بدأ الاتفاق التاريخي بين القيادتين الشرقية والغربية في ليبيا يقطف ثماره، حيث تدرس الأطراف إمكانية استئناف الرحلات الداخلية، فضلا عن إمكانية إجراء المزيد من الحوار السياسي، ما يعني الأوضاع إلى مزيد من الاستقرار، إلا إذا تم التخريب من قبل القوى الخارجية.
هل كان الاتفاق النفطي فعلاً ممراً لعودة المفاوضات؟
شكل الاتفاق الأخير بين الجنرال خليفة حفتر وأحمد معيتيق جسراً حقيقياً لإستئناف المفاوضات السياسية ونقل البلاد إلى نوع من الاستقرار بعد إنهاك ليبيا طوال عشر سنوات، وعلى الرغم من الأصوات المعارضة لذلك، إلا أن مؤشرات العمل السياسي بدأت تتكشف ملامحها، ما يعزز فرضية أن الاتفاق النفطي عبارة عن جسر وممر حيوي لنقل البلاد نحو إستقرارٍ سياسي وإقتصادي، لعل باكورة هذا الأمر جاء من خلال بحث مسألة إستئناف الرحلات افي الداخل الليبي، وبحسب المعلومات أن هيئة الطيران المدنية الليبية، تخطط لاستئناف الرحلات الجوية بين شرق وغرب البلاد، حيث أرسلت طلب إلى جميع شركات الطيران في ليبيا، وقال مسؤولون إن هذا سيسهل بشكل كبير تنقل المواطنين الليبيين بين مختلف المناطق. إن استئناف الحركة الجوية دليل على تقارب مواقف شرق البلاد وغربها من قضية التسوية السلمية التي مهد إليها كما أشرنا إتفاق حفتر وميعيتق مؤخراً.
هل جددت القوى الإقليمية مسؤوليات الإخوان المسلمين في ليبيا؟
مع تقديم واجب العزاء في وفاة أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، حط رحاله الرئيس التركي في منطقة الخليج مقدماً تعازيه بأمير الكويت، ليغادرها بنفس اليوم إلى قطر، ليتكشف مباشرةً بعد ذلك مخططاً من قبل أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، لتعطيل الجهود السياسية خاصة مجريات مؤتمر برلين في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وبحسب تقارير إعلامية، أن ناقش رئيس “المجلس الأعلى للدولة”، خالد المشري، في 4 أكتوبر/تشرين الأول، في اتصال هاتفي مع أمير قطر تميم بن حمد، آفاق الإخوان المسلمين على خلفية جهود المجتمع الدولي لحل الأزمة في ليبيا. وبالتالي خرجت معلومات تتحدث عن محاولة من قبل الإرهابيين لتعطيل المؤتمر الثاني في برلين.
يأتي هذا الأمر كما أسلفنا لتعطيل وعرقلة الجهود الرامية نحو الحل وبدفعٍ إقليمي، فلقد واصلت الفصائل الإرهابية التابعة لهذا التنظيم، إرتكاب الجرائم والتفلت من العقاب جراء إنضمام معظم هذا التنظيم إلى صفوف القوى الأمنية التابعة لوزارة الداخلية التي يقودها فتحي باشاغا المنحدر من مدينة مصراته التي تعتبر معقل الإخوان المسلمين في ليبيا.
هل سبب الأزمة الليبية سياسي أم إقتصادي؟
لا شك بأن الأوضاع الاقتصادية الليبية أكثر من سيئة، وتفاقمت أكثر في ضوء توقف إنتاج النفط العامل الأكبر في إغناء البلاد ومصدرها الأول إقتصادياً، ولكن حتى مع نجاح الاتفاق النفطي الأخير يبدو أن حجة الاقتصاد المنهار ليست المشكلة الأساس في الصراع الليبي، فلقد توضحت الأمور لجهة أن الصراع أمني وسياسي، فما من مبادرة يتم تبنيها سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي إلا وتحاول الأطراف ذاتها تخريب تلك الجهود، ليتأكد للمتابع أن الأزمة أمنية أكثر منها إقتصادية، رغم أن الأخيرة لها دلالات واضحة كممهد للإستقرار السياسي إن توفرت الإرادة الحقيقية لنجاحها، إلا في المسألة الليبية غير متوفرة للأسف، وهذا ما ينتهجه بعض ساسة حكومة الوفاق الوطنية الليبية حتى اليوم.
فرغم الاتفاق الأخير الذي دفعت مؤشراته نحو بوادر حل ومفاوضات مقبلة خاصة فيما يتعلق بمسألة تقاسم السلطة وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مقبلة، لكن طبيعة التدخلات الإقليمية والدولية وصراع الأقطاب في القارة الأفريقية لن يسمح بالخروج من هذا الملف صفر اليدين، وبالتالي إن لم يتم توافق بحسب المؤتمرات والمحادثات التي ستتم وبرعاية أممية، قد يعطل حكماً الوضع الاقتصادي، ما يؤشر إلى حدوث أعمال إرهابية ما على سير عملية الإنتاج النفطي والتي إقتربت من نهايتها بحسب المهلة الموضوعة من قبل الجنرال خليفة حفتر والتي هي مدة شهر كامل قابل للتمديد وقابل للإيقاف طبقاً للظروف والمستجدات الطارئة.
من هنا، وعلى الرغم من إنتهاج الساسة العقلاء في ليبيا إلى كل الأدوار التي من شأنها إيجاد توافقات وصيغ سياسية مقبولة لدى الطرفين، لكن عاد وخفت هذا الأمل لدى الشعب الليبي، إذ أن ممارسات الإرهابيين في ليبيا لم تتوقف ولم تتوضح معالم حل مرتقب سوى إعلانات حول حل غير واضح المعالم أو الطبيعة، وهذا مرده كما أسلفنا إلى التدخل الخارجي الرامي إلى التصعيد، ما يضع فرضية إن صحت يتأكد ذلك، وهي رجوع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق عن الإستقالة، فإن عاد عنها، يعني أن مخطط جديد يحاك من قبل الدول الداعمة له وللقوات الغربية بشكل عام، ما ينسف كل الجهود التي قام بها نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي في حكومة الوفاق أحمد معيتيق ويعيد الأوضاع إلى المربع الأول.
فريق عمل “رياليست”.