تركيا الدولة الوريثة للإمبراطورية العثمانية، دائما كان لها دورا مهما في الوضع العام بمنطقة الشرق الأوسط في آخر 70 عاما،و بسبب قُربها من بريطانيا العظمى في خمسينيات القرن الماضي وبداية التقارب مع الولايات المتحدة في الفترات اللاحقة، وبالطبع بسبب عضويتها في حلف الناتو كانت تمثل ركنا أساسيا في كل المشاريع الجيوسياسية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، إلا أنه بعد مرور 50 عاما من عضوية تركيا في الناتو أتى حزب العدالة والتنمية إلى السلطة والذي بدوره بدأ في جني ثمار الانتماء للغرب من خلال تنفيذ مشروع جيوسياسي خاص به.
تحول جيوسياسي كبير لتركيا
ففي بداية الألفية الجديدة تم تنفيذ تحول جيوسياسي كبير لتركيا، الأمر الذي كان يستحق اهتمامًا كبيراً من قيادات الدول العربية حينها،ففي آخر 15 عامااستخدمت أنقرة بشكل جيد جداً كل المستجدات التي تحدث حولها من أجل زيادة نفوذها ودورها في كل المناطق التي تحدث فيها هذه المتغيرات.
كانت أول هذه المتغيرات- الحرب على العراق 2003 وزيادة نفوذها في شماله، ثاني هذه المستجدات كانت زيادة التخوف الخليجي من إيران وسياساتها الأمر الذي كان فيه استدعاء لها من أجل لعب دور يناوئ طهران،أما أحداث الثورات العربية الملونة، فكانت تمثل الفرصة الذهبية للنخبة التركية بالتواصل الجيوسياسيوالجيواقتصادي والاجتماعي والثقافي مع العالم العربي من أجل زيادة مستويات نفوذها السياسي-الاقتصادي-الثقافي ومن ثم العسكري.
الاستفادة من الأزمة الخليجية
وأما مسألة الأزمة الخليجية (مقاطعة قطر 2017) كانت تمثل إحدى هذه المتغيرات والأحداث التي استفادت منها تركيا بشكل جيد على مستوى النفوذ.
المشروع الجيواستراتيجي التركي ضخم جدًا وله أبعاد كثيرة على المستوى الأوروبي، الأوراسي، الآسيوي، الأفريقي والشرق أوسطي ويمثل الخليج العربي نقطة مهمة داخل هذا المشروع، ومن خلال هذه الورقة سنستعرض مراحل تطور الدور التركي في هذه المنطقة المهمة، و حتمية المواجهة معه.
مرحلة الاستدعاء
بسبب القلق الخليجي من برنامج إيران النووي في بداية الألفية الحالية، وغياب القوة الإقليمية العربية القادرة على ملء الفراغ السياسي في المنطقة حينها، إضافة إلى عدم ممانعة الولايات المتحدة وإسرائيل بهذا الدور التركي حينها،فإن الدول الخليجية بدت مرحبة بدور تركي يستطيع أن يوازن الدور الإقليمي المتنامي لإيران في الشرق الأوسط، بل يمكننا القول أن كان هناك استدعاء خليجي لها من أجل لعب دور مناوئ للنفوذ الإيراني، ولعل هذا ما يتضح من زيارات العديد من المسؤولين الخليجيين إلى تركيا خلال السنوات الأولى من هذه الألفية، وأهمها الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أنقرة في أغسطس 2006، حيث كان هناك يقين بأن تركيا، الدولة سنّية المذهب، على المستوى الخليجي والعربي، على أنها يمكن أن تكون موازناً لإيران الشيعية.
