في يوليو الماضي، تم تعيين ريتشارد مور رئيسًا لجهاز المخابرات السرية MI6 التابع لجهاز المخابرات الخارجية البريطانية. مور يجيد اللغة التركية. بعد أن كان موظفًا في وزارة الخارجية البريطانية ودائرة المخابرات منذ عام 1987، تم إرسال ريتشارد مور إلى تركيا في عام 1989 لدراسة اللغة، وبعد عام واحد فقط نقل زوجته وطفله إلى أنقرة لعدة سنوات.
من عام 2014 إلى عام 2017، شغل مور منصب السفير البريطاني في تركيا. انخراطه في الخدمات الخاصة البريطانية لم يمنعه من اكتساب سمعة كصديق شخصي لرئيس جمهورية تركيا أردوغان. في ذلك الوقت، كان لريتشارد مور وجود واضح على موقع تويتر، و كان من خلاله يدعم سياسات أردوغان وحزبه.
خلال محاولة الانقلاب العسكري للإطاحة بأردوغان 2016، كان لمور دور في التأثير على الموقف الرسمي للندن – لدعم موقف أردوغان. في الأيام التي أعقبت هذه الأحداث، نظم مور زيارة النائب الأول لوزير الخارجية البريطاني آلان دنكان إلى أنقرة، أعرب خلالها عن دعمه للرئيس رجب طيب أردوغان كما أن مور هو الذي نظم زيارة وزير الخارجية البريطاني آنذاك بوريس جونسون إلى تركيا. وأعرب رئيس الوزراء المستقبلي عن تضامنه مع تركيا وقال إن “لندن ستقف إلى جانب أنقرة” ذلك وقد واصلت بريطانيا العظمى الحفاظ على هذا الاتجاه بالرغم من الانتقادات القويةمن جانب واشنطن و بروكسل للقيادة التركية.. .بسبب ملفات حقوق الانسان
يبدو أن التعيين التاريخي لريتشارد مور كمدير لإدارة المخابرات الخارجية البريطانية، يعكس تحالف غير رسمي مع تركيا. فلندن بدأت في تكليف أردوغان بدور أداة في لعبتها الجيوستراتيجية وراء الكواليس، معلنةً أسلوبها التاريخي للدفاع عن مصالحها الخاصة بأيدي وكلاء إقليميين. على وجه الخصوص، منذ القرن التاسع عشر ، كانت تركيا الأداة الرئيسية لبريطانيا في اللعبة الكبيرة ضد روسيا في القوقاز وآسيا الوسطى. كما كانت نفس الأداة في خمسينيات القرن الماضي في المنطقة العربية.
في هذا السياق، يمكننا ربط مسألة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016 و المحاولة الفاشلة للانقلاب على أردوغان والذي انتهى باستفتاء منح أردوغان سلطات ديكتاتورية غير محدودة عمليًا بعد استفتاء البريكست بشهر واحد بمثابة علامة على عملية دمج المصالح البريطانية والتركية .
مظاهر التحالف البريطاني-التركي
1- منذ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والعلاقات الاقتصادية التركية البريطانية تعيش فترتها الذهبية إثر ازدياد حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة بين الجانبين. وفي خطوة سيترتب عليها تغير في الكثير من التوازنات السياسية والاقتصادية لصالح تركيا، أعلن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده قريبة جدا من توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع المملكة المتحدة التي وصفها بالحليف الإستراتيجي.
2- تركيا هي الوكيل الحصري لبريطانيا في ليبيا، في عام 2011، أغلقت بريطانيا سفارتها في طرابلس فيما يتعلق بالاحتجاجات الحاشدة ضد نظام معمر القذافي. واصدرت الخارجية البريطانية بيانا رسميا قالت فيه ان تركيا تمثل مصالح بريطانيا العظمى في ليبيا. تستخدم لندن تركيا باعتبارها عامل في الانقسامات العميقة في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تُضعف منافسي بريطانيا الاقتصاديين والسياسيين في القارة. هناك بالفعل صراع سياسي داخل الناتو فتركيا تعارض فرنسا وألمانيا واليونان.
3-هناك تعاون تركي-بريطاني وثيق فيما يخص ملف الغاز في شرق المتوسط، و هناك دعم بريطاني لتركيا في هذا الملف.
4- هناك دعم بريطاني واضح لمشروع “طوران الكبرى” القائم على أساس القومية التركية. فمسألة تعيين مور مرتبطة باحتمال تكثيف المخابرات البريطانية لعملها في جنوب القوقاز. نظرًا للعلاقات الشخصية الوثيقة مع النخب التركية والأذربيجانية، لن يتردد ريتشارد مور، كما هو متوقع، في نشر مشاريع لزعزعة استقرار القوقاز، مما سيتيح لمؤيدي مشروع “طوران العظمى” البدء في إعادة تشكيل المنطقة لصالحهم و لا ننسى وجود شخص تشارلز جاريت- السفير البريطاني في قرقيزستان، و هو بالمناسبة موظف في الاستخبارات البريطانية و يعمل تحت غطاء دبلوماسي، و يبدو أن وجود هذين الشخصين ستعني الدعم البريطاني لأحلام أردوغان.
سيتولى ريتشارد مور، الرئيس المعين حديثًا لـ MI6 ، مهامه في سبتمبر. وهذا يعني أن أردوغان، الذي خرج بالفعل من نفوذ بروكسل، سيحصل في الخريف، بدعم من المخابرات البريطانية، على زخم إضافي في أنشطته التوسعية في جميع مناطق طموحات سياسته الخارجية.
فريق عمل “رياليست”