باريس – (رياليست عربي): كعادتها، تلجأ الإدارة والقادة السياسيون الإسرائيليون في كل عملية عسكرية مسلحة إلى الاستنجاد بأمريكا لدعمهم بالعتاد والسلاح والذخيرة، والدعم اللوجستي والمعلوماتي والاستخباراتي، وكافة أنواع الدعم. والسبب بسيط؛ فهي لا تستطيع خوض الحرب منفردة، وهذا ما سبق أن صرح به الزعيم الراحل أنور السادات بعد قبول وقف إطلاق النار إثر التدخل الأمريكي المباشر في الحرب.
اليوم، يحاول نتنياهو بكل السبل إقحام أمريكا بقيادة ترامب في حربه وعدوانه على إيران لضمان نصر ساحق عليها. إنها نفس المنهجية والاستراتيجية التي اتبعها ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية، عندما نجح في جر أمريكا إلى الحرب بعد محاولات مستميتة، رغم ترددها في البداية، ليتحقق النصر أخيراً على ألمانيا النازية بزعامة أدولف هتلر.
لولا تلك الاستراتيجية والحيل السياسية التي اتبعها تشرشل – وهي نفسها العبارات والتصريحات التي يطلقها اليمين الإسرائيلي اليوم – لما استطاع الحلفاء تحقيق النصر دون الولايات المتحدة. هذه حقيقة تبرر سبب هيمنة أمريكا على العالم منفردة، خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
اليوم يعيد التاريخ نفسه مع تغيير الأشخاص. نتنياهو يسير على نهج تشرشل، ويحاول بكل الطرق جر أمريكا إلى حربه ضد إيران مباشرة. وتشير بعض التقارير والمؤشرات إلى أنه قد ينجح في ذلك، لكن ثمة مواقف وتصريحات تسترعي انتباه المحللين:
١- السيد ترامب يحلم بجائزة نوبل للسلام… فهل هو من دفع إسرائيل لضرب إيران؟ خاصة أنه بعد يوم واحد من اندلاع الحرب بينهما، صرح بأنه سيعمل على تحقيق السلام بين إسرائيل وإيران على غرار ما فعله بين باكستان والهند قبل أسابيع. (يتبع سياسة إشعال المشكلات ثم يدعي التدخل لحلها ليظهر كحمامة سلام).
٢- هل فشل ترامب في إقحام أوروبا في مساندة إسرائيل بدلاً من أمريكا خلال الفترة الماضية؟
٣- هل رفضت فرنسا – وماكرون تحديداً – طلب دخول أوروبا مباشرة في هذا النزاع؟ وما علاقة ذلك بمغادرة ترامب اجتماع مجموعة السبع في كندا وعودته المفاجئة إلى واشنطن؟
٤- إذا تدخلت أمريكا مباشرة إلى جانب إسرائيل ضد إيران، هل ستدخل روسيا – بقيادة بوتين – لمساندة إيران؟ خاصة بعد توقيعهما اتفاقاً استراتيجياً قبل أسابيع قليلة.
٥- هل ستدخل الصين وباكستان لمساعدة إيران؟ خاصة بعد إدانة الصين لإسرائيل (مع العلم أن إيران هي المورد الرئيسي للنفط للصين)، وتصريح وزير الدفاع الباكستاني بضرورة دعم إيران في هذا العدوان، محذراً من أن الدول العربية والإسلامية كلها معرضة للغطرسة الإسرائيلية والأمريكية. فلماذا لا تتدخل باكستان ودول أخرى؟
٦- بافتراض تحقيق إسرائيل نصراً على إيران، سواء بمشاركة أمريكا أو بدونها، هل سيسقط النظام الحالي؟ وهل سيحقق ذلك الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم؟ أم سيزيد الدمار والفوضى؟
أخيراً، هل ينجح اليمين المتطرف في إسرائيل في تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”؟ وهل تنجح سياستهم في “أكل الضحايا” واحدا تلو الآخر؟
سننتظر ونرى ما سيحدث قريباً.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.