مشروع أنابيب السلام
تركيا في هذه الفترة من جانبها كانت مهتمة بالعلاقات مع دول الخليج العربي من منطلقات سياسية وأمنية واقتصادية، حيث كانت في حاجة إلى الاستثمارات الخليجية في اقتصادها الوطني، وكانت تنظر إلى المنطقة على أنها سوق مهمة للمنتجات التركية، فضلًا عن أنها تستورد 90% من احتياجاتها النفطية، وكانت تقدم نفسها على أنها مصدر ممكن للمياه إلى منطقة الخليج من خلال مشروع “أنابيب السلام”.*
بسبب هذا التقارب الغير موفق من جانب الدول الخليجية، وافق المجلس الوزاري لمجلس التعاون في دورته الحادية والتسعين في شهر يونيو/حزيران2004 على إبرام اتفاقية إطارية للتعاون الاقتصادي بين دول المجلس وجمهورية تركيا تمهيداً للدخول في مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين. وكان قد تم التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي بين دول المجلس وتركيا في مملكة البحرين في 30 مايو/أيار2005.
كما وقع مجلس التعاون وجمهورية تركيا مذكرة تفاهم بشأن إقامة حوار استراتيجي، خلال الاجتماع الوزاري المشترك الأول للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية تركيا في 2 سبتمبر/أيلول2008، في مدينة جدة، وشملت هذه المذكرة وضع آليات للحوار بهدف تطوير العلاقات بينهما على كافة الأصعدة، وضمنت عقد اجتماع سنوي لوزراء خارجية تركيا ودول المجلس، وعُقد اجتماع كبار المسؤولين للتحضير للاجتماع الوزاري المشترك. وكان قد عُقد الاجتماع الوزاري المشترك الثاني للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية تركيا، في 8 يوليو/تموز2009، في مدينة إسطنبول.
بالإضافة إلى ذلك تمت الموافقة على إقرار خطة عمل مشترك للتعاون بين الجانبين للعامين 2011-2012، في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث للحوار الاستراتيجي مع جمهورية تركيا في دولة الكويت في 17 أكتوبر عام 2010، وشملت هذه الخطة مجالات التجارة والاستثمار، والطاقة، والنقل والمواصلات، والزراعة، والأمن الغذائي، والثقافة والإعلام والصحة والتعليم. وعُقد الاجتماع الوزاري المشترك الرابع للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون وجمهورية تركيا في مدينة إسطنبول في 28 يناير 2012.
حائط صد ضد إيران
إذن في العشرية الأولى من هذه الألفية كان هناك قبول شديد لدى الدول الخليجية من أجل أن تكون هناك علاقات قوية مع تركيا، والتي توسموا فيها أن تكون حائط سد مساعد ضد المصالح الإيرانية في هذه المنطقة، ولم تنتبه القيادات الخليجية حينها، أن الجذور الإسلامية (الاخوان المسلمين) لحزب العدالة والتنمية سيكون لها تأثيرها بلا أدنى شك على السياسة التركية، فخلال سنوات قليلة انكشف وجه الحزب الحاكم التركي مع ظهور موجة الثورات العربية الملونة 2011- 2013،وحينها بدا للقيادات الخليجية مدى التقارب على مستوى المصالح بين أنقرة و طهران.
مظاهر الوجود العسكري التركي في الخليج العربي
من الخطأ اعتبار الوجود العسكري التركي مقتصرا على وجود قاعدتين عسكريتين في إمارة قطر، و إنما هذا التواجد يمتد إلى منطقة القرن الإفريقي وخليج عدن وبحر العرب، فهذه المناطق تتحكم في مضيق باب المندب- أحد أضلاع ما يسمى بترويكا المضايق(هرمز، باب المندب و قناة السويس)،وهذه الترويكا هي المتحكمة في حركة تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع أوروبا و الأمريكتين، إذن أي وجود عسكري لأنقرة في منطقة القرن الإفريقي وخليج عدن وبحر العرب يمكننا أن نطلق عليه نفوذ تركي في الخليج العربي،وهناك مظاهر عدة لهذا التواجد التركي:
- منذ فبراير/شباط2009، تشارك القوات البحرية التركية في قوة المهام المشتركة الدولية لمحاربة القرصنة في المنطقة، ترأست تركيا 5 مرات قيادة قوات المهام المشتركة “CTF-151” لمكافحة القرصنة في خليج عدن، وقبالة سواحل الصومال في المحيط الهندي.
