لماذا تعطل حكومة الوفاق الحوار السياسي؟
على الرغم من أن الاتفاق النفطي حقق قفزة نوعية لجهة الاتفاق بين القيادة السياسية لغرب ليبيا مع القيادة الشرقية، في نقاط تم تحديدها قد تنقل البلاد إلى وضع إقتصادي أكثر من جيد، في حين أن المنطقة الشرقية بقيادة الجنرال حفتر كانت قد حددت مدة الاتفاق شهر، لكن مع التطورات المتلاحقة من الممكن أن يتطور إلى أكثر من هذا الوقت، رغم العقبات التي إعترضت الاتفاق لكنه أصبح أمر واقع بفعل عرابه ومهندسه أحمد معيتيق، نائب المجلس السياسي في حكومة الوفاق.
هذا الأمر مهد لإيجاد تفاهمات سياسية تنقل ليبيا إلى إنتخابات برلمانية ورئاسية ومشاركة في السلطة، لكن سياسي حكومة الوفاق يرفضون هذا الجانب، وزجوا بالثوار، مستخدمين الأطفال في مظاهرات ترفض أي حوار سياسي، فلقد طالبت الوفاق بأن يشارك الثوار “المسلحين” في تلك المحادثات وهو أمر لا يمكن له أن يتحقق، فما تريده الوفاق هو تعطيل هذا المسعى والعمل إلى إفشال الاتفاق النفطي لاحقاً.
إذ ان التعطيل هنا، يعني وحدة ليبيا، لكن إن تحقق هذا الأمر، لن يكون هناك تدخلات أجنبية وكل الوجود الأجنبي سيخرج ما إن يتحقق ذلك، وبالتالي هناك ضغط على حكومة الوفاق لإفشاله والإبقاء الصراع مفتوحاً.
بعد الاتفاق النفطي، هل تستمر العمليات العسكرية؟
إن نقل البلاد إلى وضع إقتصادي جيد، من شانه أن يفتح شهية الإرهاب مجدداً للسيطرة على حقول النفط التي تم إعادة تأهيلها وإدخالها إلى الخدمة، مع توقعات أن يصل إنتاج النفط الليبي من مختلف الحقول النفطية إلى ما يقارب 500 ألف برميل يومياً، لكن هذا الأمر لكي ينجح يحتاج إلى تكثيف الجهود العسكرية لحماية تلك الحقول، فمن المتوقع أن تشهد هجمات مستقبلاً، ليصار إلى إتهام الأطراف بعضها ببعض، ما ينسف الاتفاق، وهذا هو المراد إن لم يتم علاج هذا الملف.
فلقد أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الليبية، إستمرار القتال ضد التهديد الإرهابي في ليبيا، خاصة وأن هناك معلومات تتحدث عن فتح المطارات الليبية في الجنوب وإستئناف رحلاتها قريباً.
هذا الواقع يحتاج إلى القضاء على الإرهاب، أو على الأقل الحد منه، ليستطيع الفريقين إستكمال الإتفاقات رغم محاولات التعطيل، لكن فيما يبدو أن هناك إرادة حقيقية لإعادة الأمور إلى وضع مقبول يناسب بالمقام الأول الشعب الليبي الذي يعاني أوضاعاً أمنية وإقتصادية صعبة جداً، في بلد هو الأغنى في القارة الأفريقية.
هل خفت الدور التركي في ليبيا؟
إن الوضع الحالي لليبيا يبين أن لا أدوار خارجية دولية أو إقليمية تذكر، لكن يبدو أن ذلك، ليس إلا هدوء ما قبل العاصفة، فلقد واصلت تركيا إرسال طائرات بلا طيار ووضعها ضمن ترسانة حكومة الوفاق، وإرسال طائرات شحن عسكرية خرجت من قاعدة قونيا التركية في طريقها إلى قاعدة الوطية الجوية الليبية الواقعة تحت سيطرة القوات التركية، ما يعني أن هناك ضغطاً تركياً على حكومة الوفاق، وإن صحت التوقعات من الممكن أن تضغط أنقرة على رئيس الحكومة فائز السراج، من خلال ردعه عن تقديم إستقالته، المتوقعة أن تكون في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
على المقلب الآخر ذكرت أنباء عن إستخدام طائرات عسكرية تابعة لحكومة الوفاق، قامت بنقل مرتزقة سوريين إلى منطقة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، ما يعني ان الوجود التركي لا يزال يستثمر في ليبيا، وعلى أكثر من جبهة إقليمية.
فلا يبدو أن هناك نهاية للدور التركي على الأقل في المدى المنظور، إلى أن تحدد التفاهمات السياسية أطرها، لتستطيع ليبيا التفرد بقراريها السياسي والعسكري.
من هنا، إن تعقيدات المشهد الليبي تتصاعد لجهة إفشال المساعي الرامية لإنقاذها من الإنقسامات الحاصلة في أروقتها السياسية بين القوى في الغرب وفي الشرق، فلقد أثبت أحمد معيتيق أنه مهندس الاتفاق النفطي، وعرابه في حين أن باقي الساسة الليبيين في حكومة الوفاق ينتهجون مواقف مغايرة لذلك، ما يعني أن المهلة التي وضعها الجنرال حفتر هي فترة إختبار حقيقي لإكتشاف نوايا حكومة الوفاق الحقيقية إزاء الوضع الاقتصادي، فعلى الرغم من الترحيب الدولي في الوضع الاقتصادي الجديد لكن القوى الأجنبية المنخرطة في هذا الملف ستعمل على الإفشال لتبقى على تحكم واسع بالقرار السياسي على الأقل للقيادة الغربية، وبنفس الوقت يستبشر الشعب الليبي خيراً من الاتفاق النفطي، ما يرفع أسهم معيتيق كأن يتبوأ منصباً سياسياً مستقبلاً وبرضى وتوافق جميع الأفرقاء الليبيين.
فريق عمل “رياليست”.