كشفت القاهرة عن استضافتها الأربعاء القادم “اجتماعاً تنسيقياً” يضم وزراء خارجية مصر وفرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص لبحث تطورات الشأن الليبي. يأتي ذلك غداة إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن انتشار جنود أتراك في ليبيا، طبقاً لوكالة دي دبليو الألمانية.
بعد أن صادق البرلمان التركي على مشروع قرار يسمح بإرسال قوات عسكرية تركية لدعم قوات حكومة الوفاق الليبية، قوبلت هذه الخطوة برفض وتنديد إقليمي ودولي واسع، إتخذت مصر على إثر ذلك التجهيز لعقد اجتماع تباحثي واسع لأخذ التدابير التي تضر بالأمن القومي للدول المعنية وفي مقدمتهم مصر.
فما يقوم به الرئيس أردوغان، هو إستعمار جديد بحجج واهية، إذ سارع بتنفيذ مخططه، بينما العالم منشغل بتوقعات وتحليلات عن الوضع الإيراني – الأمريكي عقب إغتيال الجنرال سليماني، فيما تركيا تثبت أقدامها في ليبيا وسط صمت دولي واضح. الأمر الذي سيلقي بظلاله على دول البحر المتوسط ويزعزع أمنها وفقاً لبيان الخارجية المصرية.
فلقد أكد أردوغان أن هدف تركيا من إنتشار قواتها هو إنهاء مأساة إنسانية حسب زعمه، من خلال إمداد قوات السراج بمختلف صنوف الأسلحة والطائرات المسيرة، لضرب الليبيين بعضهم بعضاً، فيما إنتقدت المملكة العربية السعودية تركيا وأدانت تصرفها، لترد الأخيرة بالقول: “إننا لا نقيم وزناً لها”، في إشارة واضحة إلى الخلاف الكبير بين الجانبين، والذي قد ترد فيه المملكة على أردوغان في سوريا، وهذا ما تدركه الإدارة التركية جيداً، الأمر الذي يفسر إستعجال بسط نفوذ أنقرة في ليبيا.
على المقلب الآخر، تحاول روسيا ملئ الفراغ الحاصل بسبب عم توحد الموقف الأوروبي تجاه ليبيا على الرغم من الأهمية الجيوسياسية والإقتصادية لليبيا بالنسبة لأوروبا، لكن هناك قلق أوروبي واضح، مهّد الطريق أمام موسكو لتصحيح خطأ العام 2011، في العام 2020، في محاولة لتكرار التجربة السورية في ليبيا، من هنا، إن أوروبا وتجاهلها الخطر الكبير الذي ستلحقه بها تركيا يؤكد ضعف القراءة السياسية الأوروبية الحالية، فبعد أن هددهم أردوغان بتدفق اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ها هم يتركون الساحة مفتوحة امام كل أنواع الإرهاب من داعش إلى القاعدة وجبهة النصرة، للتسلل إلى أراضيها مع المهاجرين غير الشرعيين، والذي من الممكن جداً أن يتحول هذا الوضع إلى ورقة ضغط تلعب بها أنقرة وقت الضرورة، فدخول روسيا الآن يأتي بدعم عربي لا سيما مصر ودولة الإمارات، لإيجاد توازن يمهد لأرضية التفاهمات السياسية غير الممكنة في الوقت الحالي على الرغم من العلاقة التي تربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي أردوغان.
بموازاة ذلك، أثبت الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر أن تحرير ليبيا من التنظيمات الإرهابية وطرد التركي المحتل حسب وصفهم، أولوية أساسية، فلد كانت التنظيمات الإرهابية تعتبر مدينة سرت خط دفاع لها وقد تمكن الجيش الوطني من كسره، وبالتالي تمت عملية عسكرية كانت مدتها قرابة الثلاثة ساعات ونصف وتم تحرير المدينة وبسط السيطرة عليها وسط ترحيب عارم من الأهالي.
من هنا، إن تسارع الأحداث في ليبيا أصبح واضحاً بعد أن أصبحت مسرح صراع قوى عالمية تعمل جميعها للسيطرة على مقدرات ليبيا بعيداً عن تخليصها من الإرهاب، بل على العكس تؤجج نشره كما الحالة التركية، قيما الأوضاع مقبلة على تغييرات واضحة خاصة بدخول الروسي، والذي ما إن يدخل ستدخل الولايات المتحدة الأمريكية بثقل أكبر نكاية في روسيا في المقام الأول، من هنا، إن نتائج الاجتماع التنسيقي الأربعاء القادم وما سيتمخض عنه من أخذ تدابير لربما قد تفتح مجال دخول قوى أخرى على خط المعارك لدعم الجيش الوطني الليبي في وجه حكومة الوفاق الموالية لتركيا، من منطلق تأمين الأمن القومي لتلك الدول ومن ثم كبح جماح التمدد التركي الذي بات يشكل خطورة سواء في سوريا أو ليبيا.
فريق عمل “رياليست”