الولايات المتحدة لازالت مستمرة في محاولاتها للخروج بشكل سلمي من أفغانستان،حيث سبب الغزو الأمريكي لأفغانستان منذ عام 2001 خسائر فادحة للولايات المتحدة،وأدي تواجد واشنطن العسكري هناك الي تزايد الضغوط الشعبية علي الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فكانت دعايا ترامب الإنتخابية والتي ركزت بشكل كبير علي حل هذه المسألة،ووعوده الإنتخابية بسحب جزء كبير من القوات الأمريكية المتواجدة في الخارج وخاصة في أفغانستان والعراق.
ومثلت المفاوضات بين ممثلي الحكومة الأفغانية وممثلي حركة طالبان المرحلة الثانية لمشروع السلام الأفغاني،والذي تتبناه إدارة ترامب، والتي كانت أولي مراحله في 29 فبراير/شباط من العام الحالي،عقب توقيع إتفاقية السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان. ويسعي ترامب لإستغلال فرصة المفاوضات الثنائية بين الحكومة وطالبان،حتي يتسني له سحب قواته من أفغانستان،خاصة مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية المقبلة،وقد يشكل ذلك ورقة رابحة له قبل الدخول في المعترك الإنتخابي القادم، بعد التراجع الملحوظ لشعبيته في استطلاعات الرأي الأخيرة .
هل ستضع المفاوضات حدا للعنف في أفغانستان؟
بلا شك التفكير حاليا في التوصل لإتفاق سلام أو حتي لوقف اطلاق النار،يبدو بعيد المنال،لعل أبرز الأمثلة ما حدث بعد توقيع اتفاقية السلام ما بين الولايات المتحدة وحركة طالبان،بقيام الأخيرة بهجمات علي مواقع عسكرية للحكومة الأفغانية. إضافة الي التباين الشديد بين أهداف المتفاوضين،فمن المتوقع أن تكون نقطة الخلاف المباشرة هي قضية وقف أعمال العنف في الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات آلاف المدنيين وشردت ملايين آخرين. وفي هذا الشأن،شدد الاتفاق الأميركي على أن طالبان ستدرج هدنة دائمة فقط كبند على جدول الأعمال في المفاوضات، لكن كابول لا زالت تصر على الضغط من أجل وقف إطلاق النار منذ اليوم الأول، وهو أمر أعلنت حركة طالبان أنه غير مقبول على الإطلاق.
مما يصعب من إمكانية التوصل لإتفاق بين الطرفين في نهاية المطاف،وهو ما يؤكد أن المفاوضات الجارية حاليا لن يكون لها علاقة بالسلام،بل تتعلق بسحب القوات الأمريكية من البلاد.
ما هومستقبل نظام الحكم في أفغانستان؟
بكل تأكيد، فإمكانية التوصل لإتفاق من قبل الطرفين ،لابد أن يستند إلي مدي استعداد الطرفين من أجل تكييف رؤيتيهما للمرحلة القادمة للبلاد والطريقة التي من خلالها ستتم عملية مشاركة السلطة. حيث تسعى حركة طالبان التي ترفض الاعتراف حتي الآن بحكومة الرئيس أشرف غني، إلى تحويل أفغانستان إلى إمارة إسلامية، وهو ما أكد عليه عبدالغني برادر أحد المسئولين الكبار في حركة طالبان في كلمته في الجلسة الإفتتاحية للمفاوضات حيث قال “أريد من الجميع أن يعتمدوا الاسلام في مفاوضاتهم واتفاقاتهم وألا يضحوا بالإسلام من أجل مصالح شخصية”.
وأضاف “نريد أن تكون أفغانستان بلدا مستقلا ومزدهرا واسلاميا” وأن “تتضمن نظاما اسلاميا يعيش في ظله الجميع بدون تفرقة” وحتي الآن، تكتفي حركة طالبان بتقديم تعهدات ملتبسة لحماية حقوق المرأة من خلال القيم الإسلامية،رغم الضمانات التي تحاول واشنطن الحصول عليها من حركة طالبان بشأن حماية حقوق المرأة في البلاد. أما إدارة أشرف غني فستسعى للحفاظ على الوضع الراهن المدعوم من الغرب لضمان وجود جمهورية دستورية كرست العديد من الحقوق في شتي المجالات بما في ذلك مزيد من الحريات للمرأة.
اذا فمن المتوقع،أن هذه المفاوضات لن تسفر عن المرجو منها سواء فيما يخص احلال السلام بالبلاد،أو بشأن التوافق علي مستقبل المرحلة القادمة في البلاد،في ظل التعارض الشديد في وجهات النظر من كلا الطرفين.
اسلام عبدالمجيد- باحث سياسي، خاص “رياليست”