بعد أن فككت القوات التركية عدداً من نقاط مراقبتها في الشمال السوري، ونقلها إلى محيط جبل الزاوية بريف ادلب، شمال شرق البلاد، تعتزم اليوم على إنشاء نقطتين جديدتين في بلدة قسطون وتلة قسطون التابعتين لريف حماة، بعد أن فككت أكبر نقطة لها في منطقة مورك بريف المدينة والتي كانت محاصرة من قبل الجيش السوري.
بعد الانسحاب من ريف حماة، لماذا تريد تركيا العودة إلى المنطقة؟ وما الغاية من إنشاء هاتين النقطتين وسط تعقيدات كبيرة تحيط بالشرق السوري على خلفيات تصعيدية بمدينة عين عيسى الاستراتيجية بريف الرقة؟ وهل من سيناريوهات جديدة تحضّر للشمال السوري من جانب القوات التركية؟
عودة سريعة
بحسب المعلومات المتوفرة، ذكرت مصادر مطلعة أن القوات التركية في الأيام لماضية ترددت إلى المنطقتين المذكورتين أعلاه في ريف حماة وعملت على دراسة المنطقة جيداً، ثم أخذت القرار بإنشاء نقطتي مراقبة جديدتين في غضون أيام قليلة، وبالتالي تفكر أنقرة اليوم وعقب خسارة نقاط مراقبة حيوية مثل مورك وخان طومان وشير مغار، ونقاط أخرى في محيط مدينة سراقب، فالمعروف أن تركيا كانت قد أنشأت أكثر من 68 نقطة مراقبة لها منذ بداية دخولها إلى الأراضي السوري، وفي أحيانٍ كثيرة كانت تستثمر هذه النقاط لمصلحة الفصائل الإرهابية المسلحة، حتى معركة إدلب الأخيرة في أواخر العام 2019، وسيطرة الجيش السوري على كثير من المناطق المحاذية لتلك النقاط، ما دفع بالقوات التركية للإنسحاب والتموضع في محيط جبل الزاوية.
لكن لارتباط ريف حماة بريف ادلب جغرافياً، تحاول اليوم القوات التركية ملئ الفراغ الحاصل، بعودتها إلى ريف حماة، خاصة وأن هذا الريف كان مركزاً للحزب الإسلامي التركستاني الموالي لتركيا، فالعودة اليوم تنذر بأن تحضيرات معينة تنوي تركيا القيام بها، بما يعزز موقعها مجدداً في الشمال السوري.
ماذا عن الشرق؟
توصلت روسيا مؤخراً إلى تفاهمات مع الجانب التركي للتهدئة في منطقة النزاع بين الأكراد والفصائل الإرهابية الموالية لتركيا، وعلى ضوء ذلك إستقدمت القوات الروسية 300 جندي روسي لنشرهم في محيط مدينة عين عيسى بريف الرقة لمراقبة وقف إطلاق النار، عبر تسيير دوريات شرطة عسكرية روسية في المنطقة، وبالتالي هذه التهدئة المؤقتة، أوعزت للتركي الانتقال إلى الشمال السوري، لاستثمار الوقت بدل الضائع، ما يعني أنها لا تستهدف الأرض السورية فقط، بل تعمل على إرباك الروسي شمالاً وشرقاً، فما إن تهدأ جبهة، حتى تصعد في أخرى، دون تبيان نواياها الحقيقية من ذلك.
فلقد تحققت الهدنة في محيط عين عيسى بعد أكثر من شهر على قصفها العنيف بموجب الاتفاق مع روسيا، لكنها ورغم ذلك لجأت مجدداً إلى قطع مياه الشرب عن مدينة الحسكة ما دفع بالسكان المحليين للخروج بمظاهرات تطالب بالخروج التركي والفصائل الموالية له من المدينة، ومن المعروف أن قطع محطة علوك في المرة السابقة، عادت للضخ بعد الوساطة الروسية، ليعود ويتكرر الأمر مجدداً، وبالتالي، إن المخطط التركي يرمي لإنهاك كل الشركاء في الملف السوري، وروسيا طرف رئيسي في ذلك.
أخيراً، إن قرار تركيا بإنشاء نقطتي مراقبة جديدتين في بلدة وتلة قسطون بريف حماة، يبدو أنه تجميع جديد وتحضير ما، لبدء عودة انتشار الإرهاب واستهداف الطرق الدولية، ربطاً مع عودة تنظيم داعش والذي هو الآخر تم نقل 70 من قياداته من سجن الصناعة في الحسكة الواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية – قسد المدعومة أمريكياً، إلى قاعدة التنف الأمريكية، إذ نفذت داعش مؤخراً هجوماً على طريق إثريا – السلمية وهو المتاخم لريف حماة، فقد تشكل هذه النقاط منطلقا ًجديداً للهجمات الإرهابية المدعومة من تركيّاً.
خاص – فريق عمل “رياليست”.