أجرى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر جولة عربية شملت كلاً من الأردن وتونس والجزائر، وإستمرت ثلاثة أيام، وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء القطرية “قنا“، بحث أمير دولة قطر في هذه الجولة مع قادة الدول العربية الثلاث “سبل دعم وتعزيز العلاقات الأخوية المتينة بين دولة قطر وكل من دولهم الشقيقة في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، وأبرز المستجدات على الساحة العالمية ذات الاهتمام المشترك”.
إن زيارة أمير دولة قطر العربية في وقتٍ تعاني منه الدول المضيفة له أزمات متلاحقة ليس آخرها إحتجاجات للإطاحة برموز حكم أو بسبب الأحوال الاقتصادية المتردية لتلك الدول، لتكون هذه الزيارة واعدة من خلال الإستثمارات القطرية وحجمها فيها، وفي حال التنفيذ ستفتح بدون أدنى شك فرص هامة للشباب الطامح في العمل لتحسين ظروف معيشته جراء الظروف العامة على مستوى الشرق الأوسط بشكل خاص أو على مستوى العالم.
ما يعنينا من هذه الزيارة، هو زيارة الأمير تميم إلى المملكة الأردنية الهاشمية، فبعد أن خفضت المملكة حجم التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة، على خلفية الأزمة الخليجية، عادت الأمور تدريجياً لتأخذ شكلها الطبيعي، ففي العام 2018 تم إعادة سفراء البلدين وكانت بداية إحياء للعلاقات فيما بينهما، لكن من المعروف أن الأردن دولة مرتبطة إرتباطاً وثيقاً ببريطانيا وبعض الدول الخليجية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي قاطعت قطر إبان الأزمة الشهيرة ولمدة طويلة نسبياً وللمرة الأولى في تاريخ دول مجلس التعاون الخليجي، فزيارة حاكم قطر ليس الغاية منها هو الإتفاقيات التجارية كما ظهر للعيان، إنما الموضوع بتحليل بسيط لربما أوسع من ذلك بكثير.
مع بداية الأزمة الخليجية، دخلت إيران وتركيا الخليج من بوابة الدوحة، فيما قام النظام التركي مباشرةً بالزج بقواته وأنشأ قاعدة له ليستثمر تلك الأزمة لصالحه، إلى جانب إيران التي لها مصلحة في أن تكون على وفاق مع دولة خليجية وهي التي في حالة عداء مع أغلب دول الخليج، وكانت ضربة مباشرة للعربية السعودية، لكن ومع الظروف التي حدثت منها حرب اليمن والأزمتين السورية والليبية وإشتراك أنقرة وطهران فيهما إلى حد ما مع إختلاف أن لا دور إيراني في ليبيا ولا دور تركي في اليمن لكنهما يتشاركان في الملف السوري التي رعت قطر فيه تمويل التنظيمات الإرهابية كما الحال في ليبيا، عبر نشر تنظيم الإخوان المسلمين فكراً وأعضاءً.
إن الموقف السعودي واضح في هذا الشأن، فهي من المختلفين مع تنظيم الإخوان في بلد، لكن مع إنخراط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقوة في الملفين السوري والليبي، الأمر الذي اعتبرته الرياض مساس بالأمن القومي العربي، ألزمها بإعادة حساباتها مع قطر، لإيقاف الزحف التركي وبذات الوقت لقصقصة اجنحة إيران في المنطقة وذلك عبر الدوحة، وكيف يتم ذلك؟
لابد أن الأردن سيلعب دور وساطة في هذا الموضوع بطلب سعودي للتنسيق حول عودة قطر للحضن الخليجي وللشقيقة الكبرى السعودية، ليصار إلى سحب البساط من تحت الأتراك وطردهم من الخليج أولاً ومن ثم من الدول العربية الأخرى، ما يعني أن هذه الجولة لها أهداف متعددة لكن أحدها هو الجانب الاقتصادي.
أخيراً، يبقى السؤال هل يستجيب حاكم قطر لهذا الأمر ويعود ليكون في الحضن الذي لفظه لسنوات، وهل يتخلى عن سياسته مع النظام التركي لصالح الرياض؟ أسئلة ستتبينن اجوبتها في القريب العاجل من الأيام.
فريق عمل “رياليست”