طرابلس – (رياليست عربي): لا تزال تركيا رغم كل ما صدر من قرارات دولية وليبية حول ضرورة سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد تتدخل بشكل أكثر ضراوة وتسجل بشكل يومي تواجدها العسكري والمدني بشتى الطرق.
وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح: “إن تركيا لا تزال تدعم بقاء المرتزقة في ليبيا، مبيناً بأنها ما زالت ترسل أعداداً منهم إلى جانب كميات من السلاح إلى غرب ليبيا.
وأوضح عقيلة خلال تصريحات له، بأن تركيا ترسل المعدات العسكرية إلى ليبيا، متوهمة أن المعاهدة التي أبرمتها أنقرة مع حكومة الوفاق المنتهية ولاياتها تتيح لها البقاء في ليبيا.
وأشار عقيلة بأن “لا أحد يملك الحق بالسماح في عقد اتفاقيات مع أي جانب دون المرور على مجلس النواب”، مبيناً أن مجلس النواب رفض الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق، لافتاً إلى أن الحل الوحيد لإنهاء الانقسام في الدولة الليبية، وإعادة توحيد المؤسسات وتحقيق المصالحة الوطنية هو انتخاب رئيس الدولة من الشعب.
وبحسب مراقبين للشأن الليبي فإن توقيع تركيا لتفاهم مع حكومة الوفاق السابقة لتحديد الحقوق البحرية والتعاون الأمني والعسكري بينهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، كان نقطة منحت تركيا فرصة التدخل التركي في الساحة الليبية، وتحول إلى تدخُّل مباشر ومُعلن.
كما زادت تركيا دعمها العسكري لمليشيات الوفاق، ونقلت منظومات التسلح النوعية، ونقلت ضباطاً أتراك ومرتزقة سوريين تابعين لها؛ للمشاركة في المعارك ضد الجيش، كما أن قوات الأفريكوم وجهت ضربات لقوات الجيش الليبي في قاعدة الوطية، إثر استعصاء ذلك على القوات التركية والمرتزقة ومليشيات الوفاق.
ويرى المراقبون، بأن عوامل عديدة أتاحت الفرصة للتدخل العسكري التركي في الملف الليبي بدون عوائق كبيرة، رغم أن الوجود التركي على الأرض الليبية، لم يحدث كخطة استراتيجية مُعدَّة مُسبقاً، وإنما كردة فعل على تطور الأحداث في ليبيا، ولذلك فإن التدخل التركي في ليبيا سيبقى مرهوناً بتطورات الظروف العسكرية والسياسية على الأرض، وفي الاقليم المحيط بليبيا.
ومن الأسباب التي هيأت الفرص للتدخل التركي، ما نشأ عن الفراغ الجيو – استراتيجي نتيجة سقوط نظام القذافي، وفشل الليبيين في إنشاء نظام سياسي قوي ومستقر، وإهمال قوى كٌبرى مثل الولايات المتحدة متابعة هذا الملف في شمال أفريقيا، بالإضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي، عانى من مشاكله الداخلية، خصوصاً بعد خروج بريطانيا (البريكست) وتراجُع قوة تأثير الاتحاد في الملف الليبي، بسبب التنافس الفرنسي – الإيطالي، يضاف إلى ذلك، أن القائد العام للجيش الليبي، رفض بقوة منح قوى دولية مساندة له، أي تواجد على الأرض، مصرّاً على أن ما يريده دعم تقني ولوجستي لسيطرة الجيش الليبي على الأرض.
وأدركت أنقرة أنه لن تكون هناك قوة بإمكانها أن تتصدى لها في ليبيا وتردع تقدمها هناك، بسبب انشغال اللاعبين الدوليين، بملفات أخرى، وانشغال بعض الدول الإقليمية المهمة مثل مصر بمشاكلها الداخلية والاقتصادية، ما جعل من الصعب على هذه الدول التصدي لتركيا في ليبيا.
ويعتبر إدراك أنقرة لمدى العجز الأوروبي عن التواجد المؤثر في ليبيا وسرعة التدخل هناك، هو العامل الحاسم في عدم وجود صعوبات كبيرة أمام تركيا في هذا الملف، على الرغم من أهمية ليبيا وموقعها للاتحاد الأوروبي أمنياً.
ويضيف المراقبون، بأن تركيا أعطيت ضوءاً أخضراً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للتدخل في ليبيا، حين قامت تركيا بعملية جس نبض لقوات الردع التابعة للاتحاد الأوروبي، بقيامها بعمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط، وظهر من خلالها الاتحاد الأوروبي عاجزاً أو متجاهلاً لما تقوم به تركيا.
هذا الموقف الأوربي كان رسالة مطمئنة لتركيا، فسّرته على أنه إشارة بالاستمرار في عملياتها، كما شجَّع هذا الضعف أو التجاهل الأوربي تركيا على توسيع هذا الدور ليصل إلى التدخل المباشر في ليبيا.
وتثبت دلالات التدخل التركي، عجز أو عدم اهتمام أوروبا بما تفعله تركيا، كما يشير إلى عدم وجود قوة إقليمية أو عربية رادعة، يمكنها إيقاف المخطط التركي، مما جعل تركيا تستمر في نقل المسلحين والسلاح إلى غرب ليبيا، حتى بعد مؤتمر برلين عام 2019، وما تلاه من حوارات ومؤتمرات، أكدت جميعها على وقف التدخلات المباشرة وغير المباشرة في الشأن الليبي.
خاص وكالة “رياليست” – عبدالعزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.