باريس – (رياليست عربي): في نهايات أيام شهر ديسمبر من عام 2022، نسترجع ذكريات أهم الأحداث التي مرت علينا خلال العام أو الأعوام السابقة، سواء على الصعيد الشخصي أو المهني، أو على مستوى المجتمع المحلي والدولي بحلوها ومرها، على أمل دائم ان يكون العام القادم أفضل من سابقه.
ومع الساعات القليلة الباقية من عام 2022، وقدوم عام جديد في العمر وسجل التاريخ.. فقد كان عام 2022 عاماً عامراً بالأحداث الدولية التي أسدلت بظلالها على البشرية في جميع إرجاء المعمورة من أقصاها الى أدناها.
أولاً، العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، والمستمرة حتى اليوم
استيقظ العالم على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح الخميس الموافق لـ 24 فبراير/ شباط، في خطاب وجهه إلى الشعب الروسي، إطلاق عملية عسكرية خاصة في دونباس.
حيث صرح أن “هدف العملية هو حماية الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف لمدة ثماني سنوات، ولهذا سنسعى جاهدين لنزع السلاح وتقديمهم إلى العدالة، وكذلك أولئك الذين ارتكبوا جرائم دموية عديدة ضد المدنيين بمن فيهم مواطنون روس”.
وتبع إطلاق العملية الروسية مجموعة من ردود الأفعال الغربية، على رأسها الإعلان عن مجموعة واسعة من العقوبات الاقتصادية التي تسببت بتقطع قنوات التجارة العالمية، ومعاناة شعوب كثيرة خاصةً الفقيرة الي أزمة غذائية كبرى، والمعاناة من تضخم وارتفاع الأسعار والتضخم والكساد والركود من ضل شح المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار الغاز والطاقة والمواد الاولية وعدم الاستقرار في إسعار العملات إمام العملات الرئيسية وعلي رأسها الدولار واليورو .
بالإضافة إلى تفجير خطوط التيار الشمالي لنقل الغاز الروسي، وتم ضم أراضي جديدة إلى روسيا بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول، بعد القيام بعملية تصويت في جمهوريتي لوغانسك ودنيتسك الشعبيتين ومقاطعتي زابوروجي وخيرسون، حيث قرر المواطنون بالإجماع الانضمام إلى روسيا.
وكما أوضحت في مقالاتي السابقة عند بداية هذه العملية العسكرية أنها سوف تستمر لفترة ليست بالقصيرة، وفي التعنت الدولي، فمن المرجح انها سوف تستمر خلال عام 2023، وهو الأمر الذي نأمل عدم وحدوثه.
ثانياً، مونديال قطر 2022 وتتويج الأرجنتين باللقب الثالث
مع مساء يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول توجت الأرجنتين للمرة الثالثة في تاريخها بكأس العالم، بعد فوزها في النهائي على فرنسا بركلات الترجيح، عقب انتهاء الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل 3-3، في المونديال الذي استضافته قطر على أراضيها.
استطاعت قطر تحقيق نجاح كبير في المونديال من حيث البنية التحتية والتنظيم الجميل وتوفير جميع الظروف المناسبة والمثالية للمشجعين على الرغم من الهجمة غير المبررة التي تعرضت لها من قبل وسائل إعلام وشخصيات غربية التي شككت بنجاح البطولة، لكن هذه المزاعم دحضت على أرض الواقع، ورغم الانتقادات التي تعرضت لها قبل وأثناء البطولة، وهي البطولة سوف ينتظر العالم سنوات كثيرة لتكرارها بهذا المستوى من النجاح والإشادة التي صدرت من الجميع واستمتع بها العالم علي مدار شهر من المتعة والإثارة.
ثالثاً، رحيل الملكة إليزابيث
أعلن قصر باكنغهام في الثامن من سبتمبر/ أيلول، وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية عن عمر ناهز الـ 97 عاماً، بعد أنباء عن تدهور حالتها الصحية.
وبعد وفاة الملكة البريطانية، أصبحت هيمنة النظام الملكي أقل اتساعاً وولاء رعاياها أكثر تراجعاً، ففي غضون أيام من وفاة إليزابيث، أعلنت دولة أنتيغوا وبربودا عن خطط للتصويت على عزل الملك تشارلز الثالث من رئاسة الدولة، وفقاً لما هو متعارف عليه.
حيث قد أعلنت جامايكا في السابق رغبتها الانتقال بعيداً عن الملكية الدستورية بحلول عام 2025، وبدورها كشفت مصادر إعلامية عن تحركات كلا من نيوزيلندا وأستراليا وكندا عن تراجع شعبية انضمام البلاد إلى التاج البريطاني وظهور بوادر انفصال، في ظل عدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي لم تشهده إنكلترا من عقود .
