بروكسل – (رياليست عربي): تدفع 12 دولة منها بلجيكا وإيطاليا وبولندا وسلوفينيا باتجاه إجراء خفض “كبير” لسقف الاتحاد الأوروبي المزمع لأسعار الغاز بينما يبذل التكتل جهودا مضنية من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الإجراء.
وتجري دول الاتحاد الأوروبي مفاوضات عاجلة في محاولة لوضع اتفاق للحد من أسعار الغاز خلال اجتماع لوزراء الطاقة المقرر في 13 ديسمبر لكن الدول لا تزال منقسمة إزاء الخطة وسط توقُّع شتاء قاسٍ، فماذا يعني تحديد سقف للغاز الروس؟ وما هي موازين الربح والخسارة في تلك المعادلة؟
ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا هذا العام بعد أن خفضت روسيا شحنات الغاز في أعقاب غزوها لأوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الوقود ونمو التضخم.
خطة القارة العجوز
وفقاً للمفوضية الأوروبية، فإنّ الخطة تقوم على وضع سقف لأسعار المشتقات في تعاقدات الشهر المقبل، في بورصة “تي. تي. أف”، الموجود مقرها في هولندا؛ تطبيق “سقف الأسعار” سيبدأ إذا تجاوز سعر التسوية في البورصة، لتعاقدات الشهر المقبل، 275 يورو للميغاوات ساعة لمدة أسبوعين، وإذا كانت أسعار “تي. تي. أف” أعلى بمقدار 58 يورو عن السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال لمدة 10 أيام متتالية من التداوُل في غضون أسبوعين. وبالتالي، إذا استُوفيت هذه الشروط، فلن تُقبَل أيُّ صفقات أعلى من السقف المحدد.
وتستهدف الخطّة أيضًا تقليص عائدات موسكو النفطية إلى مستوياتها قبل عمليتها العسكرية في أوكرانيا، مع المحافظة على استمرار وجود الخام الروسي في السوق العالمية، من أجل تجنّب مزيد من الارتفاع في الأسعار، وخصوصاً عندما يبدأ الحظر الأوروبي على واردات النفط الروسية، مطلع الشهر المقبل.
ويرى خبراء أوروبيون أن بموجب الخطّة، ستَحظُر “مجموعة السبع” والاتحاد الأوروبي وأستراليا تقديمَ الخدمات البحرية لشحنات النفط الروسي، ما لم يتم بيع النفط بأقل من الحدِّ الأقصى المحدَّد. وتأمل الدول الغربية الاستفادةَ من سيطرتها على كثير من خدمات التأمين البحري، والتمويل، والشحن البحري في العالم، من أجل إملاء شروط مبيعات النفط الروسية وفرضها.
ولنجاح تلك الخطة يجب أن أكبر عدد ممكن من البلدان الأوروبية وهذا لم يحدث حتى الأن، لأنّ فرض سقف على أسعار النفط لن يكون مُجْدياً إلّا إذا شاركت فيه الدول المستوردة الكبرى، وعلى رأسها الصين والهند.
الانقسام الكبير
تُعَدّ “القارة العجوز” الخاسر الأكبر من خطة “تسقيف” الأسعار، فالمحاولات الأوروبية للضغط على روسيا، عبر التقليل من الاعتماد على الطاقة الروسية، كان لها ارتدادات قاسية على الدول الأعضاء الـ27، ولا تزال، بحيث ارتفعت أسعار الغاز بنسبة 90% تقريباً مقارنة بالأسعار قبل عام، بالإضافة إلى مخاوف من إجراءات الترشيد وانقطاع التيار الكهربائي خلال الشتاء المقبل.
الفشل في تحديد سقف للأسعار جعل البعض يتحدث عن إمكان العزوف عن هذه الخطّة، إذ أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى خلافات سياسية بين الأعضاء بشأن هذه الخطة، ومخاوف تتعلق بأمن الإمدادات.
وأظهرت الخطّة تبايناً لافتاً في وجهات النظر، فبينما تبحث “مجموعة السبع” في سقف يتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل، رأى البعض أنّه سقف مرتفع، في حين عدّه آخرون منخفضاً، وبالتالي لن يؤثر في روسيا.
ومن المعارضين للخطّة، برزت بولندا وليتوانيا وإستونيا، انطلاقاً من أنّ السقف مرتفع للغاية، فهذه الدول تريد تحديد السعر بناءً على تكلفة الإنتاج (تكاليف الإنتاج تبلغ نحو 20 دولاراً للبرميل)
أمّا قبرص واليونان ومالطا – الدول التي لديها صناعات شحن كبيرة، والتي من المحتمل أن تخسر أكثر إذا تعطّلت شِحنات النفط الروسية – فتعتقد أنّ الحد الأقصى منخفض للغاية (لا تريد أن تنخفض أسعارها إلى أقل من 70 دولاراً)، وتطلب تعويضات عن خسارة الأعمال، أو مزيداً من الوقت للتكيّف.
كما حذّرت بورصات الطاقة الرائدة في أوروبا من مخطّط وضع سقف لأسعار الغاز الطبيعي، لأنّ هذا الإجراء من شأنه أن يهدد أمن الإمدادات والاستقرار المالي في المنطقة الأوروبية، كما أضافت أن هذا الإجراء لن يحقق الهدف المطلوب المتمثل بخفض تكاليف الطاقة.
خاص وكالة رياليست.