القدس – (رياليست عربي): صرح الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل مستعدة تمامًا لتنفيذ عملية في رفح، حيث يقيم أكثر من 1.5 مليون شخص . وافقت هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي على خطة الهجوم التي ستسمح بعودة الرهائن المختطفين وتدمير حماس في قطاع غزة، وهو ما تؤكده سلطات تل أبيب، ويقومون الآن بتوسيع المنطقة الإنسانية لإجلاء المدنيين من المدينة، وفي الوقت نفسه، من الواضح أن العمليات العسكرية سيتم تنسيقها بشكل مباشر مع الحليف الرئيسي – الولايات المتحدة.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، أصبحت العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة قضية رئيسية بالنسبة لإسرائيل وحماس، وبالنسبة للوسطاء بين أطراف الصراع المتمثلة في مصر وقطر والولايات المتحدة، ولا تزال المدينة تؤوي أكثر من 1.5 مليون لاجئ اضطروا إلى المغادرة وسط المرحلة النشطة من الأعمال العسكرية في الشمال، وتواصل القيادة العسكرية والسياسية لإسرائيل الإصرار على أنه، بالإضافة إلى المدنيين، لا تزال هناك كتائب حماس جاهزة للقتال هناك، وقالت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي آنا أوكولوفا إن الاستعدادات جارية الآن لتوسيع المنطقة الإنسانية من أجل إجلاء المدنيين من أجل شن الهجوم.
وأضافت أنه منذ بداية الحرب، كانت العملية في رفح جزءاً من الخطة العملياتية لمكافحة المتطرفين في قطاع غزة، وحداتنا جاهزة، فقد وافقت هيئة الأركان العامة على الخطة، وبمجرد اتخاذ القرار، سنواصل الحرب ضد حماس والجماعات الأخرى في رفح، حيث تم احتجاز 133 رهينة لأكثر من 200 يوم (من بينهم ثلاثة مواطنين روس)، وأشارت إلى أن مهمتنا الرئيسية هي إعادتهم إلى الوطن.
وفي وقت سابق، قال الجيش الإسرائيلي إن “قرار اقتحام رفح قد اتخذ بالفعل”، مما يعني إدخال وحدات مشاة إلى المدينة، الآن يقتصر الجيش الإسرائيلي على العمليات المستهدفة، والتي تؤدي، على وجه الخصوص، إلى مقتل المدنيين، وفي 12 فبراير، تم إطلاق سراح رهينتين إسرائيليتين خلال قصف مكثف للمدينة، ومن ناحية أخرى، قُتل ما لا يقل عن 100 شخص نتيجة لهذه العملية، وذكرت قناة الميادين نقلاً عن بيانات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن الطائرات نفذت أكثر من 50 غارة جوية في أنحاء المدينة، ولحقت أضرار بمسجدي الهدى والرحمة، حيث كانت أعداد كبيرة من النازحين من غزة، واستمرت الضربات لأكثر من ساعة.
وكانت قناة “كان” الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر، قد تحدثت في وقت سابق عن توسيع المنطقة الإنسانية في قطاع غزة من أجل الانتقال قريباً إلى عملية عسكرية في رفح، ومن المتوقع أن تكون أكبر من تلك المتوفرة في منطقة المواصي، حيث دعا الجانب الإسرائيلي إلى إخلاء سكان الجزء الشمالي حتى قبل بدء العملية البرية في 27 أكتوبر 2023، وبحسب أحدث المعلومات، فإن المنطقة الآمنة ستمتد على طول الساحل حتى مشارف مخيم النصيرات للاجئين وسط الجيب، تشير بعض التقديرات إلى أن العملية ستستغرق من أربعة إلى خمسة أسابيع، ومع ذلك، فإن هذا لن يستوعب سوى حوالي مليون لاجئ.
