جدد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، التأكيد على استعداد بلاده للتوسط من أجل فتح حوار بين سوريا وتركيا، مشيراً إلى أن التصعيد يخدم فقط الإرهابيين ومن يفق خلفهم، قائلاً: “تجدد إيران التأكيد على استعدادها لتنسيق حوار بين الجارتين الشقيقتين”، طبقاً لقناة سي أن أن عربية.
في آخر الأخبار القادمة من الشمال السوري، مصرع خمسة جنود أتراك لتصبح الحصيلة 13 جندياً تركيّاً منذ بدء إندلاع المعارك في إدلب ومحيطها، وتصبح جميع النقاط التركية المنتشرة في المنطقة محاصرة بالكامل من قبل الجيش السوري، إلا أن حجة أنقرة أن هذه العملية فتحت باب النزوح إلى أراضيها مؤكدة عدم مقدرتها على إستيعاب المزيد من اللاجئين على خلفية المعارك الدائرة.
وبالعودة إلى المساعي الروسية في إيجاد حل للأزمة السورية عبر التوفيق بين القيادة السورية والنظام التركي، كان آخرها، لقاء رئيسي جهاز المخابرات السوري والتركي في موسكو، الأمر الذي فُسِّر على أن هناك موافقة تركية حول العملية العسكرية في الشمال السوري، ومن ثم إعلان الهدنة التي تم خرقها من جانب الإرهابيين المنضوين تحت إمرة النظم التركي، ما يعني أن تركيا من أعطت الضوء الأخضر في أكثر من هجوم قامت به التنظيمات الإرهابية المسلحة على عددٍ من النقاط السورية.
من هنا، إن مبادرة الوزير الإيراني ظريف، إن كانت تنم عن نية حسنة، لطالما سوريا إلتزمت بكل ما من شأنه إيقاف المعارك والتوجه نحو الحلول السياسية، لكن ما خفي على ظريف، أن النظام التركي لا يؤتمن جانبه، وهو دائماً من ينقلب على تعهداته، وقد إختبرته موسكو وطهران في أكثر من أمر، أما أن يعتبر ظريف أن سوريا وتركيا أشقاء لإيران، فهنا التناقض بذاته، إذ تعلم القيادة الإيرانية ما إن تتوقف الإستثمارات الاقتصادية بين أنقرة وطهران، فإيران لا تعني شيء للنظام التركي، إذ ثبت بالدليل أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن كل تدخلاته تأتي في سياق توسيع رقعة إنتشار تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يلتقي بطريقة أو بأخرى مع ولاية الفقيه.
وللتذكير، إن الحصار الذي دام قرابة التسع سنوات على منطقتي كفريا والفوعا الشيعيتين في ريف إدلب، كان من قبل هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً”، الموالية والمدعومة من الجانب التركي، وهم من قاموا بتفجير الراشدين قبل عامين من الآن، فأن يعتبر ظريف أن تركيا شقيقة لإيران يبقى هذا شأن إيراني، لكن أن يطالب بإصلاح الأوضاع بين الجانبين من باب القوة والمقدرة على ذلك، هنا يوجد لغط وكبير جداً، فالحرب السورية وأزمتها في مجملها تأتي في سياق التحالف المتين مع إيران، والعدوان الإسرائيلي المستمر على أراضيها، يأتي لذات السبب، ويعلم الوزير ظريف، أنه بنهاية هذا التحالف سيرضخ الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية لكل المطالب السورية وفي مقدمتها دفع تكاليف كل عملية إعادة الإعمار.
من هنا، من المؤكد أن القيادة السورية ستثمن هذه البادرة من جانب الوزير ظريف، لكن لن تسمح بأن تكون سوريا مرتعاً لنشر تنظيم الإخوان المسلمين، فكما خان تنظيم حماس وإنغمس مع قطر، فعندما تتصالح الأخيرة مع العربية السعودية، لن يكون لإيران تواجد في الخليج، ومعها النظام التركي، ومن لديه الكثير من الملفات العالقة لن يكون له المقدرة على الحل خاصة وأنه جزء من المشكلة للإنصاف لا المشكلة كلها.
فريق عمل “رياليست”.