دمشق – (رياليست عربي): يواصل الرئيس التركي رجب أرودغان جهده في البروز ضمن المنطقة كواحد من أكثر الدول نفوذاً في الشرق الأوسط من خلال تصوير نفسه على أنه الورقة رابحة للجميع ، فبات في الأيام الأخيرة يروج ويبث أخبار عن محادثة هاتفية محتملة بينه وبين الرئيس السوري كمحاولة من الاقتراب بدمشق بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع روسيا.
وفي الآونة الأخيرة، ازدادت وتيرة تصريحات كل من الرئيس التركي ووزيري دفاعه وخارجيته، بشأن العمل والتنسيق الاستخباري مع الدولة السورية لمحاربة التنظيمات الإرهابية، لكنّ هذا لا يعدو كونه أكثر من فقاعة دخانية إذا لم يقترن بالأفعال، وبتحديد تلك التنظيمات بشكل واضح لا لبس فيه.
في الواقع، يصعب تحليل التصريحات التركية بهذه الدرجة من البساطة والتسطيح، مثلما يصعب فهم هذا التفاجؤ بالموقف التركي غير المقطوع عن مسار التحوّل فيه.
هذه التصريحات أشعلت الداخل التركي واستجرّت مواقف وتحليلات مختلفة ومتناقضة في الأوساط السياسية والإعلامية، تراوحت بين الترحيب بها واعتبارها تصحيحاً لمسار السياسة التركية من جهة واعتبارها فشلاً ذريعاً لهذه السياسة من جهة أخرى، ولا يزال النقاش والجدل حولها حادين داخل تركيا.
بالمقابل تحاول أمريكا تهديد تركيا والتركيز على معاقبتها اقتصادياً ومالياً، من خلال تجميد تركيا على حدود التضخم والأزمات الداخلية، وتوريطها خارجياً بعدة صراعات لمضاعفة أزماتها وأعداد خصومها وأعدائها.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية التركية يحاول الرئيس إردوغان حل معارك الداخل بمواجهة المعارضة، وسط نتائج السياسات الداخلية الاقتصادية والمالية الفاشلة، وتدهور الحالة الاجتماعية والأوضاع المعيشية، والخشية من آثار التضخم والبطالة المتزايدين.
لا يمكن للرئيس التركي أن يراهن على فوزه في الانتخابات عبر أكاذيب وأضاليل سياسية داخلية وخارجية، وعمليات عسكرية عدوانية إرهابية على الأراضي السورية والعراقية، في وقتٍ اكتفى بدعوة الولايات المتحدة ” للانسحاب من مناطق شرق الفرات في سوريا، ووقف دعمها للجماعات الإرهابية.
ففي الوقت الذي يوسع الاحتلال التركي نطاق استهدافه لشمال حلب ليطال قصفه بلدات تل المضيق وسد الشهباء وزيوان وشعالة وتل عنب، يتوقع الكثير من المتابعون للملف التركي أن أردوغان حشر نفسه في موقع لا يحسد عليه بعد إطلاقه تهديدات في أيار الماضي بغزو الشريط الحدودي السوري لإقامة ما سماه “المنطقة الآمنة” بعمق 30 كيلو متراً.
كما أن أردوغان غير قادر على تنفيذ تهديداته بعد القمة الأخيرة التي جمعته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي، وليس لديه الاستطاعة للتنصل من وعيده لأسباب داخلية تتعلق بتخفيف الضغط الذي يتعرض له بشأن قضية اللاجئين السوريين، وهو على بعد أقل من عام عن الانتخابات التشريعية والرئاسية، إذ إن إيجاد حل لذلك أمر بالغ الصعوبة، على الأقل في المدى المتوسط.
ربما بات معظم المتابعين للشأن السوري والدور التركي فيه على قناعة أنّ أنقرة باتت جاهزة لأن تسلك طريق المصالحة مع دمشق، لكن الخبراء في تفاصيل الشؤون التركية وأوضاعها وتعقيدات الأزمة السورية والمروحة الواسعة للأطراف المتداخلة فيها يُشيرون إلى وعورة هذا الطريق.
خاص وكالة رياليست – نور ملحم – كاتبة وإعلامية – سوريا.