و “من المرجح أن يستمر القتال العنيف في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، وفي الوقت نفسه، يمكن توقع غارات جوية واسعة النطاق، فضلاً عن ضربات مدفعية، والتي ستسبق الغارات التي تشنها القوات البرية، بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يواصل الجيش الإسرائيلي تطهير وتدمير الاتصالات تحت الأرض”.
كما أفيد أن الجيش الإسرائيلي قد غير خطته لاقتحام المدينة للمرة الرابعة بعد أن أجرت الولايات المتحدة تعديلاتها، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه من المفترض أن يتم تنسيق الأعمال العسكرية بشكل مباشر مع الجانب الأمريكي من خلال مقر عمليات مشترك.
لكن البنتاغون ليس في عجلة من أمره حتى الآن على المستوى الرسمي لتأكيد بدء الهجوم على المعقل الإنساني الرئيسي للفلسطينيين، في هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر إنه لا توجد في هذه المرحلة إشارة إلى الانتقال إلى عمليات واسعة النطاق في رفح.
بالتالي، إن إدارة جو بايدن مهتمة بإنهاء سريع للصراع في قطاع غزة في ضوء الانتخابات المقبلة، ولذلك فإن الجانب الأميركي يريد في الأساس السيطرة على مسار العملية في رفح، بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافس الرئيسي لبايدن في الانتخابات، الجمهوري دونالد ترامب، لا يتجاهل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودعا مؤخراً إسرائيل إلى “إنهاء حربها” في غزة وسط تراجع الدعم الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، تتم مناقشة القضية الفلسطينية بنشاط في الحياة السياسية للولايات المتحدة، خاصة على خلفية الاحتجاجات المنتظمة. على سبيل المثال، في 18 إبريل/نيسان، أقام عدة مئات من طلاب جامعة كولومبيا مخيماً في باحة المدرسة، مطالبين قيادة الجامعة بدعوة إسرائيل إلى وقف إطلاق النار في غزة. ونتيجة لذلك، اعتقلت وكالات إنفاذ القانون أكثر من 100 شخص، وفي يومي 22 و23 إبريل/نيسان، قام طلاب من خمس جامعات أمريكية رائدة على الأقل – معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وييل، وبرينستون، وهارفارد، وبيركلي – بالاحتجاج.
بالتالي، من الواضح أن العملية في رفح يمكن أن تؤدي إلى كارثة إنسانية خطيرة، وفي الوقت نفسه، فإن الوضع في هذا القطاع صعب للغاية بالفعل، وأفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في منتصف مارس/آذار أنه للمرة الأولى منذ عدة أسابيع، وصلت المساعدات إلى مدينة غزة لنحو 25 ألف شخص، لكن في شهر أبريل/نيسان الماضي، انتقدت الأمم المتحدة إسرائيل بسبب قيام قواتها بمنع وصول الإمدادات الإنسانية إلى شمال القطاع، الذي كان سكانه يتضورون جوعاً.
كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن أكثر من عشرة فلسطينيين لقوا حتفهم في عمليات المساعدات الجوية التي نفذتها عدة دول كبديل للتسليم البري، وكانت هناك حالات لفلسطينيين غرقوا أثناء محاولتهم انتشال حاويات الطعام الملقاة من البحر.
أما بالنسبة لرد الفعل الدولي، فإن الجانب المصري معني بالدرجة الأولى بالعملية في رفح، نظراً لقربها الجغرافي من غزة، وتدرك القاهرة أن القتال قد يؤدي إلى نزوح جماعي للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، وفي الوقت نفسه، يُزعم أن مصر على اتصال وثيق مع إسرائيل فيما يتعلق بالعملية المقبلة، حسبما كتبت وسائل الإعلام الغربية. وتنفي سلطات هذا البلد بشدة مثل هذه التقارير.
إن موقف مصر، الذي عبرت عنه القيادة السياسية أكثر من مرة، يظل ثابتاً بشأن قضية غزو رفح: فهو لن يؤدي إلا إلى مجازر أكبر وضحايا فادحة ودمار.