهود لتطوير العلاقات بين الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى، ورحبا بقمة التعليم التي عقدت في الهند بمشاركة حوالي 60 جامعة روسية خلال شهر أبريل 2024.
- التعاون بين روسيا والهند في الأمم المتحدة وغيرها من المنصات الدولية:
أشار قادة نيودلهي وموسكو إلى المستوى العالي للحوار السياسي والتعاون بين البلدين في منظمة الأمم المتحدة واتفقا على مواصلة تطويره، وأشاروا إلى أهمية إعطاء زخم جديد للتعددية مع الدور التنسيقي المركزي لمنظمة الأمم المتحدة في الشؤون العالمية، وشدد الجانبان على سيادة القانون الدولي، وعلى التزامهما بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
- وأعربت روسيا عن تقديرها الكبير لعمل الهند كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في الفترة بين (2021-2022)، فضلاً عن الأولويات التي حددتها والجهود المبذولة في مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة في مجالات تعزيز التعددية التي تمَّ إصلاحها، وحفظ السلام، وتعزيز التعاون الدولي، والحرب ضد الإرهاب، كما شددا معاً على أن وجود الهند في مجلس الأمن الدولي، سيوفر فرصة قيمة لمزيد من التنسيق بشأن القضايا الأكثر إلحاحاً على جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة.
- ودعا قادة نيودلهي وموسكو إلى إصلاح شامل لمجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة ليعكس الحقائق العالمية الحديثة، ولجعله أكثر تمثيلاً وفعالية وكفاءة في معالجة قضايا السلام والأمن الدوليين.
- ولهذا أكدت روسيا مجدداً دعمها المستمر لترشيح دولة الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي بعد إصلاحه وتوسيعه، وهو الأمر الذي وعدت موسكو بأنها ستساعد الهند لتحقيقه مستقبلاً.
- التعاون بين روسيا والهند في مجال مكافحة الإرهاب:
- أدان قادة نيودلهي وموسكو بالإجماع الإرهاب والتطرف العنيف بجميع أشكاله ومظاهره، بما في ذلك تحركات الإرهابيين عبر الحدود، وكذلك شبكات تمويل الإرهاب والملاذات الآمنة، وأدانوا بشدة الهجمات الإرهابية الغادرة الأخيرة على قاعة مدينة (كروكوس) الروسية بتاريخ 22 مارس 2024، وفي داغستان بتاريخ 23 يونيو 2024، وفي منطقة (كاثوا) في (جامو وكشمير) الهنديتيين بتاريخ 8 يوليو 2024، وشددوا على أن هذه الهجمات الإرهابية هي تذكير قاتم بـالحاجة إلى مواصلة تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
- ودعا الجانبان الروسي والهندي إلى مكافحة الإرهاب الدولي والتطرف بجميع أشكالهما ومظاهرهما بلا هوادة، مشيرين إلى أهمية زيادة التعاون في هذا المجال دون أجندات خفية ومعايير مزدوجة على أساس متين من بنود القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة. وشددا بشكلٍ منفصلٍ على ضرورة التنفيذ الصارم لمختلف القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة والجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، وكذلك تنفيذ إستراتيجية منظمة الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.
- كما شددت الجانبان على أن المسؤولية الأساسية في مكافحة الإرهاب تقع على عاتق الدول وسلطاتها المختصة وأن الجهود العالمية لمنع التهديدات الإرهابية ومكافحتها يجب أن تكون متسقة تماماً مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.
- ولهذا دعا القادة إلى عدم التسامح إطلاقاً تجاه الإرهاب والإسراع في استكمال وضع واعتماد (إتفاقية شاملة بشأن الإرهاب) في منظمة الأمم المتحدة، فضلاً عن تنفيذ قرارات الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف الذي ليس له دين أو جنسية أو حضارة أو عرق، ولهذا السبب أعرب الجانبان عن تقديرهما البالغ للإجتماع الخاص للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي عقد في أكتوبر 2022 في نيودلهي برئاسة الهند، ورحبا معاً بإعلان نيودلهي الذي تمَّ اعتماده بالإجماع بشأن مكافحة استخدام التقنيات الجديدة لأغراض أو مقاصد إرهابية.
