بعد تأجيل الجلسة الإستثنائية للتصويت على منح الثقة لحكومة محمد علاوي إلى يوم السبت وبطلب من رئيس الوزراء المكلف في رسالة لرئيس مجلس النواب تم تأجيل جلسة منح الثقة إلى يوم الأحد 1/3/2020، نرى بأن الجلسة المقرر عقدها يوم الأحد ستشهد منح الضوء الأخضر للحكومة لترى النور بعد ما جرى في جلسة يوم الخميس وعدم إكتمال النصاب المقرر لعقدها.
على العموم، يمكن أن يكون سبب تأجيل جلسة منح الثقة دافعاً معنوياً لكابينة محمد علاوي بعد إختلاف في وجهات نظر بعض الكتل السياسية وتضارب مواقفها حول بعض الأسماء المطروحة مع ما تناقل عبر وسائل الإعلام وإعتذار آخرين، هذا التأجيل ولمدة 48 ساعة قد يكون مفيداً لرئيس الوزراء المكلف وإعادة ترتيب أوراقه وتغيير بعض الأسماء المعترض عليها وبالتالي طرح الكابينة الوزارية بصيغتها الجديدة وبما ينسجم مع تطلعات الكتل والقوى السياسية.
السيد محمد علاوي وفي أول خطاب له، صارح الشعب العراقي بأنه سوف يختار كابينته الوزارية بعيداً عن ضغوطات الأحزاب وفرض الأسماء عليه، وعلى هذا الأساس تم إختيار الأسماء المؤهلة لتولي المناصب الوزارية وشكل ذلك الأمر صدمة لبعض الكتل والقوى السياسية التي لم تتوقع ما آلت إليه التشكيلة المقترحة للوزارة الجديدة ولذا فهي سعت إلى إفشال جلسة منح الثقة لكابينة محمد علاوي بحجة عدم توافقها مع متطلبات الواقع الحالي وعدم إستجابتها لمطالب المتظاهرين وغيرها من الحجج التي سوقتها الدعايات الإعلامية لتلك القوى.
لكن المثير في طرح الوزارة تحت قبة البرلمان يوم الخميس وعدم قبول الكتل السياسية بها وتأجيل أمر منح الثقة بها، قد كشف النوايا الخفية لها إزاء إلتزام محمد علاوي بوعده أمام الشعب العراقي بأنه سيكون سنداً له وصريحاً معه في طريقة التعامل بشفافية أمامه.
وعليه نرى بأن تلك الجلسة الاستثنائية قد كشفت بعض الكتل السياسية ودورها في تعطيل منح ثقة نواب الشعب بالوزارة وممارسة أعمالها اليومية ومهامها المنتظرة والمتعلقة بالتهيئة لإقامة الإنتخابات المبكرة وحسب المطالب الشعبية.
لقد كان السيد محمد علاوي عند وعده ونفذه بكل مهنية ومسؤولية ووضع الكرة في ملعب مجلس النواب الذي انقسم أعضاؤه كعادته ولم يعقد جلسته المفترضة لنيل الثقة وبالتالي يمكن لنا هنا أن نطرح التساؤل الآتي:
هل إن عدم عقد جلسة مجلس النواب الاستثنائية كان ضرورياً لبعض الكتل السياسية التي جاهرت وعبر وسائل الإعلام بأنها سوف لن تسمح بتمرير الوزارة؟
وللإجابة على ذلك، نقول نعم والسبب يكمن بأن السيد محمد علاوي قد كشف نوايا تلك القوى التي تسعى وبكل الطرق المتاحة لها بأن تستعيد هيمنتها وسطوتها التي زعزعتها التظاهرات الشعبية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019 ولذا فهي تعمد إلى إفشال محمد علاوي وكابينته الوزارية.
إن جلسة يوم الأحد المقبل ستكون كاشفة أكثر لبعض الكتل السياسية التي ترى في حكومة علاوي خطراً يهدد وجودها نتيجة صلابة موقف رئيس الوزراء المكلف وعزمه فتح ملفات الفساد والمفسدين ومعاقبة المتسببين بحوادث القتل للمتظاهرين السلميين وتقديم القتلة للعدالة.
إن تخوف تلك القوى والأحزاب من منح حكومة محمد علاوي الثقة يعني أنها قد أقرت بشكل واضح تخوفها من الإجراءات التي ستتخذها حيال المطالب الشعبية ووضعها موضع التطبيق كإقرار قانون الإنتخابات والتهيئة لإقامتها ومكافحة الفساد وغيرها، وبالتالي ستكون أمام مواجهة لم تعهدها عبر السنوات الماضية وسيعرضها لخطر الملاحقة القضائية.
سيكون يوم الأحد يوماً فاصلاً في تأريخ العراق إذا ما مررت الوزارة الجديدة، وعلى السيد محمد علاوي أن يمضي بمواقفه الشجاعة التي كشفت تمسك بعض الكتل والقوى السياسية بمغانمها ومكتساباتها وعدم تنازلها لصالح الوطن.
خاص وكالة “رياليست” – الأستاذ محمد كريم جبار الخاقاني – باحث سياسي عراقي.