والقوات البحرية المشتركة- تحالف متعدد الجنسيات تأسس في فبراير/شباط2002، يهدف إلى تعزيز الأمن، بمكافحة القرصنة والإرهاب في مياه الشرق الأوسط، وإفريقيا وجنوب آسيا، وتشمل البحر الأحمر، والخليج العربي، وخليج عدن، وبحر العرب والمحيط الهندي.
تهتم وزارة الدفاع التركية بهذه القوات و هذا التواجد ودورياً يتم تقديم طلب إلى البرلمان التركي من أجل تمديد فترة وجود هذه القوات. ففي 4 فبراير 2019، تم تقديم مرسوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن تمديد ولاية وجود البحرية التركية في خليج عدن والمياه الإقليمية وساحل الصومال، وكذلك في بحر العرب والمناطق المجاورة،ينص المرسوم على تمديد التفويض لمدة عام واحد اعتبارًا من 10 فبراير 2019،وفقًا للمرسوم ، ستحافظ البحرية التركية على وجودها في المنطقة المحددة من أجل ضمان سلامة السفن التجارية التي ترفع العلم التركي أو السفن المرتبطة بتركيا، والمشاركة بنشاط في مكافحة القراصنة ومحاولات السطو المسلح، في سياق جهود المجتمع الدولي،ستساعد أعمال البحرية التركية على تعزيز تركيا في منظومة الأمم المتحدة والمنطقة ككل،ينص نص المرسوم على أنه في المرة الأخيرة تم تمديد صلاحية قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، التي تأذن للمجتمع الدولي لمكافحة القرصنة في المنطقة المحددة ، لمدة 13 شهرًا في 6 نوفمبر/تشرين الثاني2018.
يرجع الاهتمام التركي بهذه المنطقة للأسباب التالية:
– المنطقة ترتبط بمضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن ببحر العرب، وهو أحد أهم الممرات المائية وأكثرها ازدحامًا في العالم (ما يصل إلى 22000 سفينة تجارية تعبر المضيق سنويًا ، ويتم تنفيذ 14 بالمائة من 1.8 تريليون دولار). التجارة)،يعد خليج عدن ، القريب من رابع أكبر عنق زجاجة لنقل النفط في العالم ، مضيق باب المندب ، طريقًا استراتيجيًا للنفط الخام في الشرق الأوسط ويلعب دورًا مهمًا في ممر نقل الطاقة العالمي.
– يمر 20٪ من حجم معاملات التجارة الخارجية (80 مليار دولار) لتركيا سنويًا على طول هذا الطريق.
– مضيق باب المندب هو أيضا قناة مهمة لتوريد الأسلحة إلى الشرق الأوسط. يجب ألا ننسى أن تركيا نفسها تزود مناطق الصراع في الشرق الأوسط (على سبيل المثال ، اليمن) بالأسلحة.
- مسألة اتباع تركيا سياسة توسعية جديدة في السنوات الأخيرة، كان أحد مكوناتها إقامة وجود عسكري في تلك المناطق التي كانت في السابق جزءًا من الإمبراطورية العثمانية،وقد قامت تركيا بالفعل، في إطار هذه السياسة، بتأسيس وجودها العسكري في الصومال وقطر، وكذلك في سوريا والعراق،وبالمنطق، تنوي تركيا توسيع وجودها في المياه العربية وستحاول بنشاط أن تصبح “إحدى دول البحر الأحمر وخليج عدن”.
- يمكن أن يصبح هذا التواجدعاملا إضافيا للتأثير على المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك على مصر.
