علقت الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا مشاركتها في محادثات تستضيفها الأمم المتحدة لوقف الحرب الدائرة للسيطرة على العاصمة، بعد أن قصفت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر ميناء طرابلس حسب زعم حكومة الوفاق مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وسقوط قذائف على بعد أمتار من ناقلة محملة بغاز قابل للإنفجار، بينما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي قوله إنه اجتمع مع خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) واتفق معه على أن التسوية السياسية هي الخيار الوحيد في البلاد، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
إبان قمة برلين حول ليبيا، إتفق المشاركون على إجراء محادثات برعاية الأمم المتحدة من شأنها وقف الحرب الدائرة في البلاد، إلى جانب إصدار قرار يفضي بوقف إرسال الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن المؤتمر والمحادثات التي كان من المفروض أن تعقد في جنيف لم تحدث بعد، في ضوء تعليق حكومة الوفاق مشاركتها على خلفية قصف ميناء طرابلس البحري، من قبل قوات المشير حفتر كما تدّعي.
قوات الجيش الوطني الليبي قال إنها إستهدفت سفينة تركية كانت تحمل أسلحة وذخائر، كما إستهدفت طائرة تركية مسيرة “درون”، ما يعني أن الطرف الآخر مدعوماً بقوى خارجية في مقدمتها النظام التركي، لا يريد لليبيا أي نجاح لأي عملية سياسية تحدث إلى جانب القوى الأجنبية المنخرطة في الأزمة الليبية، فمع إشتداد المعارك سيزداد التدخل الأجنبي وستتعمق الأزمة دون التوصل إلى حل، فالرد على إستهداف سفينة الأسلحة التركية كان بتعليق المحادثات في جنيف.
لكن على المقلب الآخر، يبدو أن التدخل التركي في ليبيا لم يجلب لها سوى المزيد من الحرب والمزيد من الإقتتال، مع تنامي الحنق الدولي جراء هذا الدعم الذي أجج الصراع مجدداً، فتعليق مشاركة الوفاق من عدمها لن تغير من الواقع الميداني شيئاً، فلو أريد للهدنة أن تتحقق، لكانت تحققت في موسكو إبان اجتماع المشير حفتر، وفائز السراج، لكن مع إشتداد المعارك، سيكون من الصعب على تركيا والدول المنخرطة بالأزمة هناك، أن تسيطر على مقدرات ليبيا في ضوء وضع محفوف بالمخاطر.
وبحسب معلومات متقاطعة أن ليبيا تصل إليها بشكل مستمر أسلحة غير شرعية وتقع في إيادي المقاتلين المرتزقة والإرهابيين الذين إستقدمهم النظام التركي من سوريا وغيرها، ما يعني أن طوق النجاة الوحيد هو البحث عن مخرج سريع أقله هدنة مؤقتة للتفكير في آلية وشكل المرحلة القادمة، وبطبيعة الحال إن فشل مؤسسات الدولة في ليبيا والإنقسامات الكبيرة فيها بين من يعترف بشرعية حكومة الوفاق وبين من يقف مع المشير خليفة حفتر، تقف ليبيا وشعبها في منتصف الخلافات الدولية.
من هنا، المؤكد أن ليبيا كدولة إنتهت في الوقت الحالي، والصراع مستمر إلى أجلٍ غير معلوم، في تصاعد للخلافات والنزاع بين الفريقين المتناحرين ستتطلب المرحلة القادمة تنازلات من شأنها وقف المعارك، لكن يبدو أن لا تنازل يلوح في الأفق، ويبقى التعويل على الدول الفاعلة في هذا الملف وفي مقدمتهم الإتحاد الروسي ومصر والإمارات والسعودية.
فريق عمل “رياليست”