صنعاء – (رياليست عربي): قالت مصادر عسكرية يمنية، إن هناك أسباب تمنع في الوقت الحالي، سقوط مدينة “مأرب” الإستراتيجية والغنية بالنفط، التي تسيطر عليها قوات الحكومة الشرعية اليمنية المدعومة من قوات التحالف العربي، في يد قوات تنظيم “أنصار الله” المعروف بـ”الحوثيين”.
وأوضحت المصادر العسكرية اليمنية، في تصريحات خاصة لـ (رياليست)، أن سقوط “مآرب” في يد “الحوثي” ستكلفه آلاف القتلى من خيرة رجاله ومقاتليه، لا يستطيع تنظيم “أنصار الله” وحليفه تحملهم، في الوقت الذي يوجد فيه دعم جوي من التحالف العربي غير مسبوق بالفترة الأخيرة على جبهات القتال، وامكانية سقوط “مأرب” لن تكون إلا إذا قرر “الحوثيين” التضحية بـ 6 آلاف مقاتل محترف من صفوفه على أقل تقدير، وهو الأمر غير المنطقي عسكرياً واستراتيجياً.
وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين قاموا بتطويق “مآرب” في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان هناك احتمالية بحسب استراتيجيين أن تسقط خلال أيام في هذا التوقيت، ولكن الدعم غير المسبوق لاسيما جوياً من قوات التحالف، أفسد تلك المحاولة، فضلاً عن وقوع “الحوثيين” في فخ جوي كلفهم الكثير، في ظل طبيعة المدينة الجبلية.
وتعتبر “مآرب” آخر معاقل القوات الحكومية اليمنية الشرعية ومن الصعب سقوطها، في ظل الدفع بكافة أشكال الحاميات في جميع ربوعها، وحاول الحوثيين في الفترة الأخيرة، إحكام الحصار عليها، لذلك هناك ضغط بمحيط المدينة التي تتميز بالطبيعة الجبلية الوعرة، وأي معركة فيها، يحتاج الحسم فيها إلى أشهر، على الرغم من أنها قدمت في فترة من جانب القوات اليمنية الحكومية في بعض مناطقها، على أنها أرض مكشوفة تكون أهداف سهلة للطيران الحربي.
وقام الحوثيون بتصعيد عملياتهم العسكرية للسيطرة على مدينة مأرب في فبراير/ شباط الماضي، التي قد يغير سقوطها في أيديهم، مسار الحرب، نظراً لكونها منطقة غنية بالنفط، وتعزز موقفهم التفاوضي في محادثات السلام.
وتقود المملكة العربية السعودية منذ 2015 تحالفاً عسكرياً دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً التي تخوض نزاعاً دامياً ضد “الحوثيين”، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في 2014، ويلعب التحالف العسكري منذ 2015، دوراً حاسماً في منع سيطرة “أنصار الله” على مدينة مأرب، وقد أعلن خلال الأسابيع الماضية مقتل حوالي 4000 من “الحوثيين” بالقرب من المدينة.
وكان قد أعرب وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك عن ثقته بأن مدينة مأرب الاستراتيجية، آخر معاقل الحكومة المعترف بها دولياً في شمال البلاد، ستبقى تحت سيطرتها، مشيراً إلى تقدم يحققه الجيش، مشيراً إلى أن مأرب هي السد المنيع لليمن في الوقت الذي أصبحت فيه ضمن الأولويات الاستراتيجية للنظام الإيراني وأدواته في المنطقة، على حد قوله، محذراً من أن سقوط مأرب لن يمثل خلق حالة إنسانية مروعة فحسب، بل إن ذلك سيمثل نهاية للعملية السياسية والسلام في اليمن والجهود التي تبذل لاستعادة الأمن والاستقرار.
وفي هذا السياق، يرى خبراء أن خسارة المدينة ستكون بمثابة ضربة كبيرة للحكومة اليمنية ومن المحتمل أن تسهل توسع الحوثيين إلى محافظات أخرى. كما أنها ستعزز موقف “الحوثيين” في أي مفاوضات سلام مستقبلية.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 45 ألف شخص نزحوا بسبب القتال العنيف في محافظة مأرب في اليمن، مع التطورات على الجبهة التي أدت إلى تغيير مواقع الجبهات والخطوط الأمامية، وأكدت المنظمة في بيان، أن الخطوط الأمامية النشطة تغيرت في الشهرين الماضيين أكثر من أي وقت مضى في هذا العام، وتزايد عدد الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من منازلهم في مأرب، حيث فر العديد منهم للمرة الرابعة أو الخامسة إلى أكثر من 45 ألف نازح منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.
وتشير الحكومة اليمنية إلى وجود نحو 139 مخيماً للنازحين في مدينة مأرب والمحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وقد استقبلت نحو 2,2 مليون نازح.
وقدر تقرير لبرنامج المتحدة الإنمائي، بأن تتسبب الحرب في اليمن حتى نهاية العام الحالي بمقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، مشيراً إلى أن 60 % من هذه الوفيات غير مباشرة، ما يعني أن الوفيات المباشرة التي سيكون تسبب بها القتال هي 40 %، ما يعادل 150800 منذ 7 سنوات.
وذكر أنه في عام 2021، يموت طفل يمني دون سن الخامسة كل تسع دقائق بسبب النزاع، محذراً من أن النزاع على السلطة بين الحكومة والحوثيين سيتسبب بوفاة 1,3 مليون شخص إذا استمر لعقد إضافي وسيزيد معدلات الفقر، وإذا استمر الصراع حتى عام 2030، سيودي بحياة 1,3 مليون شخص بحلول ذلك العام، متوقعاً أن ترتفع نسبة الوفيات بسبب العوامل الثانوية إلى 75 % بحلول عام 2030، إذا استمرت الحرب.
وتوقع التقرير أيضاً، أن يبلغ عدد الأشخاص الذي يعانون من سوء التغذية 9,2 ملايين بحلول عام 2030، فيما سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليوناً، أي 65 %من السكان، وهم نحو 30 مليوناً اليوم.
تسبب النزاع في خسارة اليمن 126 مليار دولار أمريكي من النمو الاقتصادي المحتمل، وفي حال توقفت الحرب الآن، يحتاج البلد المجاور لبعض من أثرى دول العالم وبينها السعودية والإمارات، إلى نحو أربعة عقود لإنهاء حالة الفقر التي تسبب بها النزاع الدامي.
ويرى التقرير أن سوء التغذية يمكن أن ينخفض إلى النصف بحلول عام 2025، ويمكن أن تحقق البلاد 450 مليار دولار من النمو الاقتصادي بحلول عام 2050 ضمن سيناريو سلام وتعاف متكامل.
خاص وكالة رياليست.