تحاول جهات عديدة أغلبها مؤيدة للتيارات المتشددة ، وكذلك التابعة لقيادات المليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، وبعض التيارات المؤيدة للتواجد التركي، استغلال أي حادثة تقع في مناطق سيطرة الجيش الليبي ، خصوصا مدينة بنغازي، وتجيرها لصالح أهوائها ، وكأنها عمل يومي مستمر .
من هذه الأحداث تسييس مقتل السيدة حنان البرعصي بمدينة بنغازي، والذي يمثل تصرفا متوقعا من هذه التيارات ، التي تتناسى أن عواصم دولية كُبرى، يشهد لها بالأمن والأمان القوي، تحدث فيها اختراقات أمنية متعددة ، وكذلك جرائم جنائية على مدار الساعة. وبالطبع لا أحد يبرر القتل، حتى وإن كان المخطئ ارتكب جرما يستحق عليه القتل ، لكن يجب أن يعاقب وفق القانون، وعبر قنوات تنفيذ القانون.
غير أن المتباكون على ما يحدث في مناطق البلاد الآمنة في الشرق الليبي أو جنوبه ، لم نسمع لهم صوتا حيال جرائم حدثت في غرب البلاد ، أغلبها حدثت منذ أكثر من 6 سنوات، ولم يطالبوا بتحقيق فيها، بل حتى أن وسائل اعلامهم لا تأتي على ذكرها في اي مناسبة. وفي صدد التذكير بما حدث في غرب البلاد، نسوق لكم تقاريرا صادرة عن حكومة الوفاق، وبحسب احصائية من وزارة داخليتها في عام 2017 سجل فيها جهاز البحث الجنائي بطرابلس، وقوع 1038 جريمة قتل، وبينت الاحضائية إنه في نفس العام ، خُطف 676 شخصاً، جرى تحرير 100 مختطف منهم، لكن 74 قتلوا على يد خاطفيهم، ولا يزال مصير باقي المختطفين مجهولاً.
ومن ضمن تقارير حكومة الوفاق ، التي أوردتها بيانات رسمية عن مكتب التحري بوزارة الداخلية بطرابلس، يذكر أحداها أنه تم تسجيل 1400 حادثة ، ما بين جريمة خطف، وسطو بالعاصمة طرابلس، خلال الفترة مـا بين 15 ديسمبر 2016 حتى 31 يناير 2017، منها 293 جريمة خطف، وصلت عمليات خطف النساء إلى 11 حالة اختطاف لسـيدات مـتزوجات ، وعدد 21 جريمة خطف لفتيات صغيرات السن. من الجرائم التي حدثت في طرابلس منذ سنوات ولم يتم الكشف عن فاعليها، أو الاجراءات التي وصلت لها التحقيقات، جريمة العثور على جثة المحامي “ياسر يوسف عثمان” البالغ من العمر 60 سنة، بأحد شوارع منطقة عين زاره، بعد قرابة شهر من اختطافه ، وحسب تقرير الطب الشرعي، فإن سبب الوفاة سكتة قلبية نتيجة التعذيب.
أيضا من جرائم مليشيات حكومة الوفاق الكبرى اغتيال عميد بلدية مصراتة محمد شتيوي بتاريخ 18-12-2017 فور خروجه من المطار قادما من تركيا، وتم قتله على يد مسلحين لاحقوه من المطار، وبعد اختطافه قاموا بقتله، وتركوا جثته بعد ذلك في الشارع، ولم يتم اتخاذ أي اجراء في الحادثة. زمن أبشع جرائم طرابلس جريمة سجن الرويمي “الكارثية” حين أفرجت السلطات القضائية عن 12 سجينا، غير أن القوة التي كانت تحتجزهم ، قامت بتصفيتهم جميعا ، وحتى الآن يتم انتظار نتائج التحقيق، الذي وعدت به حكومة الوفاق منذ حدوث الجريمة في عام 2015.
وإذا حاولنا تتبع أسماء بعض الضحايا كنموذج لما يحدث في غرب ليبيا نجد أن النساء في مقدمة ضحايا هذه الجرائم، منها العثور على جثة فتحية اللافي مدفونة بطريقة غامضة، وهي امرأة في الستين من عمرها، ذهبت لغرض العلاج ، ليفقد الاتصال بها في 23 سبتمبر 2020، وليعثر عليها لاحقا مقتولة. وهناك العديد من الجرائم التي تحدث بصورة شبه يومية ، منها جريمة قتل جماعية قام بها الإرهابي إبراهيم العماري بحق أسرته بمنزلهم بالعاصمة طرابلس، وانتهت بذبحه لوالده وقتله لأمه وأخته وابن أخته.
كما اغتالت المليشيات الشاب أنس التليلي، من منطقة قرجي بعد أن أطلقت عليه مليشيات حكومة الوفاق، عدة طلقات أردته قتيلاً، بوسط العاصمة طرابلس، منذ شهور قليلة. أيضا قامت المليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس، بتصفية المواطن بشير المجراب، الذي قتل تحت التعذيب، على خلفية تأييده للقوات المسلحة العربية الليبية. كما تم مقتل المواطن أيمن صالح الطير من سكان منطقة قرجي في سجون مليشيا عبد الحميد مضغوطة التابعة لحكومة الوفاق والموالية لتركيا.
وطالت جرائم المليشيات حتى المسئولين الأمنيين سواء بعمليات الخطف أو القتل منها تعرض العميد طارق السريتي، مدير مكتب نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق ؛ بحكومة السراج للخطف على يد المليشيات. وبالطبع تظل أكبر جريمتين في العاصمة حدثت منذ حوالي 6 سنوات بدون الكشف عن الفاعلين، هما جريمتا مقتل العميد محمد اسويسي مدير أمن طرابلس ، وخطف الناشط المدني عبد المعز بانون.
وتعتبر جريمة مقتل اسويسي الأقدم والأكثر شهرة، والتي تمت في عام 2014، ولم يتم التحقيق فيها إلى الآن، أو الكشف عن ملابساتها، رغم اعلان عدة مليشيات مسئوليتها عن مقتله. أما جريمة خطف الناشط المدني عبد المعز بانون منذ عام 2014 دون اتخاذ السلطات أي اجراء في المسئولين عن خطفه، وهم من عناصر فجر ليبيا التابعة لذات الحكومة.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.