موسكو – (رياليست عربي): اندلع صراع آخر على حدود قيرغيزستان وطاجيكستان في 16 سبتمبر/ أيلول، وبحسب الطرفين، تم استخدام عربات مدرعة ثقيلة وطيران و MLRS على خط التماس، بيشكيك، على وجه الخصوص، أبلغت عن الهجوم الصاروخي على مطار باتكين، فما هي الأسباب والعواقب المحتملة للصراع.
البداية
قالت قيرغيزستان إن طاجيكستان هي المسؤولة عن الصراع، وطبقاً للتقارير الواردة من بيشكيك، فقد أطلق الجانب الطاجيكي، في صباح يوم 16 سبتمبر/ أيلول، النار على حرس الحدود بالرشاشات ومدافع الهاون، كما ذكرت دائرة الحدود القيرغيزية أن العسكريين الطاجيكيين يستخدمون الدبابات وناقلات الجند المدرعة وعربات المشاة القتالية والطائرات.
في وقت لاحق، اتهمت بيشكيك جيرانها بقصف مطار باتكين بنظام إطلاق صواريخ متعدد، كما هاجم حرس الحدود القرغيزستانيون المخفر الحدودي الطاجيكي “لايكان” و “بوغداري” وزُعم أنهم دمروا كمية كبيرة من المعدات الثقيلة.
نتيجة لذلك، أصيب 42 جندياً قرغيزياً خلال اشتباكات 16 سبتمبر/ أيلول، وغادر سكان سبع قرى حدودية في منطقتي باتكين وليليك في منطقة باتكين منازلهم، وافتتحت نقطة تجميع واحدة للمساعدات الإنسانية في بيشكيك.
وألقت طاجيكستان باللوم على الجانب القرغيزي في تصعيد العنف، وبحسب دوشانبي، أطلق عسكريون من الدولة المجاورة النار على بؤرة مفرزة حدودية عصفرا وهاجموا قرى منطقة صغد، يُزعم أن القوات الخاصة القرغيزية هاجمت مستوطنات بوجستون ولاكون، “أضرمت النار في المباني السكنية والمنشآت المساعدة”، خلال الاشتباكات، قتل اثنان من حرس الحدود وأصيب ستة أشخاص.
على الصعيد السياسي
حاولت سلطات البلدين التفاوض على وقف إطلاق النار، أولاً، عقد وزيرا الخارجية جينبيك كولوبييف وسيروج الدين مخريدي المفاوضات، كما أعلن دبلوماسيون التزامهم بتسوية سلمية، لكن حديثهم لم يوقف تصعيد العنف، في وقت لاحق، تحدث رؤساء الخدمات الحدودية في قرغيزستان وطاجيكستان عبر الهاتف، واتفقا على وقف إطلاق النار، لكن القتال استمر بعد ذلك.
كان قادة البلدين صادر جابروف وإمام علي رحمن في تلك اللحظة في سمرقند في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، بعد ظهر يوم 16 سبتمبر / أيلول، عقدوا اجتماعاً وجهاً لوجه، اتفقوا فيه على وقف إطلاق النار، وقرروا أيضاً توجيه تعليمات لقوات الأمن في بلدانهم بسحب القوات من خط التماس، بعد ذلك، تناقصت حدة القصف فعلاً، وإن لم يتوقف في بعض المناطق بشكل كامل.
سبب النزاع
يبلغ طول الحدود بين قيرغيزستان وطاجيكستان 970 كم، خلال سنوات السلطة السوفيتية، تم رسم حدود الجمهوريات من الاعتبارات الاقتصادية، ونزل العامل الإثني إلى الخلفية، بعد الحصول على الاستقلال، كان لدى الدول الجديدة الكثير من المطالبات لبعضها البعض، في أغلب الأحيان، نشأت الخلافات بسبب التقسيم العرقي والمطالبات بعناصر البنية التحتية – المراعي ومآخذ المياه والقنوات، ونتيجة لذلك، لم يتم بعد ترسيم حدود 450 كم، واعتبر 70 قسماً محل نزاع.
لهذا السبب، تنشأ النزاعات بانتظام على الحدود، في المجموع على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، كان هناك أكثر من 150 حادثة، هذا العام، تم بالفعل تسجيل عدة اشتباكات كبيرة، قبل يومين من المعركة الحالية، في 14 سبتمبر/ أيلول، أطلق حرس الحدود في البلدين النار على بعضهما البعض بقذائف الهاون، مما أسفر عن مقتل جنديين طاجيكيين، في يونيو/ حزيران، اندلعت معركة بالأسلحة النارية عندما اشتبكت فرقتان حدوديتان في منطقة متنازع عليها، في يناير/ كانون الثاني، اتهمت بيشكيك الجيش الطاجيكي بمحاولة شق طريق عبر أراضي قيرغيزستان إلى جيب فوروخ الطاجيكي، وأصيب العشرات خلال المعركة.
