قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إن اليونان وتركيا الشريكين في الحلف، إتفقتا على إجراء محادثات لتفادي أي إشتباكات عارضة في منطقة شرق المتوسط، وأضاف ستولتنبرغ في بيان: “في أعقاب مباحثاتي مع زعماء يونانيين وأتراك، إتفق البلدان على الدخول في محادثات فنية في مقر “الحلف” للتوصل إلى آليات لتقليص خطر الحوادث في شرق المتوسط، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
ما سبب تدخل الناتو؟
في المادة الخامسة من ميثاق الحلف، والتي تنص على أن الهجوم على أي دولة في الناتو هو بمثابة هجوم على كل الدول الأعضاء، وهذا ثابت في ميثاق حلف شمال الأطلسي، لكن الميثاق لم يذكر حيال هجمات بين دول أعضاء في الحلف!
وهذا يعني أن الميثاق يحتاج إلى إعادة صياغة تتناسب والواقع الجديد الذي يحدث بين تركيا واليونان، لأن الحلف أنشئ للدفاع عن الدول الأعضاء لا عن الطموحات العسكرية لها كما الحالة التركية، ما يعني أن الناتو وميثاقه لا بمنع من طرد أي عضو يخرج عن السياق العام لهذا التحالف خاصة عند الهجوم على دولة عضو أخرى، هذه العوامل فرضت على قيادة الحلف تقريب وجهات النظر بين الدول المتنازعة فيما بينها على موارد الطاقة، وبالتالي عليهم إيجاد صيغة تفاهمية تمنع إخيتار قيادة الأطلسي من إتخاذ قرارات صعبة وخطيرة تكون بداية إنهيار هذا التحالف بسبب طموحات عسكرية وجيو- سياسية وإقتصادية تخرج الحلف عن سياق إنشائه الأساسي.
هل تريد تركيا إشعال الحرب مع اليونان؟
في كثير من تصريحات المسؤولين الأتراك، يجهرون القول، بأن اليونان لا تستطيع مقارعة تركيا لا عن طريق المفاوضات ولا عن طريق الحرب، على إعتبار أن تركيا تمتلك مزايا عسكرية متطورة وأخرى دبلوماسية، تفتقر لها اليونان، وفي قضية الخلاف في شرق المتوسط، يجعل من أنقرة وحدها الطرف الرابح في أي نوعٍ كان، لذلك التهدئة مطلوبة وضرورية ليس لأن فرص أثينا قليلة لكن يبدو أن هناك إنتباه غربي إلى الطموحات التركية ليس فقط بمنطقتها، بل بدأت تتوسع وتصطدم مع الغرب ذاته، ولم تكن المشكلة اليونانية – التركية هي سبب إنتباه أوروبا لهذا الأمر، بل محاولة أنقرة السابقة في السيطرة على سرت والجفرة الليبيتين ليس بداعي النفط والإستحواذ عليه، بل من سيطر عليهما، وصل إلى أوروبا وهذا أمر خطير، ما زاد من خطره الخلاف في شرقي المتوسط وإن كانت اليونان هي المتضرر الأول من بين الدول الأوروبية لكنه خلاف يهدد أوروبا كلها، من هنا، رأينا جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشرق أوسطية وإخيتاره العراق كبداية للتعاون، فضلاً عن مشروع الشام الجديد الذي يربط العراق مع مصر والأردن، والذي هو قصقصة للأجنحة التركية في المنطقة بطريقة أو بأخرى.
هل من مصالحة مرتقبة عقب المفاوضات؟
إن إكتشاف كميات مهمة وكبيرة من موارد الطاقة شرق المتوسط، فتح شهية كل الدول من أي بوابة كانت حتى ولو لم يكن لهم صلات على المتوسط، فكان لا بد من حصر تركيا في محيط خليج أنطاليا التركي رغم أنها دولة عضو في حلف الناتو، تخت ذريعة أن أي تمدد عسكري خارج إرادة الولايات المتحدة، بمقابل أي مشروع تصدير طاقوي يكون عبر تركيا وهذا السبب الرئيس التي تحاول أنقرة إستغلاله والدليل ما قاله القيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم رسول طوسون “إن أقصر طريق لخط أنابيب غاز من المنطقة إلى أوروبا سيكون من شمال قبرص عبر تركيا”، أي الأخيرة مسيطرة على هذا الأمر لمروره في أراضيها، وترى في ذلك قوة لها وطريقة فعالة لإذعان الغرب لرغباتها حتى لو كانت على عكس سياساتهم.
من هنا، إن الناتو سيعمل بكل الطرق الممكنة على التهدئة وإتباع المسار السياسي وتجنب أي سيناريو صدامي، لكن بنفس الوقت، لن تسمح بتكرار هكذا حوادث لدول أعضاء في الحلف، إلا الكرة في ملعب أنقرة، فهل ستقبل بالتهدئة إن لم تطابق مصالحها، هذا ما سيتبين في الأيام القادمة.
فريق عمل “رياليست”.