أعلن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو يوم الجمعة الفائت، عن تحديد بدء عملية ترحيل الجهاديين إلى بلادهم إعتبارا من اليوم الإثنين، إذ قال في خطابٍ له: “نقول لكم الآن إننا سنقوم بإعادتهم إليكم. سنبدأ ذلك الاثنين”، مضيفاً: “لا حاجة للف والدوران. سنرسل إليكم عناصر تنظيم داعش. هم لكم، افعلوا بهم ما شئتم”، طبقا لموقع العربية نت.
جديّة تركيا
أتى الإعلان التركي، عبر وزير داخليتها، متوقعا لجهة الرد على أوروبا فيما يتعلق بشجبها العملية التركية على سوريا، ووقوفها في صف الأكراد، الأعداء الأساسيين للنظام الحاكم التركي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لطالما خرجت التصريحات التركية بالقول على الملئ بأن على الدول الأوروبية الإلتزام بتعهداتها فيما يتعلق باللاجئين الموجودين على الأراضي التركية، وأن ذلك ليس من مسؤولية تركيا لوحدها، أو ستقوم الحكومة التركية بفتح الحدود أمام ما لا يقل عن 3.5 مليون لاجئ، خاصة إن صنفت أوروبا العملية العسكرية على أنها إحتلال في سوريا.
وبموجب إتفاقية صادق عليها الإتحاد الأوروبي في العام 2016، وعد من خلالها أنقرة بدفع 6 مليارات يورو، مقابل ضبط الحدود وعدم فتحها أمام اللاجئين، لكن بحسب الحكومة التركية أنها لم تستلم سوى 3 مليارات يورو حتى الآن، فعادت ورقة التهديد مجددا تلوح في الأفق من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لم يتوقف عن ذكرها مرارا وتكرارا.
ما الفارق؟
إن نية تركيا فتح الحدود أمام اللاجئين هو البند الثاني، الذي تلوح به، إذ بدأت بترحيل الجهاديين وردهم إلى بلادهم من تنظيمات داعش والنصرة وغيرهم، وهذا الأمر مرفوض لدى أوروبا شعبيا وعلى الصعيد الرسمي، فلقد تم إبعاد إرهابي أمريكي و11 فرنسي و10 ألمان، دون تحديد وجهة طريقهم، إضافة إلى آخرين من الدانمارك وإيرلندا.
فإرسال الجهاديين إلى بلادهم سيحدث صخبا كبيرا في الدول الأوروبية خاصة بعد العمليات الإرهابية الكثيرة التي طالت عواصم غربية كباريس ولندن وبروكسل وغيرهما، وبالتالي ستنظر أوروبا بعين الريبة والخشية من عودتهم إذا ما عادت العمليات الإرهابية إلى بلادهم، ما يتيح عودة المفاوضات مع تركيا وإرسال المساعدات المتبقية في محاولة لضبط تركيا التي لن تتوقف حتى يستجيب الغرب لمطالبها.
فض الشراكة
إن وجود الجهاديين على الأراضي التركية، يؤكد أن هناك تنسيق عالي المستوى ما بين أوروبا وتركيا، إذ ليس خافيا على أحد أن مركز الإرهاب العابر للقارات مركزه تركيا، من جميع الدول، ولم يتوقف الأمر هنا، فلقد تم نقلهم من بلادهم إلى سوريا والعراق، ومؤخرا إلى ليبيا، وهذا الأمر معروف لدى الجميع، إلا أن الغرب لن يقبل بعودتهم تحت أي ظرف، خاصة بعدما إكتسبوا مهارات قتالية كبيرة جدا، إلى جانب إعداد المتفجرات والتخطيط، ناهيك عن دقتهم وتنظيمهم في إختيار أهدافهم، إذ أصبحوا خطرا محدقا، فلقد قالها سفير سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أن هؤلاء الإرهابيين وقود ستشعل كل عواصم العالم، ما لم يتم إتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء هذه الظواهر، أو ستتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
إن بدء أنقرة إرسال الجهاديين وترحيلهم، هو الرسالة الأقوى للغرب الأوروبي، والتي بدورها كانت قد أسقطت الجنسيات عن بعضهم، لكن على الرغم من ذلك، يبقوا مواطنين والمحاكم الغربية هي المعنية بالتصرف معهم، إذ هذا الملف جله سياسي ومالي، يتوقف بحالتين إثنين، مباركة أوروبا للعملية التركية في سوريا، وإرسال المبالغ المتفق عليها كاملةً، أو سيتم تنفيذ التهديد الأول وفتح الحدود أمام ملايين اللاجئين، الأمر الذي سيضرب عمق الاقتصاد الأوروبي ما لم تفكر بطرق أكثر منفعة للجميع.
فريق عمل “رياليست”