تستمر الانتقادات والاعتراضات على مخرجات حوار بوزنيقة في المغرب بين وفدي البرلمان الليبي والمجلس الاستشاري ، وذلك فيما يخص آليات ومعايير اختيار مواقع وشخصيات المناصب السيادية. محور مفاوضات بوزنيقة كان حول آليات ومعايير كيفية اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية، وفقاً للمادة 15 من اتفاق الصخيرات.
هذه الآلية شهدت اعتراضات عديدة، قللت من نتائج هذا الاجتماع، وجعلته أقرب لمجرد “توصيات” سترفع إلى المنتدى السياسي المزمع عقده في جنيف. وينظر الشارع الليبي ، إلى أن وفدي المجلسين، لا يعكسان حقيقة الوزن النسبي لعموم النواب والأعضاء والسياسيين في البلاد، وأن مهمتهما كانت تشاورية فقط. ويدلل المشككون في جدية هذه الحوارات، وجدوى مخرجاتها، أنه استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 15 من اتفاق (الصخيرات) التي دارت اجتماعات بوزنيقة حولها، تنص على ضرورة توفر ثلثي مجلس النواب زائد واحد للتصويت في حال التنصيب، أو الإعفاء لأي شخصية من المناصب السبعة السيادية، كما أن غالبية النواب والأعضاء بالمجلسين، لديهم مواقف معارضة على هذه التفاهمات من الأساس.
كما أن هناك لبس وغموض فيما يحدث حاليا، فمفاوضات بوزنيقة ، قيل أنها حول المناصب السيادية السبعة، وأماكن ممارستها لأعمالها، وأشارت تقارير قبل انطلاقها، إلى أنه لن تناقش أي أسماء في بوزنيقة، وستترك ذلك لحوار جنيف، ثم بعد انطلاق الجولة الثانية ، التي تغيرت فيها كثير من الأمور، تحولت لنقاش الشخصيات التي ستتولى هذه المناصب، بينما تم تجاهل الاتفاق بخصوص أماكن هذه المناصب جغرافيا.
كما أن جبهة الرافضين لمخرجات “بوزنيقة 2” أصبحت أكثر اتساعا ، وضمت عدة كيانات وتجمعات في كل أنحاء ليبيا ، ورغم ترحيب أغلب الرافضين لمخرجات بوزنيقة بالحوار، إلا أن أغلبهم يرفض تدخل المتحاورين في بعض المؤسسات مثل المجلس الأعلى للقضاء، ويرفضون بشكل قاطع هذه المخرجات بخصوص السلطة القضائية، أو محاولة التدخل في شؤونها والتعدي عليها، والمساس باستقلالها بالمخالفة للإعلان الدستوري، وقانون نظام القضاء وتعديلاته.
ويؤمن كثير من المعترضين بأن مقومات الدولة المدنية تتمثل في استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، والبعد عن محاولة تسييسها، أو التأثير عليها، وذلك من مبدأ أن السلطة القضائية “هي الحامي للحقوق والحريات، والملاذ الآمن في إحقاق الحق وإقامة العدل بين الناس، حاكمين أو محكومين”. ولذلك يرى كثير من الليبيين بأن الاعتراف بمواد في الاتفاق السياسي كصيغة تشريعية هو إقرار ضمني بمخرجاته، ومن بينها جدلية صحة قرارات حكومة الوفاق، ومنها مذكرات التفاهم مع الأتراك المعلنة، وغير المعلنة، بما فيها ترسيم الحدود البحرية والتنازل عن قاعدة الوطية وميناء مصراتة كقواعد عسكرية لتركيا.
ووفق رؤى المعارضة لـ”بوزنيقة2″ فإن ما تم الاتفاق عليه حتى الآن يمثل فقط أراء ورغبة فريقي الوفدين، إلى أن يتم التصويت عليه بالأغلبية من مجلسي النواب أو الاستشاري (الأعلى للدولة) كل على حدة، كما جاء في الاتفاق السياسي، أو اعتمادها من البرلمان. ويرى كثير من السياسيين في ليبيا أن أكثر عوائق اتفاق بوزنيقة تكمن في كونه غير ملزم للأغلبية من نواب البرلمان، فضلاً عن أنه يتطلب التئام غالبية أعضائه، وهذا غير ممكن لانقسامه بين مجلسين، في شرق وغرب ليبيا.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.