- في نهاية سبتمبر/أيلول2016، افتتحت تركيا أول قاعدة عسكرية (شرعية) خارجية في الصومال،ففي 20 يناير 2015 ، كانت قد وقعت تركيا والصومال اتفاقية تعاون دفاعي وافقت عليها الأمم المتحدة، ونص الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية كان من المقرر افتتاحها لفترة قصيرة،وبافتتاح هذه القاعدة العسكرية التركية أصبحت تركيا خامس دولة بعد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان التي لها بالفعل قواعد عسكرية في القارة الأفريقية،من خلال الأراضي الصومالية ستكون تركيا بالقرب من مضيق باب المندب و بالقرب من اليمن الذي يمثل نقطة استراتيجية هامة تربط كل من تركيا، إيران و المملكة السعودية و كذلك دولة الامارات.
وبالرغم من وجود القاعدة التركية جنوب العاصمة مقديشو بكيلومترين، أي أنها ليست قريبة جدا من مضيق باب المندب، إلا أن وجودها مهم و تمثل عنصر من عناصر النفوذ التركي في هذه المنطقة الحيوية.
- على ضوء أزمة سحب السفراء من قطر عام 2014، تم النص على إنشاء قاعدة عسكرية تركية بموجب اتفاقية حول تعزيز التعاون الثنائي وقعتها الأطراف في نفس العام ، ودخلت اتفاقية التعاون ونشر فرقة من القوات المسلحة التركية في قطر لغرض تدريب الجيش حيز التنفيذ في 15 يونيو 2015 ، وبدأ العمل على تنفيذها في أكتوبر من نفس العام.
في ضوء هذه الاتفاقية أقيم التمرين التركي القطري نصر 2015 في قطر، 100-150 جندي تركي شاركوا في التمرين ولم يعودوا من قطر،في هذا الصدد ، كتبت الصحافة التركية حينها أن الجيش التركي عاد إلى قطر بعد قرن (غادر الجنود العثمانيون قطر في 19 أغسطس 1915).
في هذه الفترة وعلى ضوء التخوف القطري الكبير بسبب تلويح الدول الخليجية بمعاقبتها، عُقدت 6 قمم تركية قطرية جمعت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، خلال 15 شهرا فقط، 4 منها خلال عام 2015، واثنتان في 2014، بمعدل قمة كل 3 شهور تقريبا.
وببدء أزمة حصار قطر 2017، صادق البرلمان التركي على اتفاقية عام 2014 و تم الإعلان بشكل رسمي عن القاعدة العسكرية التركية في قطر في نهاية عام 2017، و تمت تسمية الفرقة بطارق بن زياد، و مع استمرار أزمة حصار “قطر” تم الإعلان عن قاعدة عسكرية أخرى وتم تسمية الوحدة العسكرية التركية الجديدة بخالد بن الوليد،وذلك في نهاية عام 2019.
أصبحت الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وقطر عاملاً هامًا في سياسات أنقرة في الشرق الأوسط على مدى السنوات العشر الماضية،وكان أساس التعاون الوثيق بين الدولتين هو دعم أنقرة والدوحة لحركة الإخوان المسلمين خلال العمليات السياسية للثورات العربية الملونة. في المرحلة الأولى من التغيرات السياسية في العالم العربي ، 2011-2012 ، بدا أن هذا يحقق النتائج الضرورية. فجاء “الإخوان المسلمون” في ذلك الوقت إلى السلطة أو احتلوا مناصب مهمة في حكومات تونس ومصر وليبيا،لكن مثلت مسألة التخلص من النظام السياسي الإخواني في مصر عام 2013 نقطة تحول خطيرة، أدت إلى الانتقال إلى مرحلة المواجهة الصريحة التي بدأت بسحب السفراء من الدوحة 2014 وانتهت الى وجود قاعدتين عسكريتين تركيتين في قطر، وبظهور هاتين القاعدتين، أصبح الوجود العسكري التركي في الإمارة ورقة رابحة ليس فقط لأنقرة ، ولكن أيضًا لقيادة قطر.
