تطورات كثيرة تخللت المشهد الليبي هذا الأسبوع، كلها تشير إلى عودة محاولات القوى الأجنبية المنخرطة في الأزمة الليبية إلى تأجيج الصراعات لضمان بقائها أكثر للإستثمار في الأزمة، على حساب أي حل سياسي ينقذ الشعب الليبي.
بماذا تختلف أزمة شرق المتوسط عن ليبيا؟
في غياب أي دور مسؤول للمجتمع الدولي تجاه الأزمة الليبية، بإستثناء بيانات إدانة وإستنكار لات تساوي الحبر الذي كتبت فيه، تترنح الأوضاع الليبية بين مد وجزر، يوضح أن القرار في تأجيج الصراع الليبي – الليبي، لم يكن منذ البداية إلا صراعاً خارجياً، فإلى الآن تقوم حكومة تركيا بدعم حكومة الوفاق ورئيسها، وتتوسع في قواعدها العسكرية الجوية سواء في قاعدة معيتقة أو الوطية الحدودية مع تونس، وتقوم بإرسال شحنات الأسلحة رغم قرار وقف إطلاق النار الأممي، وإرسال المرتزقة من سوريا وغيرها إلى الأراضي الليبية.
وفي أزمة شرق المتوسط حول الأزمة التركية – اليونانية، خرج الإتحاد الأوروبي عن صمته، وفرض عقوبات على تركيا، لأن اليونان عضو في الإتحاد الأوروبي، بعيداً عن عضويتها في حلف شمال الأطلسي – الناتو، الذي فقد هيبته المعهودة جراء صمته هو الآخر عن تصرفات أنقرة، لكن ليبيا ليست عضواً في الناتو ولا في الإتحاد الأوروبي ولا تعني للغرب الأوروبي إلا خزينة واسعة لتسد العجز الكبير في الإقتصاد الأوروبي، وبالتالي، إن تم تجريم تركيا وإيجاد حل في ليبيا، هذا يعني خسارة الثروات الليبية خصوصاً النفط، فإزدواجية المعايير واضحة ولم تعد تنطلي حيلهم على أحد، أنقرة مستمرة في التمدد وبمباركة غربية وإن كانت الخلافات قائمة وشديدة في ملفات أخرى.
لماذا عززت الأمم المتحدة دور الإسلاميين رغم ثبوت تورطهم؟
منذ بداية ملتقى تونس ورغم القرارات التي تمخضت عنه، كان دور الأمم المتحدة هي الأخرى، دوراً وسيطاً إن لم نقل (عميلاً) في تثبيت الإسلاميين في الحكم بليبيا، رغم أن الخراب الليبي وبحسب الشعب الليبي نفسه، يقع على عاتق الميليشيات المنتشرة في محافظات الغرب الليبي، والتي تتبع حكومة الوفاق فقط لمدها بالتمويل، ولا يعنيها أي شرعية دولية ممنوحة لها، ففي كل تجمع لهم يشكلون ليبيا مستقلة بهم، وكل الأخبار التي تتحدث عن الإرهاب والقتل والسلب والخطف، مرتبطة بهم، ورغم ذلك ترى فيهم الأمم المتحدة خير من يمثل ليبيا، لكن لماذا؟
إن هؤلاء موظفين لدى القوى الأجنبية سواء الغربية أو الإقليمية، ومأمورين من الغرب دون وضوح تفاصيل سيدهم الأساسي، لكن لا يراد لليبيا حكماً مستقلاً، بل إمتاز الغرب بأن يكون شكله ودوره إستعمارياً لكن بمسميات عصرية على شكل منظمات، فلا يعني لهم رأي الشعب الليبي، ولو كان ذلك صحيحاً لحدث إستفتاء بسيط يوضح رفض الشعب الليبي لهؤلاء، فلقد أضجت ليبيا مستقراً لكل أشكال التنظيمات والميليشيات الإرهابية، زد على ذلك نشاطات جديدة لتنظيم داعش في جنوب البلاد، ما يعني أن هناك قرار بتحريك كل الأذرع الإرهابية للقبول بالتسوية السياسية والقبول بالأسماء التي فرضتها الأمم المتحدة، فإما القبول أو إكمال المعارك وزيادة معاناة الليبيين، فهذا الأسلوب يتم إستخدامه الآن في سوريا وفي العراق وفي لبنان، فكلما تم خنق الشعوب كلما سهلت السيطرة عليهم، رغم الخطأ الكبير في هذا الأمر، لكنهم يرون فيه حلاً سحرياً، لتحقيق مصالحهم على حساب أمان وإستقرار الشعوب.
وفي سياقٍ متصل، تتواصل الإتهامات بشأن روسيا وإرسالها لمقاتلين من شركة (فاغنر) رغم تفسير هذه التقارير من جانب موسكو وتوضيحها، ورغم كذب الإدعاء، وعدم وجود أدلة تؤكد صحة هذا الكلام، فهم يريدون إتهام روسيا لكن كل ما تقوم به تركيا، غير مرئي بالنسبة لهم، متا يؤكد مرة جديدة أن المجتمع الدولي، مجرد واجهة لكل أشكال الإستعمار، كما أشرنا أعلاه.
هل يعيد توحيد سعر الصرف المال المنهوب؟
قرر مصرف ليبيا المركزي توحيد سعر الصرف للعملية الليبية مقابل العملات الأجنبية الأخرى، منهاً لغسيل الأموال، بعد أن وصلت أوضاع الشعب الليبي إلى الحضيض، حيث إعتبروا أن هذه الخطوة ستساهم في تحسين ظروف معيشة الليبيين.
لكن لم يتم ذكر أن من نهب المال العالم وسرقها هم من جسد المسؤولين الليبيين الذين من المفروض أنهم يحملون هموم شعبهم ويريدون إنقاذه، فلقد ثبتت عمالة مسؤولين كثر وإرتهانهم للأجنبي، خاصة بعد الحرب الأخيرة بين رئيس الشركة الوطنية للنفط ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، لتنكشف من هذه الحرب أن هناك مئات الملايين من الدولارات قد تبخرت بينما الشعب الليبي وهو الذي ينتمي إلى دولة يشكل النفط وحده فقط فيها 95% من الدخل القومي للبلاد، لا يوجد لديه كهرباء، خاصة بعد النشاط الأخير للميليشيات التي تسرق كابلات الكهرباء دون معرفة من الجهة التي تطلب منهم ذلك، تماماً كما في سوريا، ما يعني أن توحيد سعر الصرف، لن يغير من الأوضاع شيء لأن التغيير الحقيقي يبدأن بتوحيد المواقف ووضع الخلافات السياسية جانباً إن كان هناك فعلاً من يريد إنقاذ هذا البلد.
أخيراً، إن الأوضاع الليبية لن تتغير، لأنه لا يُراد لها التغيير، وعلى دول الجوار الليبي توحيد موقفهم للخرود بموقف حازم يجبر المجتمع الدولي على الإذعان لما يريده الليبيين، وهنا نتحدث عن محورية دور مصر ومن بعدها الجزائر التي أشغلوها بالأزمة الصحراوية مجدداً، لكن هي محاولات قد تغير واقع اللاعبين خاصة تركيا التي آن أوان نهاية دورها التخريبي ليس فقط في ليبيا بل في كل دول المنطقة.
فريق عمل “رياليست”.