رابعاً، احتجاجات إيران، هل هي بداية التغيير؟
اندلعت موجة من الاحتجاجات في سبتمبر/ أيلول الماضي، ضد الحكومة الإيرانية الحالية في جميع أنحاء البلاد، واشتعلت أعمال الشغب عقب وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، بعد “اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق لارتدائها الحجاب بشكل غير صحيح”.
وعلى الفور اتهمت وكالعادة الدول غير الديموقراطية السلطات الإيرانية الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بدعم أعمال الشغب والدعوة إلى الإطاحة بالحكومة، وقالت إن مثيري الشغب يهاجمون قوات أمن الدولة بشكل منهجي، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، وهو الأمر الذي دعى كثير من المحللين والخبراء بقرب رياح التغير في إيران، بل وفي مناطق اخري مجاورة.
خامساً، زيارة بيلوسي إلى جزيرة تايوان
زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، عاصمة تايوان الصينية تايبيه في أغسطس/ آب الماضي، أثناء قيامها بجولة آسيوية على الرغم من تحذيرات الصين من تبعات هذه الزيارة، حيث تعتبر بكيكن جزيرة تايوان جزءاً من أراضيها وتعارض أي اتصالات خارجية رسمية مباشرة مع الجزيرة.
وأصبحت الزيارة نقطة توتر جديدة وكبيرة جداً في العلاقات الأمريكية الصينية في مضيق تايوان حيث أطلقت بكين مناورات عسكرية مكثفة. حيث حشدت لها طائرات وسفناً حربية وصواريخ باليستية في سياق ما اعتبره محللون محاكاة لحصار تايوان واجتياحها، ومن الارجح تصاعد حدة الصراع والمكابدة السياسية بين بجين وواشنطن.
سادساً، التنين الصيني في السعودية، قمة عربية صينية
وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، السعودية في السابع من ديسمبر/ كانون الأول في زيارة تاريخية للتنين الصيني وعملاق الاقتصاد العالمي إلى بوابة الطاقة العالمية، حيث اجتمع مع قادة العرب، في الوقت الذي ظهرت فيه تصريحات غربية تستنكر الزيارة.
قال وزير الخارجية السابق مايك بومبيو إن زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية، والتي تشير إلى دفء العلاقات في وقت تصاعدت فيه التوترات بين الولايات المتحدة وكلا البلدين، كانت نتيجة “سياسة أمريكية سيئة”.
سابعاً، إيلون ماسك يسيطر على تويتر
استحوذ إيلون ماسك، بتاريخ 25 أبريل/ نيسان على منصة التواصل الاجتماعي العملاقة تويتر، في صفقة بلغت قيمتها الإجمالية نحو 44 مليار دولار.
وأعربت جماعات حقوق الإنسان عن مخاوفها من أن يؤدي “الافتقار إلى الاعتدال في المنصة إلى زيادة في خطاب الكراهية”، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
وأحدث ماسك الكثير من الجدل مع الإدارة الأمريكية في عدد من المناسبات، خصوصاً بعد إعادة وتنشيط حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على المنصة، ليحصد الأخير أكثر من 87 مليون متابع خلال أقل من 48 ساعة.
ثامناً، جولة بايدن في الشرق الأوسط.. الرئيس الأمريكي في السعودية
وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن في الخامس عشر من يوليو/ تموز إلى السعودية خلال جولة قام بها إلى الشرق الأوسط، في زيارة أحدثت الكثير من الجدل في وسائل الإعلام الأمريكية، خصوصا بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابقة التي هاجم فيها السعودية.
وكان ملف الطاقة، من أهم الملفات التي ركزت عليها زيارة بايدن، خصوصاً على أزمة الطاقة التي تشهدها أوروبا بسبب العقوبات الغربية ضد روسيا، حيث أكدت السعودية أن قرارات “أوبك +” مبنية على سياسات السوق ودعم استقرار قطاع الطاقة عالميا، في حين حاولت الإدارة الأمريكية فرض سياساتها على قطاع الطاقة، الأمري الذي لم يلق أذاناً صاغية لدى تحالف “أوبك +”.
تاسعاً، صواريخ كوريا الشمالية.. بحر اليابان على “صفيح ساخن“
أطلقت كوريا الشمالية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول صاروخاً باليستياً فوق اليابان، حيث عبر صاروخ مسافة بلغت نحو 4500 كلم، قبل أن يسقط في المحيط الأطلسي.
ووفقا لهيئة الأركان المشتركة للجيش في كوريا الجنوبية فإن الصاروخ الكوري الشمالي العابر للقارات (ICBM) مصمماً لضرب أهداف على الجانب الآخر من العالم.
