طرابلس – (رياليست عربي): أحدث تصريح رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة بخصوص منح تونس إعانة مالية بقيمة مليار يورو، ردود أفعال واسعة في أوساط الليبيين.
ويرى الليبيون بأن منح إعانات لدول أخرى في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها ليبيا، هو مجرد مناورة سياسية، يأمل من خلالها رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة بالحصول على دعم إقليمي لحكومته.
كما يذهب الغاضبون من هذا الأمر، إلى اتهام الدبيبة بمحاولة إرضاء جماعة الإخوان، وإن هذا الدعم ستتلقاه حركة النهضة الإسلامية، ولن يصل للشعب التونسي، متهمين الحكومة الليبية بالفشل في إدارة ملفات محلية عديدة، سواء فيما يتعلق بالأمور السياسية، أو الاقتصادية الراكدة في ليبيا منذ سنوات.
ووفق ما يراه معارضو قرار الحكومة الليبية، فإن هذه المليارات، كان الأولى بها أن تُمنح لمصارف شرق وجنوب ليبيا، لحل أزمة السيولة، أو إسعاف محطات الكهرباء التي تحتاج للصيانة، أو تُسيّل لصالح مستشفيات ليبيا التي تعاني من انعدام أبسط الأدوات الصحية، وكذلك من شح الأدوية والمواد الطبية.
وأثار قرار الحكومة بدعم تونس، غضب الليبيين لأنهم يعانون من أزمات اقتصادية، وأن هناك فئة غير قليلة منهم لا يجدون ثمن الطعام والملبس، بينما الحكومة توزع هبات مالية لدول أخرى مثل تونس.
ويخشى المعارضون لهذا الإجراء الحكومي من الصراع السياسي والأيديولوجي الحاد بين نهضة الغنوشي، والرئيس التونسي قيس سعيد، مؤكدين بأن مليارات الحكومة الليبية ستزيد من قوة النهضة، وربما ستعاود النهضة دعمها للجماعات المتطرفة في ليبيا، كما فعلت سابقاً في أعوام 2012 و2013 و2014.
ويتهم الليبيون حكومتهم بأن هذا الدعم سيذهب لحركة النهضة بقيادة الغنوشي، وستستولي “نهضته” على مليارات الدبيبة، ولن يستفيد الشعب التونسي منها شيء، كما أن موضوع الودائع لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة وفي ظل هذه الظروف، ويمكن أن يتم في حالة ما يكون هناك فائض في الأموال، ساعتها يمكن مساعدة الجيران، ومنحهم السلف والقروض والودائع، مع تعهد منهم بإرجاعها في توقيت متفق عليه وبشروط معينة.
وتذهب الآراء المعارضة إلى أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بهذا الدعم الكبير المقدم لتونس في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في ليبيا، هو تجاوز لمهامها المحددة لها وفق الاتفاقات التي أوجدت هذه الحكومة، والتي حددت مهامها في عدة نقاط محددة، منها حلحلة أزمات السيولة، والرواتب، وتوحيد مؤسسات الدولة والتجهيز للانتخابات القادمة.
ووفق رؤى قانونية عديدة فإن ما أعلنه الدبيبة من توقيع اتفاقية متعددة البنود لن تقدم لليبيا والليبيين أي منافع مستقبلية، لأن أغلب هذه الاتفاقيات موقعة سابقاً منذ عشرات السنيين، وبشروط تخدم مصلحة ليبيا، فما الداعي لعقد اتفاقيات جديدة، وبشروط لن تكون في صالح ليبيا.
وبحسب ما ينشره النشطاء وتتداوله وسائل الإعلام الليبية، فإن ما صرح به الدبيبة في مؤتمر جمعه مع رئيس الحكومة التونسية “المشيشي” والذي أكد فيه أن ليبيا ستوفر كمية هامة من اللقاحات، إلى جانب إرسال كميات هامة من المستلزمات الطبية للمستشفيات التونسية في الجنوب التونسي، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الدبيبة لا يدرك ما تعانيه بلاده، من نقص في اللقاحات، ولا يعلم بالحالة السيئة التي عليها مستشفيات بلاده.
وما زاد حدة الغضب في ليبيا، ما نشره أحد إعلامي تونس المعروفين في التلفزيون الرسمي التونسي، من خلال تدوينة على صفحته الرسمية والموثقة، حول إيداع مليار يورو في المركزي الليبي كوديعة من ليبيا.
وبحسب الإعلامي في التلفزيون الوطني التونسي التابع للحكومة، سمير الوافي فإن مساعي رئيس الحكومة التونسية، أسفرت عن دعم كبير من الحكومة الليبية بلغ مليار يورو.
هذا الأمر أثار حفيظة الليبيين، فمبلغ مليار يورو يُمكن أن يحرك الحالة الراكدة في المصارف الليبية، ويساهم في حلحلة أزمات عديدة تعانيها ليبيا، مثل أزمة السيولة، وأزمات شراء الأدوية، والأمصال المضادة لفيروس كورونا.
وزاد حدة الغضب الليبية، إن الإعلامي التونسي، وجه انتقاداً لليبيين الذين يقفون ضد قرار الحكومة الليبية، بمنح تونس هذا المبلغ، متحججاً بأنهم قلة، وأنهم لا يقدرون موقف تونس في استقبال كثير من اللاجئين الليبيين في أحداث عام 2011، ويرى الليبيون بأن من لجأ إلى تونس استفادت منه تونس أكثر بحكم أن الليبيين الذين أقاموا في تونس استأجروا مباني بأموالهم، ويصرفون في تونس بالعملة الصعبة، وهم من حركوا الاقتصاد التونسي.
وأثارت تدوينة الوافي على “فيسبوك” ردود أفعال واسعة في ليبيا مستنكرة وصفه لمن يعارضون المنحة الليبية لتونس، بأوصاف لا تليق، فهو شكر الحكومة الليبية على هذه المنحة واصفا الأمر بأنه “اعتراف بجميل تونس واصفاً الليبيين المعارضين لهذا الأمر بأنهم يحاولون بدناءة إهانة تونس والإساءة لشعبها، مضيفاً بأنه يجب عليهم أن يتذكروا أن وضع ليبيا كان أتعس وأخطر من وضعنا الحالي، عندما فتحنا بيوتنا وحدودنا وقلوبنا وبلادنا لهم زمن الثورة المسلحة التي هجّرت الملايين منهم، وجاد الفقير فينا بما عنده لإجارتهم، وذلك واجبنا تجاه أشقائنا، لكننا نذكر به دون تبجح حتى يحترم البعض أخلاقيات الجوار وتاريخ العلاقات”.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.