ردد متظاهرون غاضبون بصوت عال يوم الثلاثاء أسماء 171 شخصا على الأقل قتلوا في انفجار مرفأ بيروت الأسبوع الماضي ودعوا إلى تنحي الرئيس اللبناني ومسؤولين آخرين يلومونهم على وقوع الكارثة، وذكر تقرير أن الرئيس ورئيس الوزراء كانا قد تلقيا تحذيرا في يوليو تموز بشأن نترات الأمونيوم المخزنة، وفقا لوثائق ومصادر أمنية رفيعة، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
فلقد حذر مسؤولون أمنيون في لبنان، رئيس الوزراء ورئيس الدولة الشهر الماضي من أن وجود 2750 طنا من نترات الأمونيا في مخزن بمرفأ بيروت يمثل خطرا أمنيا ربما يدمر العاصمة إذا انفجرت تلك المواد، بعد ما يزيد قليلا على أسبوعين من التحذير وقع الانفجار الهائل الذي محا معظم المرفأ وقطاعات من العاصمة اللبنانية وأسفر عن مقتل 171 شخصا وإصابة ستة آلاف آخرين، وفقدان ما بين 30 – 40 شخصاً يجري البحث عنهم، ودمر حوالي ستة آلاف بناية.
إن المشهد اللبناني اليوم أعاد إحياء الإنقسامات بدل أن يوحدها، وسارعت الدول الغربية وبعض الدول الإقليمية التدخل في القرار السيادي للبنان، لعل الولاءات والتبعيات معروفة، لكن الجديد فيها هو التدخل التركي الحالي، الذي يلعب على وتر الأوجاع العربية ومن الباب الإنساني يتغلغل في أوطانهم للإطباق عليهم، فلقد أغرقت البلد المنكوب بالمساعدات الإنسانية، وباتت عاصمة الشمال تهتف لأردوغان، فيبدو أن الأخير يعرف كيف يخترق الدول، بناءاً على العقائد والمذاهب، لكن هذا الأمر لن يتحقق منه شيء، فلطالما كانت طرابلس محسوبة على دول الخليج منذ عهد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري إلى يومنا هذا.
إنما السؤال اليوم، ما هي الأهمية الإستراتيجية التي تشكلها لبنان، لتركيا؟ إذ يبدو أن البحر المتوسط هو الهدف التركي، من خلال التوسع التركي فيه، فلقد عرضت أنقرة موانئها كبديل مؤقت للبنان، خاص في مرسين، التي تعتبر قريبة نسبياً من بيروت العاصمة، وأما إن قالوا يبقى الرهان على شعب لبنان فهو رهان خاسر، بعد النكبة الأخيرة التي تعرض لها، والتي كادت أن تسمح بيروت عن الخارطة.
أما أن يكون قد أرسل مسؤولون أمنيون تحذيراً لرئيس الدولة والحكومة قبل أسبوعين من الحادثة، فهذا أمر يتوقف عنده، فالشحنة موجودة منذ ست سنوات، لماذا جاء التحذير قبل أسبوعين فقط، وذلك لتحميل الحكومة الحالية أخطاء ثلاث حكومات متعاقبة، ما يعني التملص من أي مسؤولية في هذا السياق، إلا أن الهدف الرئيس لهذا الغرض، هو أن التيار الوطني الحر والذي رئيسه هو الرئيس ميشال عون متحالف في جبهة واحدة مع حزب الله، رغم بعض الإختلافات في أمور كثيرة، لكن أن تحمّل حكومته المسؤولية وفي عهده، مع مطالبات الشعب اللبناني بإسقاط النظام وإستقالة الرئيس، أصبح الوضع أكبر من تفجير، بل هو مرحلة تفكك منظومة لبنان المفككة أصلاً.
من هنا، إن رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، قطع الطريق على السيناريو المرسوم وقدم إستقالته، لتكون حكومة تصريف أعمال، حتى بدء الانتخابات المبكرة التي أعلن عنها، ما يعني أن المطبخ الأمريكي والغربي والتركي، بدأ يحضر للبنان عدداً من السيناريوهات، وتجلى ذلك، من خلال طرح أسماء لرئاسة الحكومة الجديدة الموالية لهم، ما يعني عودة لبنان إلى المربع الأول في زمن الحريرية السابقة حتى وإن تغيرت الأسماء.
فريق عمل “رياليست”.