أنقرة – (رياليست عربي): بعد زيارة مفاجئة لوزير الدفاع التركي، خلوصي أكار إلى مطار معيتيقة، اعتبر في تصريحات اليوم السبت أن قوات بلاده في ليبيا “ليست قوات أجنبية”، على حد وصفه. وأكد أن قوات بلاده قامت بنشاطات عسكرية وتدريبية واستشارية في البلاد، موجهاً الاتهامات إلى “الجيش الليبي وأنصاره” بأنهم سبب الأزمة الليبية، طبقاً لموقع “العربية نت“.
وأشارت المعلومات إلى أن وزير الدفاع ورئيس المخابرات التركيين توجها فور وصولهما لمقر قيادة القوات التركية المتمركزة غرب قاعدة معيتيقة الجوية بطرابلس، فيما اعتبرت مصادر أن سرية هذه الزيارة مُهينة ومحرجة وخارجة عن العرف الدبلوماسي والصداقة بين الدول.
شريك أم محتل؟
إن زيارة وزير الدفاع التركي إلى ليبيا دون تنسيق مع الحكومة الليبية يبين أن العلاقة القائمة بين الجانبين ليست كما تقول الأعراف الدبلوماسية، بل هذا التعامل يأتي في سياق تعامل نظام أو قوى محتلة لأرض أخرى لا تُعطي وزناً للجانب السياسي، رغم عشرات التصريحات التي تؤكد وحدة حال أنقرة مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي أكمل نهج الحكومة السابقة (فائز السراج) وأبقى على الاتفاقيات والمعاهدات التي كانت قائمة بين الجانبين.
إلا أن الزيارة هذه تحمل طابعاً عسكرياً أكثر منه سياساً خاصة وأن المعلومات تتحدث عن انفلات أمني كبير في العاصمة طرابلس من قبل الميليشيات المسلحة، في وقت عمدت فيه الحكومة الحالية إلى نقل المقر الرئاسي إلى مدينة سرت الساحلية، لتميزها بالأمان الأكبر عن العاصمة، وبالتالي، لطالما رغبت تركيا بموطئ قدم لها في المدن الساحلية من أجل التنقيب عن الغاز، لكن مصر والدول المعنية في هذا الملف سبق وأن قطعت الطريق عليها، فحاولت أنقرة التقرب من مصر، لكن الأخيرة لم تستجب على النحو المأمول الذي ترغب به أنقرة، فهذه الزيارة تحمل الكثير من علامات الاستفهام، خاصة لجهة التوقيت.
دور مزعزع
الجميع يعلم أن لا مصلحة لتركيا بعودة الهدوء والاستقرار إلى ليبيا، وبالتالي هي دائمة التخطيط لتأجيج الأوضاع فيها، فرغم قرار الأمم المتحدة والقوى السياسية الليبية على خروج القوات الأجنبية، والمرتزقة من البلاد إلا أن ذلك لم يتحقق رغم وضع سقف زمني لتحقيقه، إذ تريد أنقرة لجم الأصوات التي تنادي بهذا الأمر وبخاصة وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش التي قالت: (إن بلادها لن تكون قاعدة خلفية لا رسمياً ولا فعلياً لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، ولن تكون أراضيها وأجواؤها قاعدة لأي جهة أو دولة كانت باستثناء الدولة الليبية)، هذه الدعوة لم ترُق للإخوان المسلمين في ليبيا، وكذلك الداعم الأول لهم تركيا (أردوغان)، ما يعني أن الحديث التركي عن أن وجود المرتزقة هو لحماية القواعد العسكرية التركية أمر مشكوك به، خاصة مع انقضاء السبب الذي وحد القوى السياسية وأوصل البلاد إلى مرحلة تشكيل انتخابات فعلية، فما حاجة التواجد الأجنبي اليوم إلا للسيطرة على المقدرات والثروات الليبية؟!
هذه الزيارة برسم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة وأخذ موقف خاصة لجهة مخالفة الأعراف الدبلوماسية كما أشرنا أعلاه، وبالتالي هذا انتقاص من السيادة الليبية واعتبارها مستعمرة لتركيا، تمنح من خلالها الميليشيات المسلحة الضوء الأخضر للتمادي أكثر ومواصلة زعزعة الأمن على حساب الاستقرار، فإن لم يتم اتخاذ موقف حازم، المؤشرات تتجه نحو فلتان أمني قد يقضي على أغلب التفاهمات الأخيرة إذا لم يكن جميعها.