قال مسؤول تركي كبير، إن تركيا مستعدة للبدء بخطى سريعة في “إعادة إعمار ليبيا”، وذلك بعد أن زار كبار مساعدي الرئيس رجب طيب أردوغان طرابلس هذا الأسبوع، لمناقشة “سبل التعاون” في مجالات الطاقة والبناء والأعمال المصرفية، طبقاً لقناة “سكاي نيوز عربية“.
تتسارع الأحداث في الملف الليبي، للدخول في جانب قطف ثمار التدخلات الإقليمية والدولية، دون إنتظار إنتهاء الأزمة، أو التفكير بحلول سياسية تخفف وطأة المعارك الدائرة بين فريقين هما بالأساس أشقاء، لكن وبحجم التدخلات الخارجية، تم خلق نزاع لن ينتهي على المدى المنظور، ليس لإشتداد المعارك، بقدر ما هو رغبة إقليمية ودولية من أطراف الصراع، التي تقتات من إستمرار هذا النزاع.
لقد بدأت تركيا تدخلها بشكل رسمي على حد تعبيرها، مستمدة ذلك من الشرعية الدولية الممنوحة لحليفتها حكومة الوفاق، وتوقيعها معها مذكرتي التفاهم الأمنية والبحرية، اللتان مهدتا الأرضية المناسبة لأن تدخل أنقرة بثقلها في عصب الأزمة الليبية، فالحديث عن إعادة إعمار وسط ركام المعارك المستمرة في الأساس، يشي بأن هذا الملف مستمر في الفائدة لتركيا، طالما الخراب موجود، طالما الدولة التركية مستفيدة، فإعادة الإعمار مرتبطة بالمقام الأول بإعادة الأمان إلى ربوع ليبيا، ومن ثم تتم هذه الخطوة، إلا أن استعجال نظام رجب طيب أردوغان يوحي بأن ما يريده أبعد بكثير مما هو متداول بشكلٍ عام.
وبعد مناورات البحر المفتوح التركية وما حملته معها من رسائل ودلالات لخصوم أنقرة، والمعلومات التي تتحدث عن تثبيت قاعدتين تركيتين في ليبيا، واحدة في ترهونة وأخرى في الوطية، ليأتي حديث إعادة الإعمار بزمنٍ لا يتجاوز بضعة أيام، فضلاً عما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تدرس توسيع نطاقها العسكري في ليبيا، هذه الأمور تؤكد نوايا أنقرة الحقيقية من التدخل في ليبيا.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد فتركيا تدرس أيضاً مد ليبيا بالكهرباء عبر سفن تركية تابعة لشركة كهرباء “كاردينيز باور”، فضلاً عن أن مشاريع الإعمار بدأت بالفعل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، العام 2019، وبكلفة بلغت 16 مليار دولار، وكلفة أخرى تقدر ما بين 400 – 500 مليون دولار لم تنفذ بعد، وبالطبع على حساب الشعب الليبي بشكلٍ رئيس.
وبالتفاصيل الواردة والخطيرة جداً على ليبيا، تقول معلومات أن حكومة الوفاق أقرت بالفعل إستقدام مستشارين أتراك للمساعدة في بناء منظومة ليبيا المصرفية، ما يعني إطباق تركي كامل على كل مفاصل الاقتصاد الليبي من الطاقة إلى المصارف وإلى إعادة الإعمار، فضلاً عن التثبيت العسكري الذي يجعل من كل ليبيا في قبضة النظام التركي، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكناً، خاصة وإن تم إجراء إستفتاء حقيقي واحد، سيبين أن حكومة فائز السراج غير مرغوب بها، وبالتالي هذا الوضع أكبر بكثير من حكومة إستمدت شرعيتها على حساب شعبها ومقدراته وسلمتها للأجنبي.
من هنا، إن تفعيل الدبلوماسية المصرية ومعها أعوانها في هذا الملف أصبحت ضرورة، أكثر من ذي قبل، ولابد من تشكيل جبهة عسكرية مضادة تنقذ ليبيا من براثن أردوغان الطامع بمقدرات أي بلد عربي يستطيع السيطرة عليه، وعلى روسيا يجب عليها مجابهة ومقارعة تركيا في الملف السوري، بمعنى أدق، على الجميع الضغط على أنقرة بكل السبل الممكنة، خاصة وأن التشابكات الدولية اليوم أصبحت تعمل بشكل علني على سرقة الشعوب دون إكتراث بأي قانون أو عرف دولي.
فريق عمل “رياليست”.