ونفذت كوريا الشمالية عدة اختبارات متتالية لتنفيذ عمليات إطلاق صواريخ باليستية، وسط مخاوف غربية زعمت أنها من أنها ستختبر قريباً سلاحاً نووياً، الأمر الذي جعل بحر اليابان “يغلي على صفيح ساخن”، خصوصاً بعد عدة طلعات تجريبية لمقاتلات من كوريا الشمالية والغربية نفذت وسط توتر كبير.
عاشراً، مؤتمر COP27 بمدينة السلام بأرض الفيروز
في يوم الأحد 6 نوفمبر وحتى 18 منه، في شرم الشيخ في مصر تحت رعاية الأمم المتحدة بحضور 200 دولة، وكذلك بحضور الشركات والمنظمات غير الحكومية والعلماء والصحفيين، أكثر من 40 إلف مشارك، وأغلب رؤساء وملوك دول العالم، تحت رعاية الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” والحكومة المصرية، عقد مؤتمر المناخ COP 27والذي حقق نجاح إقليمي ودولي أشادت به كافة المنظمات الدولية والإقليمية.
الحادي عشر، التسليح العسكري لكلا من ألمانيا واليابان
خلال النصف الثاني من العام وافقت السلطات التشريعية وبمباركة من واشنطن وحلفاؤها، بالموافقة علي زيادة ميزانيتها المخصصة في مجال التسليح العسكري في مجالات متقدمة وحيوية، وهو الامر الذي يزيد من خده التوتر إقليمياً ودولياً عسكرياً وسياسياً.
الثاني عشر، الطفل ريان.. 5 أيام هزت العالم
هزت قضية سقوط الطفل المغربي ريان العالم، على الرغم من أنها ليست القصة الوحيدة لسقوط طفل في أعماق بئر عميق، لكن قصة ريان أخذت أبعاداً عالمية، ربما بسبب التغطية الواسعة التي حصل عليها الطفل الراحل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ليتحول لاحقاً إلى حديث الصحف العالمية.
بدأت القصة عندما سقط ريان (5 سنوات)، 1 فبراير/ شباط، في بئر جافة بعمق 62 متراً بقرية أغران بإقليم شفشاون شمالي المغرب.
وبعد عدة أيام من عمليات الحفر والجهود المضنية التي شاركت فيها مؤسسات مختلفة من الحكومة المغربية، تم إخراجه في السادس من فبراير/ شباط 2022، ميتاً، ليخيب أمل الملايين حول العالم، الذين تابعوا الحدث منتظرين لحظة خروج ريان وعودة الطفل إلى أسرته حياً.
الثالث عشر، اغتيال الصحفية والمراسلة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة
في بداية صباح يوم 11 مايو/ حزيران استشهدت مراسلة قناة الجزيرة الإخبارية شيرين أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي “كما أعلن في حينه” خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين شمالي الضفة الغربية في 11 مايو/ أيار .
وأوضحت التحقيقات أن الرصاصة التي قتلت الصحفية الفلسطينية كانت من عيار 5.56 ملم ومن النوع الخارق للدروع، الذي تستخدمه قوات الاحتلال.
ولفت إلى أن تشوهاً أصاب الرصاصة بعد دخولها رأس أبو عاقلة وارتطامها بالخوذة التي كانت ترتديها.
وقبلها بأيام أكد تحقيق لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية “أن جندياً إسرائيلياً هو من أطلق النار وقتل الصحفية أبو عاقلة”، ما ينفي الادعاءات بعدم المسؤولية عن قتلها، من جانب الطرف الآخر.
عزيزي القارئ.. تلك هي الأحداث التي مررنا بها، وهي الأحداث التي تركت أثراً علينا جميعاً سواء على المستوى الشخصي أو الدولي، طالما أننا نعيش في كوكب واحد، وأظن ان الجميع يشاطرني الرأي بأنها أحداث جسام، وكانت لها توابع وتأثير وصدى تعدّى الحدود والسدود.. ولقلة الحيلة وعدم توافر السبل والأسباب، لا نملك إلا الأمل والدعاء بأن يكون العام القادم 2023، أفضل من عام 2022، وهو الأمر الذي ليس ببعيد على الله، وأن يعم السلام والاستقرار لعالم أفضل، من أجل الفقراء والضعفاء والأجيال القادمة.
خالص الشكر للقراء الأعزاء الكرام، والشكر موصول إلى السادة الأفاضل القائمين على وكالة “رياليست”، وللجميع بأعياد الميلاد المجيد، ونهاية وبداية عام جديد 2023.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.