بنظرة عامة على مظاهر الوجود التركي في الخليج العربي، نجد أن العوامل المساعدة لهذا التواجد تتمثل في استخدام القيادة السياسية التركية لكل المتغيرات التي استجدت في المنطقة، بداية من أزمة القرصنة البحرية في منطقة خليج عدن و التي على إثرها اشتركت في قوات المهام المشتركة “CTF-151” منذ 2009، مرورًا باستخدامها لهجوم على سفاراتها في مقديشيو في يوليو 2013 ، نظمته حركة الشباب الإرهابية من أجل انشاء قاعدة عسكرية لها في الصومال،ووصولًا إلى استخدامها لأزمة دول مجلس التعاون الخليجي مع قطر لتأسيس قاعدتين عسكريتين على أراضي الأخيرة.
مرحلة الاستعداء
بالرغم من أن في نهاية عام 2015 كانت هناك أنباء عن تشكيل تحالف عسكري سُني يشمل تركيا، إلا أن أصبح واضح للمملكة العربية السعودية، الإمارات العربية ومصر، بأن تركيا تشكل منافسًا على القيادة في العالم السُني،كما أصبحت مظاهر التواجد العسكري التركي في منطقة الجزيرة العربية و مياهها تمثل عامل عدم استقرار بالنسبة للدول الثلاث المذكورة. لذلكمنذ منتصف عام 2017 بدأت مرحلة استعداء الدولة التركية بعد ظهور العديد من المعطيات:
- بدأت تركيا عملية أستانا للسلام بالإشتراك مع روسيا وإيران، أي أن تركيا مع إيران أزاحوا الدور السعودي في سوريا، علاوة على ذلك، في 22 يونيو 2017، قال السكرتير الصحفي للرئيس التركي إبراهيم كالين، في تعليقه على جهود إنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا، إن تركيا وإيران وروسيا تعمل على وضع آلية يتم بموجبها على الأرجح نشر الجيش التركي والروسي في محافظة إدلب،وفي محيط دمشق – بشكل أساسي قوات روسية وإيرانية (جنوب سوريا في محافظة درعا – قوات أردنية وأمريكية). ولم يتم الإعلان عن نشر القوات السعودية.
- في 21 يونيو 2017 ، تم تنصيب الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد الجديد للمملكة العربية السعودية،أظهر ولي العهد في السابق أنه داعم نشط لوجود سعودي قوي في المنطقة، وهذا الأمر يعني رفض أي وجود تركي في منطقة الخليج.
- خططت تركيا، بمساعدة القاعدة العسكرية في قطر، لتصبح واحدة من تلك الدول التي ستنظم آليات النظام الأمني بشكل مباشر في منطقة الخليج العربي. وخططت أنقرة للقيام بذلك خارج سلطة حلف الناتو،وهذا الأمر أزعج بلا شك الولايات المتحدة.
- في يونيو 2017 بدأت الدول العربية في حصار قطر، على أمل أن تستسلم سريعًا، لكن مساعدة تركيا وإيران لقطر أفسدت هذه الخطط،وبعد الإجراءات التي اتخذها عدد من دول الخليج ضد قطر، بدأت تركيا في إمداد الإمارة بالغذاء،أي اننا أصبحنا أمام صراع مفتوح بين دول الحصار القطري و بين تركيا.
- أصل الأزمة الخليجية-المصرية مع قطر هو دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، ووجود القاعدة العسكرية التركية (الغير رسمية حينها) على أراضيها، وأيضا العلاقات القطرية-الإيرانية.
