تدفق عشرات المتظاهرين إلى شوارع بيروت في سياراتهم للتعبير عن غضبهم من زيادة الفقر والمعاناة، بينما اجتمع البرلمان اللبناني للمرة الأولى منذ بدء إجراءات العزل العام بسبب فيروس كورونا المستجد، ونزلت الجموع إلى الشوارع في أنحاء أخرى من لبنان أيضا، بما في ذلك مدينة طرابلس الشمالية، لاستئناف الاحتجاجات التي تراجعت خلال الأشهر الماضية بعد أن هزت البلاد منذ أكتوبر/ تشرين الأول، العام “2019”، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
لم يكن وباء كورونا المستجد هو سبب البطالة والعجز والفقر لدى غالبية الشعب اللبناني الذي بدأ ثورته أواخر العام الماضي “2019” على خلفية قرارات حكومية تمس معيشته وكرامته على حسب تعبير المحتجين، ليأتي الوباء ويعصف في هذا البلد المتهالك إقتصادياً بسبب هدر المال العام على يد حكومات سابقة، حيث وضعت الحكومة اللبنانية قيوداً صارمة على المحتجين لتسارع المصارف إلى الإطباق على أموال المودعين وتحدد لهم سحوبات لا تتوافق وسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي بحسب نشرات سعر المصرف المركزي اللبناني، وتترك الساحة مفتوحة للمضاربين من السوق السوداء ليتحكموا بهذا الشعب وبما يملك.
فمع إنعقاد الجلسة الأولى منذ تفشي الوباء والذي أيضاً مع بداية إنتشاره تم إدخال الحسابات السياسية في مسألة إنتشاره وإتهام حلفاء إيران من اللبنانيين، أنهم هم من نقلوا العدوى إلى الداخل اللبناني، والبعض من الفرق الأخرى إعتبر أن العدوى جاءت من فرنسا وإيطاليا، في إشارة إلى حزبي الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية، ليطال هذا الموضوع سجالاً كبيراً بدأ لكن لم يوضع له حد حتى تبين أن القادمين من أوروبا أتوا قبل طائرة الركاب القادمة من طهران.
وبالعودة إلى خروج المحتجين يوم الأمس إلى الساحات بمظاهرة سيّارة لأجل مسألة التباعد الإجتماعي إحتجاجاً على الوضع المتردي الذي يعاني منه الشعب في ظل وجود مخيمات فلسطينية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة فيها، وفي ظل وجود نازحين سوريين، والذي قضى منهم يوم الأمس 6 قتلى بعد أن أضرم شاب فيهم النار ببندقية صيد في بلدة بعقلين في منطقة الشوف، الامر الذي يبين حالة الفلتان الأمني وغنعدام الثقة بين الشعب والدولة على كافة الأصعدة، حيث توقفت كل المهن وجاء الوباء فرصة لصرف العاملين دون دفع مرتباتهم ومستحقاتهم، إلى جانب إطباق البنوك على أموالهم في سابقة لم تحدث في دولة بالعالم.
من هنا، إن لبنان على شفى كارثة حقيقية وليس الوباء سبباً لها، بل هي تراكمات طويلة الأمد نفذتها حكومات متعاقبة من هدر للمال العام وفساد وسرقة وضرائب ومحسوبيات، والمفارقة ومع بدء لبنان بالتنقيب عن النفط البحري، جاءت مسألة هبوط أسعار النفط لتكون سبب في رفع سعر الصرف في اليومين الماضيين، ما سبب حالة إختناق شعبي مست قوته اليومي دون وجود من هو مسؤول عن وضع تدابير حقيقية تخفف من وطأة الكارثة المقبلة، فبحسب توقعات صندوق النقد الدولي أن حوالي 40% من غالبية الشعب اللبناني سيكونوا تحت خط الفقر مع نهاية العام “2020”، فهل يستطيع هذا البلد الذي عانى ما عانى أن يحد من هذا الوضع، أم أن الإنفجار وشيك!
فريق عمل “رياليست”.