م يحدث الكثير من التغييرات على المشهد الليبي هذا الأسبوع، حيث بقيت الأمور تراوح مكانها، بإستثناء بعض الأحداث الإقليمية ذات الصلة بالأزمة الليبية.
هل مصر مستعدة لمساعدة ليبيا؟
قال رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، محمد فريد حجازي، إن مصر ستدعم ليبيا في حالة حدوث استفزازات من تركيا ومسلحي حكومة الوفاق الوطني، حيث تراقب سلطات القاهرة بعناية تحركات الطائرات التركية في ليبيا.
لا شك أن التوتر في ليبيا يهدد الأمن القومي المصري خاصة ممارسات القوات التركية، وعلى الرغم من أن الحذر المصري قائم، والإحتياطات اللازمة مؤمنة، لكن لا يزال التهديد قائماً ولا يمكن أن تعتبر القاهرة هذا الأمر غير خطير إلى أن تستقر الأوضاع الليبية، وهذا على المدى المنظور غير ممكن أبدأ، إذ أن القيادة المصرية تعي دور أنقرة الذي تلعبه في ليبيا خاصة لجهة محاولة بقاء قواتها ومرتزقتها إلى أجلٍ غير مسمى، وباتت مصر والحكومة الليبية الشرقية على قناعة بأن بند خروج المقاتلين الأجانب من البلاد لن يتحقق بالسهولة المرجوة مع بداية الإتفاق وبالتالي، من الطبيعي أن تستشعر مصر الخطر القابع على حدودها، ويستوجب ذلك التدخل المصري بشقيه السياسي والعسكري، فلقد جربت مصر المحاولات السياسية ورأت بأم العين كيف أن التركي دائم التعطيل لأي حل، ما يعني أن هناك أيضاً على ما يبدو تنسيقاً مصرياً مع قوات شرق ليبيا لتعاون عسكري إن إحتاج الأمر إلى ذلك.
هل ستفشل الهدنة الليبية؟
يعي مسؤولو القيادة الشرقية محاولات حكومة الوفاق عرقلة الهدنة ونسفها من خلال الإنتهاكات التي تحاول فيها جر القوات الشرقية إلى نقض الهدنة، لكن الأخيرة إلى الآن ملتزمة ولن تنسف ما تم بناؤه لأجل التركي الذي بدوره يضغط على حكومة الوفاق، خاصة وأن القيادات في بنغازي رصدت مؤخراً التحركات التركية الكثيرة كنقل المرتزقة والسلاح إلى ليبيا، إلى توسع قاعدة الوطية الجوية من قبل الأتراك، ما يعني أن الملفات المأمول إيجاد مخرج لها، لن تجد أية حلول لا حالية ولا مستقبلية لأن أنقرة متدخلة في ليبيا حتى النخاع.
فلن ينسف الجنرال خليفة حفتر هذه الهدنة وبذلك يكون قد قطع الطريق على أنقرة المعرقلة، خاصة وأن شكل المرحلة المقبلة واضح المعالم، يريد المحور الآخر، عودة الأمور إلى المربع الأول وعودة الإشتباكات وبالتالي، على الرغم توافق الأطراف الليبية في مسارات 5+5 المختلفة، على وقف العمليات العسكرية وإخراج المرتزقة من بلادهم، تستمر تركيا في تحركاتها المشبوهة لإغراق البلاد بالسلاح والعمل على تجدد المواجهات، لكن تم سد الطريق عليها، فكما هي داعمة لقوات غرب ليبيا، إن المنطقة الشرقية أكثر تنظيماً، والمؤسسة العسكرية لديها مترابطة ومنظمة على عكس الغرب الليبي المنقسم سياسياً وأمنياً.
لماذا هناك إمتعاض ليبي من الأمم المتحدة إلى الآن؟
لا تزال أصوات الليبيين مترفعة وشديدة اللهجة على الأمم المتحدة، فعلى الرغم من إنتهاء ملتقى تونس للحوار الوطني الليبي، لا تزال أصداءه مستمرة إلى الآن، فلقد إستنكر نواب ليبيين ما قامت به المسؤولة الأممية ستيفاني ويليامز التي لولاها ولولا المنظمة التي تعمل بها، لما تجرأ أحد من الإسلاميين والإخوان المسلمين على حضور الملتقى، وبالتالي لم يلقَ ذلك قبولاً لدى غالبية الشعب الليبي بما فيه الحكومة الشرقية، بعد تكشف الأدوار الحقيقية للغرب الطامح هو الآخر بأخذ الحصة الأكبر من الكعكة الليبية.
لكن وكما هناك أحداث سلبية، واضحة لضرب هذا البلد الذي لا يراد له العيش الكريم، تبقى هناك فسحة أمل، أدخلت البهجة إلى قلوب محبي ومناصري المعتقل، عالم الإجتماع الروسي مكسيم شوغالي ومترجمه سافر سويفان، اللذين تم تحريرهما بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة الروسية، خصوصاً وزارة الخارجية، لتخرج مواطنيها بعد إعتقال دام عام ونصف العام في سجن معيتقة الواقع تحت سيطرة قوات الردع بقيادة الإرهابي عبد الرؤوف كاره، التابعة لوزارة الداخلية التي يترأسها فتحي باشاغا، وبصرف النظر عما كانت نوايا حكومة الوفاق ضد روسيا، لكنها نقطة إيجابية تسجل لحكومة غرب ليبيا، وقد تكون بوساطة تركية، لتستثمرها لاحقاً بأمرٍ ما ضد روسيا من الناحية السياسية.
من هنا، إن الأزمة الليبية، أزمة طويلة الأجل، تتفاوت المصالح الأجنبية فيها، لكنها متسقة فيما يتعلق بإطالة أمد الصراع ونسف الجهود الإقليمية والدولية، فكما كانت الأعوام الماضية هي أعوام الدمار على عدة بلدان عربية ومن بينها ليبيا، فقد يكون مطلع العام القادم هو عام التسويات، إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تتطلع لذلك، على الأقل بما يتعلق بمسألة التدخل التركي في ليبيا، لكن الأكيد، أن القيادة الشرقية رغم أنها لم تُمنح شرعية دولية، لكنها فرضت نفسها بقوة على الساحة الدولية وأثبتت أنها خصماً لا يستهان به، وعلى كل المتدخلين عدم تجاهلها لأنها هي الأخرى تستطيع أن تنسف بناء التحالفات للقيادة الغربية وفي مقدمتها تركيا إن إستشعرت عجز المجتمع الدولي الذي إلى الآن لا يقوى على قول الحقيقة حل أن الوجود التركي غير شرعي وهو إستعمار بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فريق عمل “رياليست”.