- في 7 يونيو، وافق البرلمان التركي على قانون يسمح بنشر القوات التركية في القاعدة التركية في قطر،واعتبرت هذه الخطوة محاولة لتقديم دعم سياسي للدوحة وسط صراع دبلوماسي مع قوى عربية مؤثرة،صوّت 240 نائبا يمثلون حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المعارض لصالح قانون نشر القوات التركية في قطر،وبعد عشرة أيام، وصلت المجموعة الأولى من العسكريين الأتراك إلى قطر.
- بالطبع في الفترة الأخيرة زادت حدة العداء الخليجي-المصري مع تركيا، بإضافة نقاط ساخنة جديدة في ليبيا و شرق المتوسط و كذلك بزيادة مستويات التعاون التركي القطري في الخليج العربي، و زيادة مستويات التعاون التركي-الإيراني في كل من اليمن و سوريا.
خاتمة:
بدون أدنى شك كان هناك خطأ كبير قامت به العواصم الخليجية باستدعاء تركيا من أجل مواجهة إيران في العشرية الأولى من القرن الواحد و العشرين، وهذا الخطأ استمر بالسماح بدولة قطر بالارتماء في أحضان تركيا بشكل كامل بسبب اتخاذ قرار الحصار،فكان يمكن معاقبة قطر بطرق كثيرة.
بسبب هذين الخطأين أصبحت المواجهة الخليجية-المصرية ضد تركيا حتمية في ظل استمرار ظروف وشروط هذه المواجهة، المتمثلة في استمرار وجود حزب العدالة والتنمية في الحكم والمتمثلة في عدم موافقة كل من الرياض، القاهرة و أبوظبي على التحركات التركية في منطقة الخليج العربي بشكل خاص و في الشرق الأوسط بشكل عام.
جدير بالذكر، أن عناصر القوة التي تمتلكها العواصم الثلاث أهم من كل العناصر التي تمتلكها تركيا، بالرغم من النجاحات التي حققتها أنقرة في آخر السنوات،و لكن في حالة واحدة و هي التحالف الحقيقي بين كل من أبوظبي، القاهرة و الرياض، فتركيا تحاربنا على أراضي الدول العربية و لا نحاربها على أرضها، و مسألة طرد النفوذ التركي سهلة بشرط توافر الإرادة.
على سبيل المثال، كل النجاحات التي حققتها تركيا في ترسيخ وجودها العسكري في القرن الأفريقي و بحر العرب تبقى تحت رحمة الجانب المصري الذي يتحكم بقناة السويس ويمكنه منع السفن والبواخر التركية من المرور عبر القناة في حال تحول التنافس بين البلدين إلى مواجهة، كما أن هناك سهولة من جانب الدول العربية الثلاث في نقل مواجهتها مع تركيا بالقرب من الحدود الجغرافية لها، و هنا نقصد الأكراد، و هم متشوقون لمثل هذا التعاون.
*جدير بالذكر كشفت لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري عن وجود تحفظ عربي من سوريا والأردن ودول الخليج العربي على مشروع أنابيب السلام التركي الهادف إلى استثمار المياه الفائضة عن حاجة تركيا، من أنهار سيحون و جيحون عن طريق بيعها إلى بلدان الخليج العربي وسوريا والأردن واسرائيل بواسطة خطين من الأنابيب وأشارت اللجنة الى أن التحفظ العربي جاء من منطلق رفضهم للتعرض لأية ضغوط سياسية أو اقتصادية من مصدر حيوي كالمياه.
مصدر الموضوع: معهد أوتاوا لدراسات الشرق الأدنى
المصادر:
1- https://www.albayan.ae/one-world/2001-05-02-1.1159535
3- http://wam.ae/ar/details/1395239826646
4- https://www.sabah.com.tr/gundem/2019/02/04/turk-askerinin-aden-korfezindeki-gorev-suresi-uzatiliyor
5- https://www.yenisafak.com/hayat/100-yil-sonra-turk-askeri-katarda-2165499
6-https://ria.ru/20191125/1561580774.html