طرابلس- (رياليست عربي). مع اقتراب موعد الإنتخابات العامة البرلمانية والرئاسية في ليبيا، إلا أن الصراع بين الكيانات والشخصيات الطامحة للوصول إلى أحد هذه المواقع، تزداد أيضا حدة وتيرته وتسعى بعض الكيانات لتغيير صورتها، بينما تسعى أخرى لزيادة قدرتها ونفوذها لدى الناخب الليبي.
ويرى مراقبون للشأن الليبي، أن الصراع القادم بدأت تترسم ملامحه عن طريق تشكيل أحزاب جديدة ، أو عمل كتل بدمج كيانات سابقة، كما بدأت شخصيات سياسية اعداد خططها ومشاريعها، للدخول إلى ميدان الوصول للسلطة بنهاية 2021.
هناك تيارات وتكتلات عديدة تحاول الوصول للسلطة الجديدة ، موضحا أنها بدأت في الكشف عن استراتيجيتها منذ زمن، لكسب السباق الانتخابي، ويأتي في مقدمة هذا التيار، السياسي والدبلوماسي السابق عارف النايض، المقرب من عدة تيارات تناصب العداء للتيار الاسلامي، كما أن علاقته بالشرق الليبي قوية، بحكم انتمائه لمدينة بنغازي، وكذلك أصوله التي تعود لقبيلة “ورفلة ” أحدى اهم قبائل وسط ليبيا، والمنتشرة بقوة في الغرب الليبي.
ويعتبر النايض من أوائل الشخصيات التي أعلنت ترشحها للسباق الرئاسي في ليبيا ، وأسس حاليا تكتل جديد أطلق عليه اسم “احياء ليبيا” ويُتوقع أن يلقى النايض دعماً كبيراً من الأوساط السياسية في شرق البلاد، إذ تربطه بغالبيتهم علاقة وطيدة وقديمة، كما يملك شبكات إعلامية خاصة به، سيكون لها دور كبير في الدعاية الانتخابية له، وسيواجه بها وسائل إعلام موالية لتيار الإسلام السياسي الليبي.
وتشهد الساحة السياسية الليبية تحركات لكيانات وشخصيات استعدادا لمرحلة صراع الصناديق في نهاية العام الحالي ، غير أنه يلحظ أن الأسماء التي أعلنت رغبتها المشاركة في الانتخابات القادمة، ظهر من خلالها أن المنافسة ستظل محصورة بنفس التيارات، والشخصيات المتصارعة على السلطة طوال العقد الماضي.
وتسعى بعض الكيانات حاليا لتغيير صورتها المرسومة لدى الليبيين، وتحاول أن تعيد رسم كيانها بشكل يخفي المعروف عنها سابقا، ويتعلق هذا الأمر بالكيانات ذات التوجه الإسلامي بجميع أيدلوجياتها، مثل جماعة الإخوان المسلمين ، والتي صارت تدرك بأن شخصياتها وأسماء كياناتها المعروفة لن تلقى قبولا لدى الليبيين، لذك أعلنت تحوّلها إلى جمعية تحت مسمى “الإحياء والتجديد”، بعد أن قامت منذ شهور، بحل عدد من فروعها في عدة مدن ليبية، مثل مصراته والزاوية، وكذلك ادعائها بتجميد نشاطها الحزبي والسياسي.
يُنوتظر أن تظهر خلال الأشهر المتبقية على بدء المنافسة الانتخابية عدة تيارات قديمة أو جديدة أو بعض التيارات التي يُمكن أن نطلق عليها بـ”المتحولة” أي التي اندمجت مع تيارات أخرى، أو غيرت أسمائها وآلية عملها السياسي، خصوصا الكيانات والشخصيات ذات المرجع الإسلامي المتشدد، والتي صارت تدرك بأن حظوظها في النجاح المباشر صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة، لذلك رأت بأن أفضل ما يمكن أن تفعله هو تغيير أسماء الكيانات التابعة لها وأسلوب عملها، كما ستدفع بشخصيات غير معروفة ، أوحتى من خارج التيار لكنها سهلة القياد لهم، للتقدم إلى الإنتخابات.
ومن ضمن الشخصيات الجدلية الساعية للإنتخابات، وذات الخلفية المتشددة عمر الحاسي، وهو شخصية عرفت في ليبيا بعد عام 2011، وسبق أن سجن بعدة تهم انتماء لجماعات محظورة.
وكشف الحاسي عن رغبته للمشاركة في الانتخابات، بتشكيل حزب جديد، منذ أسابيع قليلة تحت اسم “الإصلاح الوطني” وبحسب بيان للحاسي قال فيه عن حزبه بأنه “سيكون حزباً تقدمياً جامعاً لليبيين، ويحترم الاختلاف، ويدعم الاستقرار ويؤمن بالمساواة، ويطمح للتطوير”.
ووفق مراقبين فإن كثير من الكتل السياسية الليبية والشخصيات الأخرى، المعروفة بطموحها طيلة العقد الأخير، لم تحسم أمرها أو تكشف عن مشاريعها للمشاركة في الانتخابات، مع ترقب كبير في البلاد لذلك منها، وتشديد الكثير من المراقبين على أن السباق الانتخابي سيكون مزدحماً، ولن يقتصر على الأسماء التي أعلنت ترشحها حتى هذه اللحظة.
يذكر أن عدة تقارير حذرت من عراقيل وصعوبات تعترض الانتخابات في ليبيا ، منها ما صدر عن الاستخبارات الأميركية، وجاء فيه أن “حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا ستواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية، كانت دائماً هي التي تمنع الحكومات السابقة من دفع عجلة المصالحة”.
وحذّر تقرير الاستخبارات السنوي، المعروف باسم “تقييم التهديد السنوي” من “استمرار عدم الاستقرار في ليبيا، وتواصل خطر تجدد القتال واندلاع الحرب هذا العام، وذلك على الرغم من التقدم السياسي والاقتصادي والأمني المحدود”، قائلاً إن “الأوضاع ربما تخرج عن السيطرة، وتمتد إلى صراع أوسع نطاقاً”.
وتظل مسألة الوصول إلى انتخابات في أجواء ملائمة تشوبها عدة عوائق، أهمها عدم حل المليشيات، جمع سلاحها، وخروج القوات الأجنبية المتمركزة في عدة مدن في غرب ليبيا.
وتعتبر المليشيات أكبر عائق أمام نجاح أي سلطة ليبية، فحكومة الوفاق لقيت تأييد دولي، غير أنها ظلت أسيرة لسطوة المسلحين خارج القانون، كما أن حكومة الوحدة الوطنية الحالية، تعاني أيضا من وجود هذه العناصر المسلحة، ولم تستطع أن تتخذ بشأنها أي اجراء حتى الآن.
تجدر الإشارة إلى أن عدة شخصيات قيادية في المليشيات بغرب ليبيا، وجهت تهديدات مباشرة إلى وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، على خلفية تصريحاتها بضرورة انسحاب القوات التركية والمرتزقة الأجانب، ووصلت هذه التهديدات إلى حد المطالبة بطرد الوزيرة من العاصمة، كما طالب قيادات المليشيات من رئيس الحكومة بفصل الوزيرة من منصبها.