شهدت سوريا في هذا الأسبوع تطورات لافتة، لجهة العمل الميداني للقوات السورية والروسية، في ضربة للفصائل الإرهابية، هي الأعنف منذ العام 2015.
ما أسباب تفكيك تركيا لنقاط المراقبة العائدة لها؟
تفاجأ المتابعون من تفكيك القوات التركية من أكبر نقطة مراقبة تابعة لها في مدينة مورك، بريف حماة، المحاصرة من كل الجهات من قبل الجيش السوري، ونقلها إلى مناطق أخرى من ريف إدلب، ما يلغي فرضية الإنسحاب بل هي عملية تغيير موقع، إذ لا فائدة مرجوة من بقاء القوات التركية وهم محاصرون لا يستطيعون تنفيذ أي مهمة، اللافت أن هناك عدة إنسحابات ستقوم بها القوات التركية والتوقعات حددت سقفاً زمنيا لها حتى نهاية العام الحالي، أيضاً لذات الأسباب بما يتعلق في نقطة مورك، وما يليها هي نقطة رقم /11/ في منطقة شيرمغار المطوقة من قبل القوات السورية، ليليها لاحقاً الإنسحاب من معرحطاط في ريف إدلب الجنوبي والصرمان وتل طوقان في ريفها الشرقي بالإضافة إلى بقية النقاط الواقعة بمحاذاة طريق عام حلب حماة، والمعروف بطريق “إم -5”.
هذا الأمر مرده عدم الفائدة من وجود قوات تركيا في مناطق محاصرة كما أشرنا أعلاه، لكن لا يمكن لأنقرة الخروج خاسرة، فهي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة من الشمال السوري، وسحب قواتها من النقاط المذكورة سيدعم نقاط أخرى متواجدة والتي هي عبارة عن نقاط دعم تسليحي ولوجستي للفصائل الإرهابية، وكانت تستخدم منطلقاً للإرهابيين في إستهدافات سابقة للقوات السورية.
فلقد نقل الجيش التركي هذه النقاط إلى المواقع المتقدمة التي ستعيق أي تحرك قادم للجيش السوري، فالنقاط المتبقية هي على تماس مباشر مع القوات السورية، والخطة التركية تقتضي بخلق واقع جديد من خلال هذا الأمر ما يعني أن الجيش السوري سيضطر للإلتفاف عن نقاطها لتجنب أي صدام معها بموجب التفاهمات التركية مع موسكو، وهذا ما تريده أنقرة تماماً فلقد دعمت نقاطها بعتاد متطور من دبابات ومدفعية وأسلحة دفاع جوي.
هل أصبحت الطائرات بدون طيار بديلاً عن المقاتلين؟
أعلن الجيش الأمريكي عن إنشاء مركز تدريب متطور لتدريب ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية – قسد على الحدود السورية – العراقية عند معبر اليعربية غير الشرعي العائد للقوات الأمريكية، بريف الحسكة الشمالي الشرقي، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لتدريبهم على أسلحة متطورة من بينها طائرات بدون طيار، بعد أيام قليلة من إعلان التحالف عن إنشاء قاعدة جوية جديدة في تلك المنطقة.
التدريبات التي سيتدرب عليها عناصر قسد هي آلية مراقبة الحدود بين سوريا والعراق، وتنفيذ عمليات إنزال مظلي، إضافة إلى التعامل مع أجهزة التعقّب والمتابعة المقدمة من التحالف الدولي لهم، واستخدام طائرات بدون طيار وصيانتها.
هذا الأمر تزامن مع فتح قسد لمخيم الهول والبدء بإرسال العائلات إلى مناطق في ريف الرقة، والسيطرة على مبانٍ حكومية سورية في الحسكة وطرد سكان عدة مباني من منازلهم وإحتلالها تحت تهديد السلاح، وتحويلها إلى مقار عسكرية تعود لقسد، فالتوقعات من هذه الخطوة تشير إلى ما بعد فترة التدريب وهي البدء بتنفيذ هجمات على مواقع للجيش السوري ومناطق العشائر السورية بعد تصاعد في الهجمات ضد قيادات قسد وعناصرها، وتجدر الإشارة إلى أن قسد إلى الآن لم تقم بأكثر من عمل أو إثنين ضد القوات التركية، بل جل أعمالها كانت في الغالب ضد سكان المنطقة.
هل تنجح روسيا في مبادرتها التي اطلقتها حول المهجرين السوريين؟
قام وفد روسي رفيع المستوى بزيارة إلى كل من الأردن ولبنان وسوريا من مبادرة أطلقتها روسيا الإتحادية لعودة المهجرين إلى بلدهم، مع إطلاق مؤتمر دمشق حول المهجرين المقرر عقده في موعد لم يحدد بعد من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، والوفد الروسي برئاسة مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف.
هذه المبادرة على الصعيد النظري كتب لها النجاح، لكن على صعيد التطبيق، الجميع يعلم أن لبنان محكوم من قبل قوى إقليمية ودولية تتحكم في قراره، ومسألة المهجرين رغم أنها أثقلت كاهل لبنان وأعبائه الإقتصادية، لكنها خطوة قد لا تتحقق، إذا كان هناك إستثماراً سياسياً متعلقاً بها، كذلك الأمر بالنسبة إلى الأردن الذي إستخدمت كل المخابرات الدولية أراضيه في بداية الأزمة السورية “غرفة الموك”، أيضاً الأمر مرهون بتحالفات الأردن العربية والأجنبية.
على الصعيد السوري، عودة المهجرين مطلب سوري رسمي، لكن تواجدهم في بلدان الجوار أمر لا تستطيع إجبار الحكومات تلك عل إعادتهم ما عن يصدر على الأقل قراراً دولياً يتعلق بوضعهم، خاصة وأن هذا النزوح لم يكن بفعل آلة الحرب، بل كان مخططا ًسياسياً ولعل أفضل من إستثمر فيه وإبتز الغرب هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وهنا يكمن الدور الروسي في تذليل العقبات الموجودة لإيجاد صيغة تفاهمية تعيد اللاجئين إلى منازلهم خاصة وأن أجزاء كثيرة من سوريا تم تحريرها من الإرهاب.
من هنا، إن التعقيدات السورية لا تزال موضع تداول إقليمي ودولي، وبدأ الصراع يأخذ شكله الخارجي شيئاً فشيئاً مع توسع رقعة الصراعات، فالحرب السورية أفرزت خصوماً ولاعبين وباتت هناك حروب غير معلنة سواء بين تركيا أو روسيا، أو بين الأخيرة والولايات المتحدة، ودعم واشنطن للحركات الإنفصالية، فقضية المهجرين أو الإنفصال أو التحشيد العسكري ما هي إلا فصل جديد من بداية مرحلة جديدة لم تتشكل بعد.
فريق عمل “رياليست”.