في خضّم المعارك التي تسيطر على الواقع الليبي، يعود المشهد السياسي ليتصدر الأحداث في ضوء اتفاق أبصر النور في المغرب، قد يوصل طرفا الصراع إلى تهدئة من جانبها إنقاذ الشعب الليبي، وسط ترحيب دولي.
هل من الممكن أن يتفق غرب ليبيا ومع شرقها؟
في أبرز الأخبار على الساحة الليبية، الخبر الذي يتحدث عن اتفاق ما بين المجلس الأعلى في طبرق والمجلس الرئاسي الأعلى في طرابلس، واقعة حدثت في دولة المغرب العربي وبحضور الأمم المتحدة التي رحبت بهذا الاتفاق، وبحسب وكالة الأنباء الصينية “تشينا أورغ أون”، قالت ممثلة الأمم المتحدة المؤقتة في ليبيا ستيفاني جيجارك: “نحن نحي كل الجهود التي تصب في إيجاد حلاً سلمياً للأزمة الليبية، وفي هذا الإطار تبرز مبادرة المملكة المغربية التي جمعت ممثلي المجلس الأعلى للدولة والبرلمان في طبرق. نحن نأخذ بعين الاعتبار ونحي البيان المشترك الذي صدر عن المشاركين في المباحثات وكذلك قرارهم بمتابعة المباحثات في هذا الشهر”.
وفي تفاصيل الاتفاق، الذي تم توقيعه بين ممثلو البرلمان الليبي مع ممثلي المجلس الرئاسي الأعلى في المغرب، لإيجاد حلاً للأزمة القائمة، حيث اتفق الطرفان على تشكيل هيئة جديدة للسلطة بالاعتماد على الكفاءات والابتعاد عن الفساد، بينما الوثيقة النهائية للاتفاق سترفع للمعنيين للمصادقة عليها.
وفي سياقٍ متصل، من المرجح أن يتسلم البعثة الأممية إلى ليبيا، وزير خارجية بلغاريا السابق نيكولاي ملادينوف، والذي شغل في البرلمان الاوروبي بصفة عضو من العام 2007 ولغاية 2009، وفي العام 2010 شغل منصب وزير الدفاع البلغاري إلى أن أصبح وزيراُ لخارجية الاتحاد الأوروبي حتى عام 2013.
ما دور الإخوان المسلمين في أزمة ليبيا؟
أصبح من المعروف أن التنظيم نشط جداً في حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، وزاد الوضع أكثر مما هو عليه مع دخول تركيا العلني والتي هي داعم رئيس لهذا التنظيم، فلقد سرّب أحد القياديين في التنظيم أن السراج وضع الكثير من الجهاديين في مناصب حساسة في الحكومة لدعم سلطته وسطوته، ولكن الأهم للحفاظ على السلطة التي يستشعر خطر زوالها، خاصة مع آخر خلاف بينه وبين فتحي باشاغا وزير الداخلية في الحكومة الليبية، وبحسب المعلومات الواردة أنه عيّن عماد الطرابلسي نائباً لرئيس جهاز المخابرات، كما عين لطفي حريري قادة أحد أشهر التنظيمات في طرابلس نائباً لرئيس جهاز الأمن الداخلي، الأمر الذي أثار حفيظة الليبيين داخل حكومته وعلقوا على هذا التصرف بأن السراج يريد تحويل الحكومة إلى عسكرية للحفاظ على السلطة بالقوة.
وهذا الأمر توافق عليه تركيا التي ترعى التنظيم والذي رأى بثورات الربيع العربي فرصة لإحياء الفتور الذي مر به، وحتى الإرهابيين فوصفهم وفق منهج السياسة التركية والإخوان المسلمين بأنهم “الأداة الناعمة في الربيع العربي”، وصاحب هذا القول هو ياسين اقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يعني أن إشراك التنظيم بالحكومة الليبية وبمباركة تركية هو أمر واقع رغم رفض أغلب الشعب الليبي لهم.
هذا يعني أن أنقرة تريد إحياء دور الإخوان في ليبيا، ويبدو أن ذلك يتحقق تباعاً، فلقد بدأت بتجهيز مبانٍ وتوسعة في مطار الوطية، إضافة إلى إجراء مناورات بحرية على السواحل الليبية تحاكي مهام البحث والإنقاذ.
هل تهادن قوات غرب ليبيا، الشرق؟
يبدو أن الاتفاق لن يكتب له النجاح في ضوء التحشيد العسكري لقوات الوفاق، خاصة استحواذها على أنواع جديدة من الأسلحة واستخدامها الأسلحة الثقيلة في معارك سابقة، لكن ليس ذلك هو الأمر، بل أنها تتحضر لهجوم وشيك على قوات شرق ليبيا وفق ما أعلنه الناطق باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري حيث قال: “إن الجيش الوطني الليبي يلتزم بوقف إطلاق النار المقترح بموجب إعلان القاهرة، ويبقي جنوب وشرق ليبيا تحت حمايته. بينما تستعد تركيا ونظام حكومة الوفاق الوطني لشن هجوم جديد”.
إلا أن الجديد في هذا الأمر وعلى الرغم من التحضيرات لهجوم وشيك وفق إعلان المسماري، إلا أن الخلافات تتعمق يوماً بعد يوم بين حكومة الوفاق وعناصرها المسلحة خاصة “المرتزقة” منهم، فلقد حدث مؤخراً خلاف بين حكومة الوفاق والشركة التركية المسؤولة عن نقل المرتزقة إلى داخل الأراضي الليبية، وحسب المصادر فإن سبب الخلاف يعود إلى زيادة تكلفة نقل المرتزقة الذي زاد لأكثر من الضعف، الأمر الذي رفضته حكومة الوفاق.
أخيراً، يبدو أن الأزمة الليبية مستمرة، فدخول تركيا على خط الأزمة زاد من الأوضاع سوءاً، لجهة تعنت السراج بقرارات تبين مدى اهتمامه بنفسه وطاقمه على حساب دولة وشعب، غير آبهاً بأي وضع يعانون منه، وبالتالي من المتوقع وأد اتفاق المغرب حاله كحال اتفاقية الصخيرات أو إعلان القاهرة، فيما تواصل تركيا مساعيها للإطباق على سرت والجفرة رغم الهدوء الذي يسود فيهما، لكنها تحاول إيجاد مدخل معين من الناحية السياسية بإتباع أسلوب المراوغة والذي تعلمته حكومة الوفاق جيداً، ما يعني أن اتفاق المغرب وما سيليه لاحقاً هو هدر ومضيعة للوقت، بالنسبة للحل السياسي، لكن تركيا مستمرة في إرسال شركاتها للإطباق على كل خيرات الدولة الليبية وخاصة النفط والغاز.
فريق عمل “رياليست”.