- وأشار الجانبان الروسي والهندي إلى أن الوثيقة تهدف إلى معالجة المخاوف الرئيسية المتعلقة بالإستخدام الإرهابي لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، مثل وسائل التواصل الإجتماعي ومنصات التمويل الجماعي، فضلاً عن إساءة استخدام المركبات الجوية المسيرة، وأكدا التزامهما بتعزيز التعاون المتعدد الأطراف في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والإتجار بالمخدرات.
- وفي نهاية هذه الزيارة واللقاءات والمحادثات التي شهدتها موسكو، شكر رئيس وزراء جمهورية الهند (ناريندا مودي) الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حسن الضيافة الذي حظي به والوفد الهندي المرافق له، ودعا الضيف مودي الرئيس بوتين لزيارة الهند خلال العام المقبل للمشاركة في القمة (الروسية – الهندية) السنوية الثالثة والعشرين.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الروسية و العالمية:
- يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية بين جمهورية الهند وروسيا وتأثيرها على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مثل الخبير الروسي العالمي، البروفيسور (أليكسي ماسلوف) مدير معهد جامعة “موسكو” الحكومية للدراسات الآسيوية والأفريقية، أنه من الواضح أن رئيس الوزراء الهندي (ناريندا مودي) يريد تعزيز نفوذه في المنطقة، ولذلك فهو بحاجة ماسة لروسيا لكي تكون شريكاً مهماً للغاية.
- ويضيف الخبير الروسي أن زيارة (ناريندا مودي) إلى موسكو تأتي وسط مخاوف غربية مفضوحة أعربت عنها وزارة الخارجية الأميركية بشأن علاقة الهند مع روسيا في ضوء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث ما تزال نيودلهي ترفض حتى اليوم إدانة التقدم الروسي في أوكرانيا بشكلٍ صريح، لأن من بين أهم أولويات (ناريندا مودي) خلال زيارته لموسكو هو إصلاح الإختلالات المالية والتجارية للهند مع روسيا، وإطلاق سراح الهنود الذين شاركوا في القتال إلى جانب قوات نظام كييف في أوكرانيا.
- ويرى الخبير (أليكسي ماسلوف) أن مهمة (ناريندا مودي) الأساسية خلال هذه الزيارة كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى حل مسألة الخلل في العلاقات التجارية والمالية، ولهذا ركز الجانبان الروسي والهندي بشكل أساسي على جذب الإستثمارات في الصناعة النووية ومجالات الطاقة، كما ناقشا مرةً أخرى أيضاً خطط الهند لشراء معدات عسكرية روسية، والتي توقفت في وقتٍ سابقٍ بسبب الضغوط الغربية التي مارسها الأمريكيون على الهند، حيث حاول الرئيس بوتين إقناع القادة الهنود للقيام بخطوة جريئة في هذا الملف، من أجل مساعدة قادة وساسة نيودلهي في الهند للإبتعاد تدريجياً عن الولايات المتحدة الأمريكية.
- فيما يرى خبير روسي آخر، هو (أليكسي كوبريانوف)، مدير مركز منطقة المحيط الهندي ضمن معهد الإقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في موسكو أن هذه الزيارة لرئيس وزراء الهند كانت عبارة عن قرار طال انتظاره، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زار الهند آخر مرة سنة 2021 بينما زار (ناريندا مودي) روسيا في سنة 2019، ولهذا السبب فقد تباطئ التعاون العسكري التقني بين البلدين قليلاً، خلافاً للتعاون الإقتصادي الذي ما زال مستمراً في التطور نتيجة المفاوضات الدائمة بين الجانبين والتي ساهمت في التوقيع على وثائق تهدف إلى تحسين تنظيم التعاون الإقتصادي بينهما.
- فيما رأت خبيرة روسية ثالثة، هي الخبيرة (ليديا كوليك) الباحثة في مركز الدراسات الهندية التابع لمعهد الدراسات الشرقية في موسكو، أن كلا الزعيمين الروسي والهندي مدركان تماماً لحقيقة أن العالم قد تغيير كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية منذ أزمة جائحة كورونا وما تلا ذلك من تغيرات سياسية وعسكرية وأمنية وإقتصادية وصناعية وتجارية، وأن لدى زعيمي الدولتين الكثير من الإمكانيات لوضع بصماتهم ضمن النظام العالمي الناشئ حالياً، والذي بات يتطلب من نيودلهي وموسكو أن تكونا أكثر تعاوناً فيما بينهما.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.