كما يبدو أن حل الخلافات أمر بسيط – يكفي ترسيم الحدود بالكامل، لكنها فشلت في القيام بذلك، تستأنف بيشكيك ودوشانبه خرائط من سنوات مختلفة وليسا مستعدين لتقديم تنازلات، بالإضافة إلى ذلك، يمارس الرأي العام ضغوطاً على سلطات البلدين، ويخشى الجانبان استياء المواطنين، نتيجة لذلك، يتحدث الطرفان باستمرار عن نواياهم لحل المشكلة، لكن لا تتحرك في هذا الاتجاه، لذلك، بعد النزاع الحدودي في يونيو/ حزيران، اتفق رئيسا البلدين على “مواصلة الحوار حول ترسيم الحدود”، لكن لم يكن هناك تقدم حقيقي.
في الوقت نفسه، يتم تقديم المساعدة بانتظام إلى قيرغيزستان وطاجيكستان، على سبيل المثال، في يوليو/ تموز، اتخذ رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، زمام المبادرة، واقترح إنشاء منصة خبراء “لتطوير مناهج مقبولة للطرفين لترسيم الحدود”، لجذب المحامين ذوي الخبرة ورسامي الخرائط وحرس الحدود. كما عرضت روسيا مراراً وتكراراً المساعدة، في 14 سبتمبر/ أيلول، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها مستعدة لمساعدة بيشكيك ودوشانبه “في التوصل إلى حل طويل الأمد مقبول من الطرفين لقضايا الحدود”، لكن سلطات البلدين تتجنب هذه المبادرات.
التحليلات
يقول الخبراء إن النزاعات ستستمر في الظهور، “بمعنى ما ، هذه الاشتباكات مطلوبة من قبل النخب في بلدانهم، الحقيقة هي أن كلاً من قيرغيزستان وطاجيكستان دولتان فقيرتان، يشعر السكان بالمرارة وتسممهم القومية، عليك التخلص من السلبية في مكان ما، طاجيكستان لديها خبرة في الحرب الأهلية، في قيرغيزستان رأينا عدة انقلابات مع مذابح، السلطات لا تريد تكرار مثل هذه الأحداث، لذلك من المفيد لها تكوين صورة لعدو خارجي، هذا ما يفسر جزئياً تواطؤ المسؤولين.
ويلفت الخبير السياسي الكازاخستاني مارات شيبوتوف الانتباه إلى حقيقة استخدام الأسلحة الثقيلة أثناء المواجهة: “إنهم يتحدثون عن استخدام المدفعية، وهذا يعني أنه في هذه الحالة سيكون الانتقال من نزاع مسلح حدودي إلى حرب شاملة سريعاً جداً”.
يقول أندري جروزين، رئيس قسم آسيا الوسطى في معهد بلدان رابطة الدول المستقلة، إن طبيعة النزاعات قد تغيرت في السنوات الأخيرة، قبل عشر سنوات، اشتباكات على الحدود شارك فيها مدنيون من الجانبين، تشاجروا ورشقوا بعضهم البعض بالحجارة، لكن على مدى السنوات الخمس الماضية، أصبح الأفراد العسكريون يشاركون أكثر فأكثر، وكلما زاد استخدامهم للأسلحة الثقيلة، أصبحت مدافع الهاون والعربات المدرعة مألوفة، ابتكار هذا الاصطدام هو استخدام MLRS، أي أن هناك ديناميكية تهديدية، ومشاركة متزايدة لوكالات إنفاذ القانون.
ويضيف أن رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون ساعدوا في إخماد الصراع الحالي، “لحسن الحظ اندلع الاشتباك خلال القمة في سمرقند، ربما كان قادة أكبر الدول قادرين على إبلاغ رئيسي قيرغيزستان وطاجيكستان بعدم قبول الأعمال العدائية، لذلك، تلاشى الحادث بسرعة كافية، لكن في ظل هذه الديناميكيات، لا أحد يضمن أن الصراع الحدودي القادم لن يتصاعد إلى اشتباكات أكبر”.
خاص وكالة رياليست.