باريس – (رياليست عربي): كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يواجه ضغوطاً منذ أعمال الشغب الأخيرة في فرنسا، قد قرر إبقاء رئيسة الوزراء إليزابيت بورن في منصبها، وذلك من مبدأ الكفاءة والاستمرارية، واستكمال ملفات سياسية واقتصادية واجتماعية مهمة، على رأسها العزم بإصدار قوانين الهجرة والإقامة والعمل والمقرر إقرارها خلال المرحلة القادمة.
حيث، أعلن الإليزيه الخميس عن تعديل حكومي في فريق إليزابيت بورن، شمل بعض الوزارات أبرزها: الصحة والتربية والتعليم والسكن، وخلف غابريال أتال وزير التربية الوطنية باب ندياي، وحل أوريليان روسو المدير السابق لديوان رئيسة الوزراء مكان فرانسوا بروان على رأس وزارة الصحة، فيما تم الاستغناء عن خدمات وزيرة الدولة المكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني مارلين شيابا، التي تواجه انتقادات (فضائح مالية) بسبب قضية إدارة صندوق ماريان، لمكافحة التطرف والتشدد الديني.
الهدف من التعديل الوزاري
يعتبر التعديل الوزاري عرف وسمة أساسية من سمات الإدارة السياسية الفرنسية، والتي تهدف دائماً إلى:
أولاً، ضخ دماء جديدة لمزيد من الفاعلية والكفاءة.
ثانياً، تقيم وتصحيح أداء بعض الوزراء والمسؤولين.
ويتضح ذلك في تغيير، وزير التعليم، وهو أكاديمي ليس له خبرة من قبل بالعمل السياسي، واستبداله بالمتحدث الرسمي بقصر الإليزيه، غابريال أتال.
والجدير بالذكر، أتوقع أن الرئيس ماكرون يعده لخلافته في خوض انتخابات الرئاسة القادمة، بعد انتهاء فترته الحالية في عام 2027.
ثالثاً، انتهاج وإتباع سياسية التدريب والتأهيل والتصعيد في السلم والعمل السياسي، لاكتساب الخبرة المهنية والسياسة، لتكوين صف وكوادر سياسية للمستقبل.
رابعاً، اتباع المفهوم والمنهج الإداري المعروف “التدوير ” لاكتساب مزيد من المهارات والكفاءة المهنية والعلمية في المجال الإداري والسياسي.
خامساً، كسر حاجز الرتابة والبطء والروتين، وتصحيح المسار أولاً بأول، دون تردد أو انتظار، ما يزيد من سخط المواطن “الناخبين” عصب الحياة النظام الديموقراطي.
سادساً، بث الآن الانسجام وروح الفريق الواحد.
الإبقاء على الوزراء والمسؤولين، رغم:
عدم الخبرة والكفاءة.
شبهات الفساد.
النقد السلبي من المواطنين والمعارضين.
مرور فترات طويلة في موقع المسؤولية.
عدم إحراز المسؤول للأهداف المطلوب تحقيقها، أو أي نتائج إيجابية ملموسة علي أرض الواقع.
كل ما سبق ويزيد يؤدي إلى:
بث شعور بأن المسؤولين فوق النقد أو العزل ولديهم حماية وحصانة من النظام القائم.
بث شعور سلبي لدي الجماهير والمواطنين، بأن الإدارة السياسية، لا تهتم بهم وأن آرائهم ليس لها أي وزن أو أهمية لدي صانع القرار.
فصل النظام السياسي عن الشعب.
يجعل المسؤول، بأنه فوق النقد او التقييم.
بث شعور بإن الولاء والطاعة أهم من الكفاءة أو الجدارة.
بث شعور لدى المسؤول بأن إرضاء المواطن والجماهير، في آخر أولوياته، ولكن الأهم هو إرضاء الإدارة العليا.
بث السكون والجمود، وهو ضد التقدم والتطور والتحديث.
وأخيراً، وليس آخراً، فإن التغيير والتعديل ليس هدف في حد ذاته، ولكن هو ركن أساسي من مفاهيم الإدارة العلمية الحديثة، على كافة الأصعدة والمستويات والمجالات، سواء سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية وقانونية وسلوكية، وخلافه.
فالإدارة فن وعلم وابتكار وتطور، ويحكمها النتائج والمخرجات، وليس التمسك بالمبررات والحجج، وأوهام المؤامرة، والسحر والشعوذة، وأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان.
ليتنا نقرأ، ليتنا نفهم، ليتنا نعمل ونجد،…،… ، ليتنا نتعظ.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.