التقى وفد أمريكي رفيع المستوى بالقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر لبحث وقف القتال في العاصمة الليبية – طرابلس، إلى جانب معرفة ما لدى مقر القيادة العامة للجيش الليبي “الرجمة” مستقبلاً في حال تحرير كامل العاصمة، دون وضوح محدد في الموقف الأمريكي حول ذلك، في حين أن ألمانيا دعت كل من مصر والإمارات لوقف دعم حفتر في حربه لتحرير طرابلس.
فما أقدمت عليه واشنطن ليس مفاجئاً، خاصةً عندما استشعروا الثقل الروسي في ليبيا مؤخراً، كما أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للعاصمة الإماراتية – أبو ظبي، جاءت للتباحث مع أقوى حليف للقاهرة في كيفية التعامل مستقبلا مع مستجدات الملف الليبي.
ومن قبلها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة الأمريكية – واشنطن ولقائه نظيره الأمريكي دونالد ترامب، وبحث الملف الليبي، خاصة وأن هذه الزيارة وافقت الرئيس أردوغان كونها جاءت ضد المشير حفتر، بعد زيارات لأفراد من حكومة الفرقاطة الإيطالية كما يسميها معظم الليبيين لواشنطن وفي مقدمتهم باش اغا، وهي زيارات كانت أكثر جدوى من زيارة رئيس حكومة الوفاق فائز السراج للعاصمة البحرينية – المنامة والتي كانت زيارة عائلية لا أكثر، بينما يسعى فائز السراج الآن لتوطيد التواجد العسكري التركي في ليبيا عبر عدة اتفاقيات.
فلا غرابة في تصرف واشنطن، كونها هي من منحت الضوء الأخضر لقطر، وبذات الوقت هي من تضغط على الدول الخليجية الثلاثة للتصالح مع الدوحة من جديد، يضاف إلى ذلك أن الموقف الأمريكي مطابق لموقف بريطانيا في وقف الدعم للمشير حفتر أو لجهة التصالح الخليجي مع قطر. إلا أن المهم هو القادم وأي تكتيك سيتبعه كل من السيسي ومحمد بن زايد، مع التشديد على دور الرئيس المصري دون غيره لأن الأمر بالنسبة لمصر أكثر تعقيداً بحكم تشابك الملف الليبي مع أغلب الملفات الأخرى.
فلقد جاء إجتماع الوفد الأمريكي الرفيع مع القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية مؤخراً، لبحث وقف الاقتتال في طرابلس، إذ وافق الجانب الأمريكي على طلب الجانب الليبي في وقف القتال بعد نزع السلاح من كل المليشيات، ولكن الأهم لدى أمريكا من ذلك اللقاء كان من أجل التحقق من ثلاثة أمور:
أولا. معرفة ما لدى الرجمة (مقر القيادة العامة للجيش الليبي) مستقبلا في حال تم تحرير كامل طرابلس وإنهيار حكومة الوفاق، وما هي الخطوات التي ستقدم عليها، وهل يطمح حفتر في أن يكون رئيس ليبيا القادم أم لا.
ثانيا. للحد من النفوذ الروسي المتصاعد مؤخراً في ليبيا، ومحاولة مساومة حفتر بمنحه إمتيازات للحد من النفوذ الروسي هناك.
ثالثا. هناك رغبة خفية لدى واشنطن في تكرار سيناريو الشمال السوري في ليبيا، بعد أن تم وضع مواقع النفط في شمال سوريا تحت سيطرة جنودها برفقة حلفاء واشنطن في الجزيرة السورية وهم الأكراد، فهدف أمريكا من تواجدها في سوريا منذ البداية السيطرة على إحتياطات النفط السوري، الذي لا يقارن مع المخزون الليبي الهائل.
فلدى الولايات المتحدة الأمريكية تخوف شديد من أن تصبح روسيا التي بسطت نفوذها في المياه الدافئة للبحر المتوسط في طرطوس السورية، أن يتوسع نفوذها في بنغازي الليبية في الشمال الأفريقي، وبجوار أهم نقطة تقدم لتركيا العضو في حلف شمال الاطلسي – الناتو، العدو القديم الجديد، والتواجد في شمال ليبيا على بعد مسافة أقل من 400كلم من الأسطول الأمريكي السادس في نابولي الإيطالية.
وهو الأمر الذى إستدعى رد روسي، بعد أن علق المتحدث بإسم الكرملين ديميتري بيسكوف بالقول: “تتوالى تحذيرات من أن شركات عسكرية ما (ملمحاً الى شركات بلاك ووتر) تعمل في جميع أنحاء العالم وتكاد تحسم مصائر بلدان مختلفة أو تزعزع الاستقرار فيها، وتزعم الولايات المتحدة أن بعض الشركات العسكرية تزعزع الإستقرار في ليبيا ملمحة لشركة “فاجنر” الروسية، وهنا يمكنني القول بكل بساطة، إن هناك دول ليس لها أي حق أصلا في الحديث عن زعزعة إستقرار ليبيا، بعد أن دمروا تلك الدولة فعليا عبر ممارساتهم المخالفة للقانون الدولي، فكل ما تصرح به واشنطن بخصوصنا في ليبيا هي أخبار كاذبة ومضللة”.
خاص وكالة رياليست الروسية – فادي وهيب عيد، باحث ومحلل سياسي في شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا